FINANCIAL TIMES

بريطانيا تجازف تجاريا بمخالفة عقوبات الغاز الروسي

بريطانيا تجازف تجاريا بمخالفة عقوبات الغاز الروسي

من المقرر أن يتم تزويد المساكن البريطانية بغاز التدفئة على مدى العام الجديد، من خلال مشروع غاز روسي مستهدف من قبل العقوبات الأمريكية، في الوقت الذي يؤدي فيه إغلاق أحد خطوط الأنابيب الرئيسية في بحر الشمال، إلى التقليل من الناتج المحلي البريطاني، ويتسبب في تدافع شركات المنافع والتجار بحثا عن الإمدادات.
أول ناقلة للغاز الطبيعي المسال من مشروع الغاز الطبيعي المسال "يامال" في القطب الشمالي في روسيا، الذي افتتحه الرئيس فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي، تشق طريقها نحو محطة الاستيراد في جزيرة جرين في كنت، في الوقت الذي تسجل فيه أسعار الغاز في المملكة المتحدة ارتفاعا كبيرا.
الشحنة ذات التبريد الفائق المتجهة إلى المملكة المتحدة، التي كان من المتوقع أصلا أن تذهب إلى آسيا، سوف يتم التهليل لها في الكرملين، حيث يصوَّر مشروع يامال للغاز الطبيعي المسال، على أنه دليل يمكنه تحمل العقوبات الغربية.
تصر موسكو دائما على أن أوروبا ستبقى معتمدة على روسيا من أجل الغاز.
تتخذ حكومة المملكة المتحدة مسارا متشددا فيما يتعلق بالعقوبات الروسية منذ أن تدخلت موسكو في البداية في أوكرانيا قبل أربعة أعوام، وقد صعدت تيريزا ماي، رئيسة الوزراء، من الانتقادات في الآونة الأخيرة، متهمة موسكو بالتدخل في الانتخابات ومحاولة استخدام المعلومات كسلاح لتقويض الغرب.
جلب تلك الشاحنة سيسلط الضوء على تساؤلات تتعلق باستراتيجية الطاقة في المملكة المتحدة وأمن الإمدادات، حيث إنها تأتي عقب إغلاق خط أنابيب كان يعمل لثلاثة عقود هذا الأسبوع، والذي عمل على خفض الإنتاج بنسبة 12 في المائة من الغاز المقبل من حصة المملكة المتحدة في بحر الشمال، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار لمستوى قياسي لم تصل إليه منذ 4 سنوات، وإثارة المخاوف من حدوث نقص محتمل.
وفي حين أنه ليس من غير المعتاد أن تستورد المملكة المتحدة كميات صغيرة من الغاز الروسي عبر خط الأنابيب المار في بلدان أوروبية أخرى، إلا أن الوصول المقرر في الثامن والعشرين من كانون الأول (ديسمبر) الجاري، لشاحنة الغاز الطبيعي المسال كريستوف دي مارجيري سوف يكون أول تسليم يصل عبر البحر، تحت إشراف الرئيس بوتين بنفسه شخصيا، على تحميل الناقلة في الأسبوع الماضي.
وفي حين أن العقوبات المفروضة من قبل المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لا تستهدف بشكل مباشر مشروع يامال للغاز الطبيعي المسال، إلا أنها فرضت عقوبات أخرى عملت على خفض التمويل لشركات الطاقة الروسية أو التكنولوجيا المقدمة لمشاريع معينة، تم فرضها بعد قيام موسكو بضم شبه جزيرة القرم في عام 2014.
قال شخص مقرب من وزارة الطاقة الروسية إن تسليم الناقلة جعل القرار الذي اتخذته المملكة المتحدة لدعم العقوبات المفروضة على موسكو: "يبدو كأنه شخص ما يعض اليد التي تساعده".
على الرغم من أن شحنات الغاز والنفط الروسية لا تخضع للعقوبات بشكل مباشر، كان مشروع يامال قادرا على البدء بالعمليات التشغيلية في الوقت المحدد وبالميزانية المحددة بعد تعديل تمويله، ليناسب الضوابط الأمريكية المصممة خصيصا لتقويض مشاريع الطاقة الروسية الجديدة.
شركة نوفاتيك، التي تشغل مشروع يامال وكانت هدفا للعقوبات الأمريكية، كانت مضطرة لإجراء حركات مالية، بعد خفض وزارة الخزانة الأمريكية التمويل الغربي المقدم لها في عام 2014.
لقد حولت تمويل المشروع البالغة قيمته 27 مليار دولار إلى عملة اليورو، ولجأت إلى جهات الإقراض الصينية للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار. إلا أن شركة نوفاتيك رفضت التعليق على الموضوع.
وزارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية في بريطانيا، التي قالت إن إمدادات الغاز ستبقى وفيرة هذا الشتاء بسبب قدرة المملكة المتحدة على الاستيراد، أكدت أن 80 في المائة من الغاز المستهلك في المملكة المتحدة، إما أنه محلي أو تم شراؤه من النرويج أو قطر.
قالت الوزارة إنها لجأت إلى السوق كي تقرر نوع الغاز الذي عليها استيراده. تم شراء شحنة الغاز الطبيعي المسال من قبل فرع التداول التابع لشركة بتروناس الماليزية في لندن، والتي لم تستجب لطلبات بالتعليق على الموضوع، بدورها أيضاً.
قالت الوزارة: "ما إذا كان سيتم في نهاية المطاف استهلاك هذه الشحنة من الغاز الطبيعي المسال في المملكة المتحدة أم لا، فهذا يتوقف على السوق. كل ما في الأمر، هو أنه يمكننا الاستفادة من وجود نطاق متعدد من الإمدادات".
وحيث إن موعد وصول الشاحنة يحل بعد أكثر من أسبوعين - لأنها توجد حاليا قبالة الساحل الشمالي للنرويج - لا يزال بالإمكان إعادة توجيه السفينة، إن كانت هنالك جهة ما على استعداد لدفع سعر أعلى.
المملكة المتحدة أصبحت منذ فترة أكثر اعتمادا على الواردات اليومية بسبب تراجع الإنتاج المحلي للغاز وإغلاق مرافق التخزين القديمة.
قال فرانك هاريس من شركة وود ماكينزي، هيئة استشارات الطاقة في مقرها في أدنبره، إن الشحنة أثبتت أن المملكة المتحدة تعتمد الآن على نموذج الاستيراد المستند إلى السوق بالنسبة لإمداداتها من الغاز.
قال هاريس: "هنالك مرونة كبيرة في ذلك النموذج، لكن في النهاية أنت تتنافس مع بلدان أخرى على سعر تلك الإمدادات".
تم تحميل ناقلة يامال يوم الجمعة الماضي، في عملية تدشين احتفالية نظمها بوتين، الذي ضغط زر البدء في عملية تحميل الناقلة في درجات حرارة أقل من 30 درجة مئوية تحت الصفر.
وكانت فرصة للزعيم الروسي فأشاد بالأمر على أنه: "مشروع مهم جدا يضمن مستقبل روسيا ومستقبل اقتصادها".
واصلت شركة توتال في فرنسا، التي دخلت في شراكة مع شركة نوفاتيك في مشروع يامال، العمل في المشروع بعد أن خالف الاتحاد الأوروبي الولايات المتحدة في فرض عقوبات مباشرة على المشروع. وقد أطلقت شركة توتال على المشروع اسم: "الغاز الخارج من العزلة الباردة".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES