منوعات

الشركات الأجنبية تهجر إيران خوفا من العقوبات .. وفساد شامل يبتلع الثروات

 الشركات الأجنبية تهجر إيران خوفا من العقوبات .. وفساد شامل يبتلع الثروات

يبدي مختصون اقتصاديون شكوكا متزايدة إزاء مستقبل الاقتصاد الإيراني في ظل استمرار العقوبات الأمريكية المفروضة عليه، في الوقت الذي يلوح فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بالانسحاب من الاتفاق النووي.
وبحسب "الفرنسية"، فقد زاد من أجواء الغموض حول آفاق الاقتصاد الإيراني تصريحات ترمب بأنه سيمدد العمل للمرة الأخيرة بتعليق العقوبات الدولية مطالبا أوروبا بالعمل مع بلاده من أجل "التصدي للثغرات الكبيرة" في نص الاتفاق النووي.
ويقول متداول أجنبي في بورصة طهران رفض الكشف عن هويته، "لا أحد لديه أي فكرة عما يحصل. لقد أثار ترمب الغموض على عدة أصعدة".
وأعلن ترمب أيضا فرض عقوبات جديدة متعلقة بحقوق الإنسان وبرنامج الصواريخ الإيراني ستضاف إلى مجموعة كبيرة من العقوبات التي تشكل عائقا يحول دون إقبال عديد من الشركات الغربية على الاستثمار في هذا البلد.
وتبدي عديد من المصارف الأجنبية حذرا شديدا قبل العودة إلى إيران إذ إن هناك مخاوف من تكرار العقوبة القياسية التي فرضت على مصرف "بي إن بي باريبا" الفرنسي لخرقه العقوبات الأمريكية التي بلغت 8.9 مليار دولار.
وتبدو الآمال ضعيفة بتحقيق هدف الحكومة في جذب استثمارات أجنبية بقيمة 50 مليار دولار في العام بعد أن قالت طهران، إن قيمة الاستثمارات الأجنبية في عام 2016 كانت أقل من 3.4 مليار دولار.
ويقول نفيد كالهور المحلل الاقتصادي المقيم في طهران، "كنت أعمل في البورصة عند توقيع الاتفاق النووي وكنا نشعر بالحماسة الكبيرة والأمل .. لكنّ شيئا لم يتحقق عندما اتصل بزملائي من الوسائط .. والقطاعات الوحيدة التي استفادت هي السلع كالنفط والمناجم والبتروكيميائيات لكن أموال النفط لا يمكنها وحدها حل كل مشكلاتنا".
ولا تزال نسبة البطالة في إيران مرتفعة جدا، وهناك حدود لعدد الوظائف التي يمكن أن يستحدثها قطاع النفط في أي وقت، ويضيف كالهور "انظروا إلى الاحتجاجات. الناس العاديون ليسوا متفائلين إزاء المستقبل"، في إشارة إلى المواجهات الدامية التي شهدتها عشرات المدن الإيرانية مطلع العام الجاري على هامش الاحتجاجات على غلاء المعيشة وإجراءات التقشف.
ويتابع المحلل الاقتصادي المقيم في طهران، "نحن بحاجة إلى شركاء تجاريين أفضل ويتمتعون بمصداقية أكبر وأقدر على دخول الأسواق العالمية، فنحن نقترض أكثر ما نجتذب استثمارات، وذلك من شأنه إثارة مشكلات أكبر في المستقبل عندما سيتعين علينا تسديد ديوننا. إنها حلقة مفرغة".
ويلفت عدد كبير من الإيرانيين إلى أن المشكلة لا تقتصر على ترمب، فسوء الإدارة والفساد المنتشرين منذ سنوات لا يجعلان من طهران وجهة تجتذب الاستثمارات بشكل فعلي.
ويقول فريد دهديلاني مستشار الشؤون الدولية لدى منظمة الخصخصة الإيرانية، "علينا تسهيل قدوم الاستثمارات الأجنبية من خلال إلغاء الإجراءات البيروقراطية غير الضرورية كمهلة ثلاثة أو أربعة أشهر الضرورية من أجل استصدار ترخيص"، مضيفا "في النهاية، فإن نجاح الاتفاق النووي يتوقف على الإيرانيين".
‫وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد فرضت مجموعة من العقوبات على كيانات وشركات وأشخاص في إيران منذ تسلم ترمب الإدارة، لكن جميع تلك العقوبات فرضت على مجموعات إيرانية لم تكن العقوبات النووية السابقة قد استهدفتها‪.‬
وبلغ تفشي الفساد في أجهزة الدولة الإيرانية مستويات غير مسبوقة الأمر الذي بات يهدد مستقبل النظام الإيراني وهو ما تجلى خلال الاحتجاجات الأخيرة التي قمعتها السلطات.
وصرح أحمد توكلي، السياسي الإيراني والمرشح السابق لانتخابات رئاسة الجمهورية، خلال تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أن “النظام في إيران لن يسقط بانقلاب أو هجوم عسكري أو ثورة مخملية، بل إن استشراء الفساد هو ما سيؤدي إلى إسقاط هذا النظام”.
وتضع منظمة الشفافية الدولية إيران على رأس قائمة الدول الأكثر فسادا، وتحتل المرتبة 136 من أصل 175 دولة من حيث الفساد وفق دراسة أجرتها منظمة” ترانسبيرنسي إنترناشونال” غير الحكومية.
وبأرقام إيرانية رسمية، تصل نسبة البطالة في مدن إيرانية إلى 60 في المائة، ورغم أن البطالة كمتوسط تصل إلى 12 في المائة، كما أعلنها وزير الداخلية عبد الرضا فضلي أخيرا، فإن الفقر ينهش نحو نصف السكان، أي 40 مليون شخص، وفق لجنة الخميني للإغاثة الحكومية، 11 مليونا منهم يعيشون في مناطق التهميش، فضلا عن 1.5 مليون ومدمن مخدرات، ونحو 600 ألف سجين بجرائم جنائية معظمها سرقة ونهب.
وفي هذه الأجواء بات الإيرانيون كما تجمع تقارير، مدركين أن بلدهم الذي ينتج يوميا نحو أربعة ملايين برميل نفط، ويمتلك غازا وموارد زراعية ومعدنية ضخمة، يبدد ثرواته في تلبية طموحات ولاية الفقيه في السيطرة والتسيد في المنطقة والعالم دون مشروعية منفعة أو مردود على معظم السكان، لكن كما يرى معارضون نجم عن ذلك قتلى وعداء وتبديد لما يحتاج إليه الإيرانيون.
بل إن الحكومة شرعت في أمرين قطعا الأمل، أحدهما رفع سعر الوقود بنسبة تصل إلى 50 في المائة، خلال موازنة 2018، وثانيهما إعلانها أن الإعانات المقدمة للفقراء التي يستفيد منها نحو 34 مليون شخص، ستلغى، وقبلها لم تحرك الحكومة ساكنا حين نهبت شركات معاشات آلاف الإيرانيين.
وما زاد من صعوبة الموقف في طهران، اتهامات بتأصل الفساد في مؤسسات الدولة ورديفاتها من الحرس الثوري والهيئات الاقتصادية التابعة للمرشد خامنئي.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من منوعات