FINANCIAL TIMES

سيارة الغد تقطع مسافة مليون ميل بلا سائق

سيارة الغد تقطع مسافة مليون ميل بلا سائق

تم وضع صور مستقبلية للسيارات عبر معرض الإلكترونيات الاستهلاكية هذا الأسبوع، في الوقت الذي يركز فيه أكبر تجمع للتكنولوجيا في العالم أنظاره على العصر المقبل، للسيارات المبتكرة بدون سائق.
كان هناك تفصيل في غاية الأهمية لم يذكر في العروض الزاهية البراقة: قد تحتاج السيارات الجديدة إلى أن تخدم مسافة مليون ميل، على الطريق.
يقول جوهان جونجويرث، كبير الإداريين الرقميين في شركة فولكس واجن: "هذا موضوع نعمل عليه بشكل مكثف الآن".
ويوضح أن المتانة وطول العمر سيكونان من الأمور الضرورية للمركبات ذاتية القيادة، لأن ذلك سيكون جزءا من أساطيل النقل التي تكون في استخدام شبه مستمر.
ويقول: "أستطيع أن أرى حياة السيارة تصل إلى نصف مليون أو حتى مليون ميل أو أكثر"، مشيرا إلى أن برامج تجديد السيارات سوف تساعد على تمديد عمر السيارة. ويضيف "هذه المعايير تحتل الآن أهمية متزايدة في المستقبل".
سوف يمثل هذا التحول تعطيلا هائلا لشركات صناعة السيارات، في الوقت الذي ينطوي فيه ظهور أساطيل مستقلة من السيارات الكهربائية، على القدرة على قلب نماذج أعمالها التقليدية.
تشير تقديرات شركة ماكينزي الاستشارية، إلى أنه بحلول عام 2030 ستستخدم واحدة من بين 10 مركبات مبيعة من أجل مشاركة الركوب، وأن مبيعات المركبات الخاصة ستتباطأ نتيجة لذلك.
جميع شركات صناعة السيارات الكبرى، التي سيعرض كثير منها أحدث منتجاتها في ديترويت هذا الأسبوع، في معرض أمريكا الشمالية الدولي للسيارات، ستختبر السيارات ذاتية القيادة: تقول شركة جنرال موتورز إنه سيكون لديها أسطول تجريبي لسيارات الأجرة الروبوتية على الطريق في العام المقبل. وقالت شركة فولكس واجن إنه ستكون لديها أساطيل واسعة النطاق توزع على مدن متعددة في عام 2021.
السيارات المبتكرة مثل إي - باليت من تويوتا وسيدريك من فولكس واجن ومرسيدس F015 تظهر أن شركات صناعة السيارات تعتزم أن تكون تصاميم هذه المركبات مختلفة جذريا، عن أي شيء في السوق اليوم.
في صناعة السيارات، ممارسة تصميم المركبات ذات العمر الطويل لا تخلو من سابقة. حيث يتم تصنيع شاحنات المسافات طويلة والمركبات ذات الأغراض الخاصة مثل سيارات الأجرة السوداء في لندن، لتستمر لمسافة تصل إلى مليون ميل مع الصيانة المناسبة.
عادة ما يستبدل مالكو السيارات سياراتهم بعد عشر سنوات أو قطع 100 ألف ميل، وتلك السيارات تبقى خاملة طوال الوقت، ولكن مع استمرار النمو في خدمات النقل مثل شركات أوبر، وليفت وديدي الصينية - ويحتمل أن تصبح ذات قيادة مستقلة - سيكون لدى أصحاب أسطول النقل متطلبات مختلفة تماما.
يقول كريس أورمسون، المدير التنفيذي لشركة أورورا، وهي شركة ناشئة للمركبات ذاتية القيادة في وادي السيليكون، وهي واحدة من رواد فريق السيارات ذاتية القيادة في شركة جوجل: "الاقتصاد سوف يكون مدفوعا بانخفاض قيمة السيارات، خاصة بالنسبة للنقل كخدمة، فكلما طالت فترة الحفاظ على هذه السيارة على الطريق، كان الاقتصاد يبدو أفضل".
لجعل هذه الأساطيل مستقلة القيادة تدوم لفترة أطول، تتخيل شركات صناعة السيارات وموردي المكونات أن أجزاء مختلفة من السيارة سيتم استبدالها بمعدلات مختلفة.
بول واربيرتون، نائب رئيس السيارات في شركة فوجيتسو، مجموعة التكنولوجيا اليابانية، يقارن المركبات المستقبلية بكيفية صيانة طائرات الركاب - استثمارات طويلة الأجل يجري تجديدها مدى عمرها من خلال مقاعد وأجزاء محرك جديدة.
وأشار إلى أن كثيرا من الطائرات لا تزال تحلق مع أنها تبلغ من العمر 30 عاما. ويقول: "سوف يقود الناس السيارة لفترة أطول، ويحافظون على صيانتها بمستوى أعلى".
مثل الطائرات، سيتم تقديم الخدمة للمركبات على أساس تنبؤي مع صيانة تجري لها مقدما بحيث لا تتعطل السيارة أبدا على جانب الطريق. وقال واربورتون: "على سبيل المثال، بالنسبة لمصنعي المقاعد، فإن المقعد سيتأثر في كل مرة يتم استخدامه، وعندما يُبلى، سيتم استبداله.
ويتوقع أن هذا سيعني حدوث تغييرات كبيرة بالنسبة للشركات الصانعة للمكونات التي ستصبح مسؤولة ليس عن توفير قطع غيار فحسب، بل أيضا عن تقديم الخدمة لها.
وكما يقول: "سيتم البد في تسليم المكونات على اعتبار أنها خدمة. الطريقة الوحيدة لديهم للبقاء على قيد الحياة بالنسبة لهم جميعا إعادة اختراع أنفسهم كشركات للخدمات".
وسوف يتم تصنيع بعض المكونات لتدوم فترة أطول - مثل هيكل السيارة ومفصليات الأبواب - في حين سيتم تصميم قطع غيار السيارات الأخرى ليتم استبدالها بشكل منتظم.
قال داميان سكوت، كبير الإداريين التجاريين في شركة رينوفو، وهي شركة ناشئة لصناعة السيارة ذاتية القيادة: "يمكنك أن تتخيل هيكلا سيستمر لمسافة مليون ميل، ولكن نظام البطارية يحتاج إلى استبداله بانتظام".
ويضيف أنه قد يتم استبدال الأجزاء الداخلية من السيارة أو تجديدها كل عام في حين سيتم تحديث نظام البرمجيات باستمرار على الهواء.
أما بالنسبة للمحرك، فإن التحول إلى المحركات الكهربائية سيكون جزءا رئيسيا من تمديد عمر السيارة، فحيث إن لدى هذه المحركات الكهربائية أجزاء متحركة أقل من محرك الاحتراق الداخلي، فإنها بالتالي يمكن أن تستمر لفترة أطول.
ومع ذلك، فإن بعض صانعي المكونات يقولون إن التغيرات التي طرأت على صناعة السيارات لم تؤثر فيها تأثيرا مباشرا حتى الآن.
يقول أبتون بودن، رئيس التكنولوجيا المتقدمة لشركة فيستيون، مورد المكونات التي كانت جزءا من شركة فورد: "لم يحدث تغيير في المواصفات حتى الآن. ما اعتدنا فعله في الماضي، نعلم أنه لن ينجح في المستقبل، والسؤال هو، كيف علينا أن نتغير؟"
وكما يقول، عندما يتعلق الأمر بعمر السيارة "هل هو 20 عاما؟ أم 200 ألف ميل؟ من المحتمل جدا أن يكون على غرار ما تراه في النقل بالشاحنات التجارية اليوم".
وتقول شركة دلفي، مجموعة المكونات المتخصصة في المحركات، أيضا إنها لم تشهد تحولا كبيرا. وتقول ماري جوستانسكي، كبيرة الإداريين التكنولوجيين في الشركة: "السيارة نفسها وما تقدمه [شركات صناعة السيارات] سوف يتغير كثيرا، ولكن المنتجات التي توفرها دلفي لن تتغير حقا"، مشيرة إلى أن الشركة تصنع منذ الآن بعض مكونات المركبات الثقيلة لتكون بعمر طويل.
كل ذلك يقوم على مسألة ما سيبدو عليه نموذج العمل في مجال النقل بمجرد أن تصبح التكنولوجيا منتشرة على نطاق واسع.
تكلف السيارات ذاتية القيادة اليوم مئات الآلاف من الدولارات بسبب أجهزة الاستشعار وقوة الحوسبة المطلوبة. كما يتم تجميع معظم سيارات الاختبار التجريبي يدويا.
في حين أن هذا السعر سوف ينخفض بمجرد أن يتم تصنيع السيارات المستقلة على نطاق واسع، إلا أن هذه المركبات لا تزال تكلف أكثر من السيارات العادية.
يقول كارل إيجنما، الرئيس التنفيذي لشركة نوتونومي، وهي شركة للسيارات المستقلة القيادة التي استحوذت عليها أخيرا شركة "أبتيف": "الواقع هو أن جميع الأجهزة على هذه السيارات مكلفة للغاية".
ويضيف: "واثقون جدا من أن العوامل الاقتصادية لخدمة سيارات الأجرة الروبوتية يمكن أن تدعم منصة مركبات أكثر تكلفة".
والسؤال الرئيسي الذي لم يتم حله هو من سيملك أساطيل المركبات: شركات النقل مثل أوبر أو ليفت؛ أم شركات تأجير السيارات مثل هيرتز أو أفيس؛ أم شركات صناعة السيارات أنفسها.
قالت بعض شركات صناعة السيارات، مثل شركة جنرال موتورز، إنها لا تريد امتلاك أساطيل السيارات ذاتية القيادة الموجودة لديها، لكن آخرين، مثل شركة فولكس واجن، يقولون إنهم سيجربون بيع خدمات النقل في مدن معينة.
في شركة أوبر، تختبر الشركة الخيارين معا: لقد قدمت طلبات لشراء أسطول مكون من 24 ألف سيارة فولفو ذاتية القيادة سيتم تسليمها على مدى السنوات الثلاث المقبلة، مع السماح أيضا لشركات صناعة السيارات بما في ذلك شركة ديملر بتوصيل سيارات ذاتية القيادة التابعة لها، إلى الشبكة المستخدمة ضمن خدمة نقل شركة أوبر.
جيف ميلر، رئيس تحالفات السيارات في شركة أوبر، يتحدث بأناقة عند مناقشة جميع الاحتمالات لتصاميم السيارات المستقبلية لهذه الأساطيل، بما في ذلك طول العمر.
ويقول: "هذا سيكون بالتأكيد أحد العناصر عند إنشاء السيارات المبنية لأغراض معينة، لأنك يجب أن تبدأ من الصفر".
ويضيف: "تتاح لك الفرصة لتصميم أنواع مختلفة من المحرك، والفرامل، ومفصلات الأبواب، وكل ما لديه حياة أطول بكثير. هذه كلها تحديات هندسية مثيرة للاهتمام التي يمكن حلها بمجرد التحقق من صحة السوق".
وقال: "من المؤكد تماما أن من الممكن تصنيع سيارة المليون ميل، كل ما في الأمر أنه لم يقم بذلك أحد حتى الآن".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES