Author

وظائف تعليمية لا حاجة إليها

|
في التعليم يهرب آلاف المعلمين سنويا من العمل الميداني نحو عدد محدد من الوظائف المكتبية التي ليس لها تأثير ولا تتطلب من صاحبها أي جهد يذكر. فهي عبارة عن محطة استراحة لمن يفوز في سباق الوصول لهذه الوظائف. وأهم وظيفتين يحرص الجميع على الوصول إليها هي وظيفة "مرشد طلابي"، والثانية وظيفة "أمين مصادر تعلم" وقد كانت وظيفة المرشد الطلابي من الأهمية بمكان، وعدته الأنظمة القديمة شريكا فاعلا في العملية التربوية فهو بمنزلة قائد وموجه ومتابع لكل التفاصيل داخل المدرسة، ولكن مع التطورات التقنية وتقادم الأنظمة أصبح "المرشد الطلابي" ضيف شرف مكتفيا بمكتب وثير وبعض السجلات الإلكترونية التي ليست ذات تأثير. وإذا أخذنا المرحلة الابتدائية التي يعمل فيها أكثر من 7000 مرشد مكلف بحسب الإحصائيات المعلنة، نجد أنه لا حاجة إلى وجود المرشد الطلابي، فطلاب هذه المرحلة عادة لا يحتاجون إلى كثير من الاهتمام من قبل المرشد الطلابي نظرا لوجود معلم لكل صف ملم بالمستوى الدراسي لكل طالب والاحتياجات التربوية، ودور المعلم هو الأساس في رعاية الطالب وتعهده إضافة إلى انخفاض السلوكيات السلبية لهذه المرحلة العمرية، وما زاد على ذلك فهناك قائد المدرسة ووكيلها وبالتالي لا حاجة إلى آلاف الوظائف المهدرة في ظل حاجة الميدان إلى مزيد من الوظائف لتقليص العجز السنوي. أما وظيفة "أمين مصادر التعلم" فقد استحدثت قبل سنوات من أجل مساعدة المعلمين على الاستفادة من الأجهزة التقنية الحديثة حيث كان القلة يستخدمون الحاسب الآلي في عمليات التعليم، ولكن مع التطور التقني والمهني وتكثيف برامج التدريب أصبحت التقنية جزءا أساسيا في برامج التعليم داخل المدارس وتحول كثير من الفصول إلى مصادر تعلم مستقلة، وأصبح الأغلبية من المعلمين يطبقون ذلك عمليا دون الحاجة إلى مساعدة "أمين مصادر التعلم" كما كان يحدث سابقا، وتحولت وظيفة مصادر التعلم إلى وظيفة مريحة ومرغوبة لأنها بلا عمل ولا إنتاجية في جميع مراحل التعليم العام. ولذلك يظل إلغاؤها مطلبا ملحا لتخفيض الهدر المالي والبشري في هياكل التعليم المتضخمة أصلا. وقرأت سابقا أن إلغاء مثل هذه الوظائف الهامشية سيوفر للوزارة ما لا يقل عن 20 ألف وظيفة سنويا وهو رقم كبير في مدارس البنين والبنات، وأنا أخذت هاتين الوظيفتين كمثال بسيط على إمكانية التخلص من الهدر المتزايد الذي يستهلك من ميزانيات الوزارة وجهودها على حساب أولويات أخرى. فهل تبادر الوزارة؟
إنشرها