Author

هل يؤدي تراجع نفقات النفط الصخري إلى دعم الأسعار؟

|

هدف منظمة أوبك وحلفائها من المنتجين من خارج المنظمة واضح، وهو إبقاء تخفيضات الإنتاج المتفق عليها حتى نهاية عام 2018. ولكن ماذا عن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، وهو مصدر الإمدادات المضطرب الذي أخل بميزان العرض والطلب وضغط على الأسعار على مدى السنوات الثلاث الماضية؟ مما لا شك فيه أن النفط الصخري الأمريكي سيواصل التعافي في العام المقبل، ولكن سياسة الانضباط المالي الجديدة بين المنتجين تعني أنه لن يكون هناك تكرار للنمو الكبير الذي شهدته سنوات الطفرة في إنتاج النفط الصخري.
في الفترة ما بين عامي 2012 و2015، قفز إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة كل عام بمتوسط مليون برميل يوميا تقريبا مدعوما بنمو إنتاج النفط الصخري، حيث استجاب المنتجون لرغبة المستثمرين في النمو. ولكن الأمور مختلفة الآن، حيث إن المستثمرين لا يريدون أن يحدث ذلك. وقد رأوا أن هذه الصناعة تجاوزت النمو أكثر من مرة على مدى السنوات القليلة الماضية، وأنهم فقط لن يدعموا هذا النوع من التسارع مرة ثانية في الوقت الحاضر. حتى الآن، تعكس خطط الإنفاق التي أعلن عنها منتجو النفط الصخري الرئيسيون هذا التوجه، حيث يتوقع المحللون زيادة بنسبة 10 إلى 20 في المائة في ميزانيات الإنفاق لعام 2018، مقارنة بنمو بنسبة 40 في المائة في عام 2017.
على الرغم من أن رغبة المستثمرين في تحقيق عائد على استثماراتهم من المحتمل أن تضع قيودا على النمو في العام المقبل، إلا أن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة لا يزال من المتوقع أن يزداد بنحو 680 ألف برميل يوميا في العام المقبل استنادا إلى توقعات أسعار النفط بحدود 50 دولارا للبرميل، وفقا لتوقعات بعض المحللين، مع نحو 530 ألف برميل يوميا من هذا النمو من الحوض البرمي Permian Basin وحده.
حتى في حالة ارتفاع أسعار خام غرب تكساس الوسيط إلى 60 دولارا للبرميل، وهو مستوى لم نشهده منذ مطلع عام 2015 لكن شهدناه الأسبوع الماضي، فإن منتجي النفط الصخري سيضيفون ما بين 100 و150 ألف برميل يوميا فقط، وفقا لتوقعات بعض المحللين. ويعزى هذا الرد المتواضع إلى احتمال أن المنتجين سيعيدون توجيه الأموال الزائدة لتسديد الديون أو زيادة الأرباح أو إعادة شراء الحصص بدلا من حفر المزيد من الآبار، على حد قول الرئيس التنفيذي لشركة ديفون ـــ التي تعتبر إحدى شركات النفط الصخري الرئيسة ـــ إلى المستثمرين. وقال ديف هاجر، الرئيس التنفيذي لشركة ديفون: "ليس لدينا أي خطط لتعديل نطاق رؤوس أموالنا، ونحن نتوقع أن نولد المزيد من التدفقات النقدية. وأضاف لكن "لا أستطيع أن أؤكد أن هذا يكفي.
النمو في نطاق 600 ألف برميل يوميا هو تقريبا ما تتوقعه «أوبك» لإنتاج النفط الصخري الأمريكي في عام 2018. ولكن إذا كانت "أوبك" تشعر بارتياح من التهديد المعتدل من النفط الصخري تحت سيناريو سعر مرتفع، فيجب أن تدرك أن هناك أيضا خطرا ضئيلا على نمو الإنتاج من سيناريو السعر الأضعف. ويعود الفضل في ذلك إلى مزيج من التحوطات، واستمرار انخفاض تكاليف الخدمات، إضافة إلى تراكم آبار محفورة غير مكتملة Drilled but uncompleted wells.
يستخدم منتجو النفط الصخري الأمريكيون نحو 30 في المائة من إنتاجهم للتحوط على ما يرونه أسعارا جذابة، وسيستمرون في إضافة المزيد من التحوطات طالما أن قطاع العقود الآجلة يوفر فرصا للقيام بذلك فوق أسعار 50 دولارا للبرميل. حتى لو انخفضت الأسعار إلى ما دون 50 دولارا للبرميل، يمكن لمنتجي النفط الصخري الأمريكي أن يستفيدوا من تراكم كبير في الآبار المحفورة غير المكملة يبلغ أكثر من 7300 وحدة من وحدات الإنتاج التي من شأنها أن تسمح لهم بالالتزام بميزانيات رأس المال المعلنة وفي الوقت نفسه يحققون نموا في الإنتاج يقارب 500 ألف برميل يوميا.
وبطبيعة الحال لا يزال النفط الصخري مصدرا جديدا نسبيا ولا يمكن التنبؤ به، ما يعني أن جميع توقعات الإنتاج ينبغي أن تأتي بتحذير مسبق. فعلى سبيل المثال، هناك خلاف واسع النطاق في هذه الصناعة حول مستوى خفض تكاليف منتجي النفط الصخري بالضبط وتحسين الإنتاجية في السنوات الأخيرة، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك في حجم النمو المستقبلي. وفي كلتا الحالتين، يمكن أن يشكل ذلك مشكلة أخرى لجهود «أوبك» الرامية إلى إعادة التوازن إلى الأسواق.
في هذا الجانب، تشير إحدى الدراسات الحديثة لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى أن مكاسب الإنتاجية ترجع بصورة رئيسة إلى تركيز الشركات على أفضل مساحاتهم، وهي محدودة، وحذر من أن توقعات الإنتاج من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية قد تكون مرتفعة جدا. ويختلف آخرون عن ذلك، قائلين إنه يمكن لمشغلي النفط الصخري خفض أسعار التعادل إلى مستويات متدنية دون 25 دولارا للبرميل من خلال تكنولوجيا الرقمنة والتعلم الآلي.

إنشرها