Author

الديون تغرق قطر .. والأزمة خانقة

|
حين أعلنت الرباعية العربية الداعية لمكافحة الإرهاب والتطرف مقاطعة قطر هرولت القيادة القطرية لتشق الجيب أمام كل زعيم أو سياسي أو هيئة أو منظمة استطاعت الوصول إليها، ولطمت بالمظلومية على طريقة صديقتها "الشريفة إيران" زاعمة أنها تتعرض لحصار، فيما إعلانها يدق طبول المكابرة ويعزف على مزامير المغالطة مستخفا بهذه المقاطعة وبأن الاقتصاد القطري قوي منيع ضد مؤثراتها، ومتبجحة بأن ظهرها مسنود إلى من استقوت بهم سياسيا وعسكريا سواء حكومة الولي الفقيه في طهران أو الحامية التركية ومعهما زمر من عصابات الإرهاب والتطرف لعل أبرزهم (جماعة الإخوان المسلمين). لكن شق الجيب واللطم لم يجد على الإطلاق آذانا صاغية. بل لم تسمع القيادة القطرية من كل من استصرخت بهم إلا التأكيد لها بأن الحل الوحيد والرشيد هو عن طريق أسرتها الخليجية والعربية. غير أن هذه القيادة أمعنت في الهروب إلى الأمام وعصبت أعينها عن ضوء الحقيقة الساطعة مورطة معها بذلك الشعب القطري الشقيق للسير في دروب التهلكة في الانحياز لأعداء المنطقة والأمة وأعداء السلام والأمن في العالم، وبالتالي تحميل شعب قطر الشقيق مكابدة آثار جنايتها على العالم وتجنيها عليه، فقد أخذ الاقتصاد القطري يسير في منحنى منحدر يوما فيوما وشهرا فشهرا، وانعكس قلقا وفزعا في قلوب الشعب القطري وهو يحس بوطأة ما جنته عليه قيادته في خراقتها بإدارة الدولة وتبديد المال العام وإهدار المقدرات الاقتصادية على رعاية الإرهاب وتمويله وإيوائه والاستسلام لحكومة الولي الفقيه في طهران وتنفيذ أجندته الخبيثة. لا نقول نحن هذا من باب الاختلاق أو التخرص، وإنما من واقع أداء الاقتصاد القطري نفسه والوضع المالي لدولة قطر؛ فقد اضطرت قيادة قطر إلى الاستدانة المستمرة من المصارف القطرية التي هي الأخرى تعيش أزمة خانقة؛ فقد بلغ مجموع ما استدانته الحكومة القطرية خلال الأشهر الخمسة من حزيران (يونيو) حتى تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2017 نحو 47.8 مليار ريال قطري، حيث وصلت قيمة ديون الحكومة القطرية وقطاعاتها التابعة لها إلى نحو 519.7 مليار ريال قطري، مشكلة نسبة كبيرة من إجمالي الناتج المحلي لعام 2016 البالغ نحو 554.9 مليار ريال قطري، فيما بلغت نسبة الديون من الناتج المحلي نحو 94 في المائة، وهي عبارة عن تسهيلات ائتمانية وأوراق مالية "صكوك وسندات" وكانت النسبة الكبرى من هذه الديون من المصارف المحلية، حيث بلغت ما قيمته 491.2 مليار ريال، فيما الخارجية نحو 5.7 في المائة، أما عجوز ميزانيتها فقد سجلت نحو 63.6 مليار ريال قطري بنهاية 2017. تلك مجرد إشارات إلى منحنى التردي في الاقتصاد القطري لا تؤكد فقط أن قطر أصبحت غارقة في ديون قيمتها 519.7 مليار ريال قطري، وإنما تشير إلى ما هو أشد خطرا على المستويين السياسي والاجتماعي. وإذا كانت القيادة القطرية لا ترى ولا تعي حجم الخطر السياسي الكارثي الذي تتهاوى إليه، فتلك معضلة ليس لكونها فقط تهدد الاستقرار في الإدارة العليا للدولة القطرية وإنما لما تمثله من نذير مخاطر على المنطقة برمتها. أما على الصعيد الاجتماعي فلم يعد خافيا أن هذه القيادة القطرية بسلوكها الشاذ إنما هي وحدها مع من تأتمر بأمرهم هم من يقوم بـ "حصار" الشعب القطري الشقيق ليس في رزقه ومعاشه وتبخر مدخراته، وإنما في شعوره المتعاظم بالقلق والخوف من مستقبل مجهول مظلم تدفعه إليه هذه القيادة الرعناء. وإنه لمن المؤسف أن هذه القيادة القطرية لا تبدو على الإطلاق عابئة بما يعانيه الشعب القطري الشقيق ـــ ولا هي على ما يبدو أيضا ـــ مؤهلة لأن ترتقي درجات في سلم العقل أو أن تصحو من غيها!
إنشرها