FINANCIAL TIMES

آمال لوبن في 2017 تنتهي إلى كوابيس

آمال لوبن في 2017 تنتهي إلى كوابيس

تمكنت مارين لوبن من اجتذاب أعداد قياسية من الناخبين، للتصويت لصالح الجبهة الوطنية في انتخابات الرئاسة الفرنسية.
إلا أنه بعد مضي سبعة أشهر على انتهاء محاولتها الترشح لمنصب الرئاسة ودخول قصر الإليزيه بسبب العقبة الأخيرة التي تعرضت لها فسقطت أمام إيمانويل ماكرون، ضعفت السيدة لوبن وقيادتها للجبهة اليمينية المتطرفة التي أصبحت تعاني الانشقاق.
الهزيمة الساحقة التي منيت بها في انتخابات الجولة الثانية التي جرت في أيار (مايو) الماضي التي تعزى جزئيا إلى الأداء الضعيف في آخر نقاش تلفزيوني كانت حافزا لفقدان الثقة بين أنصار السيدة لوبن، وحدوث الانشقاق في حزبها.
في غضون أيام، انسحبت ماريون ماريشال - لوبن، ابنة أخ السيدة لوبن البالغة من العمر 28 عاما ومن نجوم الجبهة الوطنية الصاعدين، من حقل السياسة. بعد شهر واحد، حصل الحزب وحلفاؤه على ثمانية مقاعد فقط في الانتخابات البرلمانية.
في أيلول (سبتمبر) الماضي، ترك فلوريان فيليبو أقرب مساعدي السيدة لوبن في الحملة الانتخابية الحزب أيضا. عندما ظهرت السيدة لوبن في برنامج حوار تلفزيوني يذاع في أوقات الذروة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وشاهده عدد ضئيل بحدود 1.7 مليون مشاهد بدت متكدرة.
لقد أقرت بفشلها الكارثي في المناظرة الثانية التي أجرتها مع ماكرون قائلة: "فشلت في موعدي مع الشعب الفرنسي، وهو موعد مهم". خلال اللقاء كانت تبدو عدوانية وأحيانا غامضة بشأن السياسة.
آمال السيدة لوبن المتمثلة في إعادة تنشيط الحزب تستند إلى "مؤتمر إعادة التأسيس" في آذار (مارس) المقبل، الذي يهدف إلى إعادة النظر في استراتيجيتها.
مع تَلَوث صورتها، أصبح الحلفاء المهمون يقولون علنا إن قيادة لوبن في الانتخابات النصفية وترشحها للانتخابات الرئاسية المقبلة عرضة للتهديد. قال نيكولاس باي، نائب رئيس الجبهة الوطنية، لصحيفة الفاينانشيال تايمز: "هناك إجماع كبير على أنها هي الأقدر على قيادة الحزب في انتخابات الاتحاد الأوروبي التي ستجرى في عام 2019. على أنه في غضون ثلاث سنوات، سيكون الأمر مختلفا".
ضمنيا، يتوقف مصيرها على كيفية استقبال الناخبين لإصلاح سياسات الحزب وقد تغير كثير بالفعل منذ هزيمتها في الانتخابات الرئاسية. يسعى الحزب، الذي أسس من قبل والد السيدة لوبن، جان- ماري لوبن، في عام 1972، للعودة إلى المواضيع الرئيسة التي يهتم بها وهي الهجرة والهوية مستغلا أزمة الهجرة في أوروبا وخطر مزيد من الإرهاب للدعوة إلى فرض قواعد أكثر صرامة بشأن اللجوء ومزيد من ضوابط الحدود.
تغير المسار يبدو أكثر وضوحا في الاتحاد الأوروبي.
الخروج الفرنسي المحتمل من منطقة اليورو أحد تعهدات السيدة لوبن الرئيسة في حملتها الانتخابية "ليس أولوية"، بحسب ما يقول باي، البالغ من العمر 40 عاما. وهو يلقي باللوم على فيليبو لتركيزه الكبير فوق الحد على تلك القضية أثناء الحملة الانتخابية. بحسب كلمات باي، لم تعد الجبهة الوطنية "جبهة معادية لأوروبا بل حليفة لها".
يتطلع الحزب شرقا لتطبيق استراتيجيات جديدة. يقول باي إن المجر وبولندا والنمسا حيث انضم حزب الحرية اليميني المتطرف لتحالف المستشار سباستيان كورتز "يرغبون في البقاء في الاتحاد الأوروبي"، لكنهم يرغبون أيضا في وجود "اتحاد أقل تكاملا" ومزيدا من الحرية في اختيار السياسات. كما يقول إن نفس التظلم تجلى في قرار المملكة المتحدة بمغادرة الاتحاد الأوروبي.
"لم نقم قط بالضغط من أجل عملية مغادرة شرسة من اتحاد العملة. نرغب في العودة إلى اتحاد أوروبا، العكس تماما لما يسعى إيمانويل ماكرون لتحقيقه" وفقاً لباي.
يدعو ماكرون إلى مزيد من التكامل الأوروبي، مع موازنة مشتركة في منطقة اليورو ووزير مالية للكتلة، إضافة إلى مزيد من السياسات المشتركة في الاتحاد الأوروبي فيما يخص الدفاع والتعليم، يتم الإشراف عليها من بروكسل من قبل المفوضية الأوروبية. على النقيض من ذلك، يقول باي إن الجبهة الوطنية ترغب في التخلص من المفوضية وسلطتها التي تمكنها من إقرار التشريعات واستبدالها بمجرد "أمين عام" لتنسيق الإجراءات المتخذة بين الدول الأعضاء.
يهدف موقف الجبهة الوطنية الأكثر سلاسة إزاء العملة الموحدة إلى المساعدة في إقامة تحالفات مع أحزاب فرنسية أخرى مناهضة للتكامل الأوروبي، قبيل إجراء انتخابات الاتحاد الأوروبي، بحسب ما يضيف باي.
ويعتقد الحزب أنه ربما يمكن إيجاد سبل لجعل البنك المركزي الأوروبي أكثر ملاءمة في سياساته فيما لو تم تجريده من استقلاليته.
جان - إيف كامو، عالم سياسي في مؤسسة جان - جوريه، يرى أن المسار الجديد الذي تتخذه الجبهة الوطنية فيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو: "ينبع من إدراك أن الفرنسيين خائفون من الدخول إلى عالم المجهول".
يقول كامو إن من الصعب تفهم الموقف المعدَّل إزاء منطقة اليورو، إضافة إلى أنه لا يعطي تفاصيل: "إما إن تقول إن ذلك جيد وتبقى داخل الحزب، أو أن تغادر. هذا الموقف غير الواضح قد يتسبب في حدوث كثير من التوتر بقدر ما تسبب الموقف السابق".
كما تواجه الجبهة الوطنية أيضا عقبات مالية وقانونية، فبعض التنفيذيين متورطون في عدد من التحقيقات الجنائية، بما في ذلك تحقيق حول ادعاءات بسوء استخدام الأموال العامة، فيما يتعلق بفرص عمل وهمية في البرلمان الأوروبي. وقد نفت السيدة لوبن ارتكابها لأي مخالفة.
في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أغلق كل من بنك إتش إس بي سي وبنك سوسييتيه جنرال حسابات الحزب المصرفية. وقد أشار أشخاص مقربون من التحقيق إلى وجود ما يدَّعى بأنها مخالفات تنظيمية وأموال مشبوهة تنتقل من خلال بنك شرق أوسطي.
السيدة لوبن وصفت القرار بأنه "فتوى مصرفية". تبعا لذلك طلب البنك المركزي الفرنسي من بنك سوسيتيه جنرال إعادة فتح حساب مصرفي للحزب، لكن العمليات الخاصة به مقيدة: على سبيل المثال، لا يستطيع الحزب القيام بعمليات تبرع إلكترونية عبر الإنترنت.
يقول كامو إن الجبهة الوطنية تستطيع استعادة ما فقدته. رصيدها الرئاسي يبين أن لديها الإمكانية لاجتذاب حصة كبيرة من الأصوات في انتخابات الاتحاد الأوروبي، في حين أنها أيضا في وضع يؤهلها للفوز بالسيطرة حتى على عدد أكبر من البلدات في الانتخابات البلدية بعد سنة من ذلك.
كذلك فإن عودة السيدة ماريشال لوبن، وهي كاثوليكية وأكثر أفرد العائلة حظا في خلافة عمتها قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2022، من شأنها أن توسع من جاذبية الحزب في أعين اليمين المحافظ.
يقول كامو: "لدى الحزب قاعدة ناخبين متينة ما بين 7 ملايين و10 ملايين ناخب. هذه قاعدة تشعر كثير من الأحزاب أنها محظوظة، لو كانت لديها هذه الأيام".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES