default Author

الرقصة الأخيرة

|
من الرقص مع الموتى إلى الرقص حتى الموت، ننهي هذه السلسلة من الحديث عن الرقص إذ إنه ليس مجرد حركات فنية مع أنغام موسيقية بل له علاقة بالمعتقد الديني وبعض الانحرافات العقدية سواء بالنسبة لنا كمسلمين أو الديانات الأخرى. ففي مدغشقر وصل بهم الحال إلى إخراج موتاهم من القبور والرقص مع رفاتهم، والعجيب أنها ما زالت تمارس حتى اليوم إذ تعتبر من أغرب الرقصات على مستوى العالم وتسمى "رقصة الملجاشي مع الموتى" وتتم من خلال طقوس تسمى "فامادهانا"، حيث يستخرج الموتى من مدافنهم، وعرضهم والرقص بهم ومعهم على دقات الطبول، ويعتبرونها فرصة للتحدث مع أقربائهم المتوفين وأحبابهم وطلب التوجيه منهم! ويعتقد آلاف الملجاشيين الذين يقيمون تلك الطقوس أن هناك حدا فاصلا غير معلوم بين الحياة والموت، لكن الموتى قادرون على عبوره والعودة من الموت والسفر عبر الزمن تحت ظروف معينة ومنها هذه الرقصة التي تزيد الترابط بين الأجيال! أما الرقصة الهستيرية التي تنسب إلى القديس يوحنا فقد انتشرت في أوروبا بشكل واسع في القرنين الـ 13 والـ 17 وفيها يستمر الراقصون في أداء حركاتهم الهستيرية المجنونة لمدة أيام وشهور ويرقصون حتى الموت! نعم يموت منهم كثيرون من الإرهاق والتعب إما بالسكتة القلبية أو الدماغية أو من ضربة الشمس. في عام 1278 مات وأصيب أكثر من 200 شخص في ألمانيا حين انهار الجسر الذي كانوا يرقصون فوقه. وفي عام 1518 في مدينة ستراسبوراج الفرنسية أصابت هذه الحالة نحو 400 شخص ودفعتهم إلى الرقص لعدة أيام دون راحة، وقد وصل الأمر إلى استمرار البعض في الرقص لمدد تقارب الشهر ما أدى إلى وفاة كثير منهم، وقد عمت هذه الرقصة أوروبا ومات بسببها الآلاف على مدار أربعة قرون. ويعتقد أن سبب هذه الرقصة حالة تسمم بنوع من النباتات، والبعض قال إنها تحدث بسبب ارتفاع حرارة الدم (الدم الحار)، أما آخرون فعزوها كنوع من التكفير عن الذنوب بعد انتشار الطاعون في أوروبا! لتأتي بعدها الرقصة الأخيرة التي تعتبر من الرقصات الدرامية التاريخية التي لا تنسى لارتباطها بمأساة انتحار جماعية تحت مسمى "رقصة زالونجو" وهي عبارة عن رقصة انتحارية جماعية، يقال إنها أديت احتجاجا على قرار الدولة العثمانية آنذاك بعد توقيع معاهدة السلام بين الحاكم العثماني "علي باشا" وكونفيدرالية "سوليوت إبيروس" عام 1803، التي عاد بعدها الحاكم العثماني بحرب إبادة اضطرت بسببها أكثر من 50 سيدة إلى الرقص على منحدرات جبل زالونجو. ومن ثم ألقت كل واحدة منهن بابنها من فوق الجبل وقفزت خلفه!
إنشرها