Author

إيران .. اختطاف مؤسسات الشعب الاقتصادية

|

على مدى سنوات "الثورة" الإيرانية قضت هذه الأخيرة على كل المؤسسات الاقتصادية، ليس فقط من خلال عمليات الفساد الأسطورية التي استهدفتها، بل أيضا عن طريق سيطرة ما يسمى "الحرس الثوري" على مفاصل الاقتصاد في البلاد. شيئا فشيئا صار هذا "الحرس" الممول الأكبر للإرهاب محليا وخارجيا، يسيطر على نصف الاقتصاد الوطني الإيراني. وقد تحدث أكثر من مسؤول سابقا عن عدم سيطرة الحكومة نفسها على مشاريع حكومية، لأنها صارت في قبضة "الحرس". لم يكن للنظام الإرهابي في إيران اهتمام يذكر بشعبه. بعض استراتيجيته التخريبية اعتمدت على صناعة أعداء من أجل تبرير الفشل الاقتصادي الداخلي، والتقصير الحكومي في إدارة الاقتصاد. كان لابد من أعداء دائمين مصطنعين لتبرير الفشل.
يسيطر علي خامنئي مباشرة على ما يقرب من 90 مليار دولار. وهي أموال لا تخضع لأي رقابة بالطبع، ولا تدخل إلى سجلات الحكومة. وهذه الأموال المنهوبة من الشعب الإيراني تنفق بالطريقة التي يراها خامنئي مناسبة. والطريقة التي يعرفها هذا الأخير ليست سرية بل معروفة للعالم، وهي ضخ الأموال في أعمال إرهابية، وتشكيل العصابات الإجرامية، ونشر الطائفية، وإثارة القلاقل في هذا البلد أو ذاك، وبالطبع في التدخل العسكري المباشر في بعض البلدان. كل هذا يجري في الوقت الذي عانت فيه بعض مؤسسات الدولة التي تمكنت من البقاء توفير رواتب وأجور موظفيها، لدرجة أن موظفي المفاعل النووي الإيراني نفسه تأخرت رواتبهم عدة أشهر.
كل ذلك يجري، لعدم وجود مؤسسات حقيقية في إيران. المؤسسة الحقيقية الوحيدة هي تلك التي يسيطر عليها علي خامنئي ومن قبله الخميني. وهذان المذكوران ارتكبا سلسلة لا تنتهي من عمليات القتل بحق شخصيات إيرانية رسمية وغير رسمية تحدثت فقط عن أخطاء ما يجري على الساحة. عند نظام ما يسمى "الولي الفقيه" لا يوجد رأي آخر، أو وجهة نظر مختلفة، حتى ولو كانت بناءة 100 في المائة. الجميع يعلم أن بإمكان إيران أن تكون دولة ناجحة، إذا ما اعتمدت على إمكاناتها الحقيقية من أجل التنمية والبناء الاقتصادي بشكل عام. لكن لم يرصد مال في هذا الإطار، الذي حدث ويحدث، أن المال يذهب لإنتاج الإرهاب والخراب داخل البلاد وخارجها.
كان لابد من انطلاق الانتفاضة الآن (كما انطلقت في السابق). فما تبقى من مؤسسات للشعب لم تعد له، في حين أن مؤسسات أخرى اضمحلت، أو بقيت صورة بلا قيمة حقيقية. لقد وصل الخراب الداخلي درجة أن امتنع نظام الملالي حتى عن ضخ أموال لتطوير المنصات النفطية التي تدر العائدات الأكبر للبلاد. بينما تصل الأموال إلى منظمات إرهابية وتمويل حروب عبثية بلا حساب. الشعب الإيراني، المتضرر الأول من هذا النظام الإرهابي، لم يعد يحتمل لا الظلم ولا المهانة ولا الفقر. انطلق يقول "الموت لخامنئي". وهو بذلك يهتف بطريقة غير مباشرة بـ"الموت لنظام الولي الفقيه" الذي أفقر البلاد، وصنع أعداء لها في أرجاء العالم، وباتت إيران دولة فاشلة يتم التعاطي معها عالميا على هذا الأساس. لا مؤسسات حقيقية، ولا أمل في إصلاح نظام ينتهي في الواقع إذا ما قبل الإصلاح. إنه نظام لا يقوم إلا على الخراب، كما أنه مستعد (كما يحدث دائما) أن يقتل كل شعبه على أمل أن يحقق أهدافا هي في الواقع ليست أقل من أوهام. الجميع يعرف هذه الحقيقة. وثورة الجياع التي انطلقت في إيران، لم تنطلق إلا بعد عقود من نهب ثروات وطنية، كانت قد وضعت البلاد في مكانة تستحقها ويستحقها شعبها.

إنشرها