Author

الهدر وصلاحية الدواء

|

تتبنى الهيئة العامة للغذاء والدواء مشروعا وطنيا مهما يستهدف التعامل مع تواريخ صلاحية الأدوية، للتأكد من دقة التواريخ وإمكانية تمديدها دون التأثير في المستخدم. يأتي هذا التوجه بسبب كميات الهدر العالية والتخلص منها بسبب انتهاء تواريخ الصلاحية.
يهدف المشروع إلى حماية المستهلك وحماية الاقتصاد في الوقت نفسه، فالكميات التي تستوردها المملكة من الأدوية تتجاوز كل التوقعات، والإنتاج المحلي في المجال لا يزال غير مؤهل للتفاعل مع أي مستوى معقول من الاحتياج الذي يحكمه استهلاك غير مقنن. الأزمة التي لا تزال عالقة بالأذهان التي لم يتم حلها ولا يبدو أن لها حلا في المدى المنظور ـــ رغم أن التفكير الاقتصادي مسيطر في الفترة الحالية ــــ هي حقيقة أنه لا يوجد تقنين لكميات الأدوية التي تصرف للمرضى كما هو معمول به في أغلب دول العالم.
ناقشنا في الماضي إيجاد رقم موحد تتم من خلاله السيطرة على كل منافذ الأدوية في المملكة، حيث نتأكد أن كل مريض يحصل على احتياجه من الدواء، وليس أكثر من ذلك. لا يزال هذا جزءا من نقاش دائر بين النخبة، لكنه لا يصل إلى مواقع التنفيذ حيث نجد الكميات تهدر وكثير من المحتاجين لا يجد ما يغطي حاجته.
هذا التناقض بين الوفرة والنقص داخل مجتمع واحد وبيئة يمكن من خلالها السيطرة على الكميات المستوردة، بل حتى دعم الصناعة الوطنية على الوجود بقوة في السوق لتحمي الاقتصاد من كميات الفاقد المالي العالية حيث تستفيد من الاستيراد دول كثيرة قدراتها الصناعية وإمكاناتها العلمية أقل من المملكة بكثير.
لهذا أعتبر هذا المجهود وطنيا ومهما في الوقت نفسه كوسيلة للسيطرة على الاستهلاك المحلي. لكنه في الوقت نفسه واحد من عناصر تكوين قاعدة البيانات المهمة التي تدفع باتجاه توفير الاحتياج كمهمة أساسية من مهام المنشآت الصحية والمنظمات التي تحكم توافر هذه الأدوية، وفي الوقت نفسه إيجاد الدعم والمعلومات اللازمة للتعرف على الفرص الاقتصادية المتاحة لقطاع الأعمال السعودي للدخول في مجال صناعة متقدمة يحتاج إليها كل مجتمع.
هنا أدعو وزارة الصحة ومختلف الجهات العاملة في المجال لتكون جزءا من التركيبة الجديدة الحامية للدواء من الهدر من خلال قاعدة بيانات تفاعلية متوافرة للجميع.

إنشرها