Author

كيف يمكن لـ «أوبك» تحقيق هدفها في خفض المخزون؟

|

في الوقت الحاضر يطرح التساؤل التالي: هل نهاية الفائض الكبير في أسواق النفط العالمية أخيرا يلوح في الأفق؟ من المؤكد أنه يبدو على هذا النحو، حيث إن العرض والطلب تقريبا في حالة توازن، وبناء المخزون في تباطؤ. وعلى الرغم من توقع عديد من المحللين أن يستمر مخزون النفط العالمي في البناء في النصف الأول من عام 2018، إلا أن مستويات مخزون منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ـــ وهي هدف منظمة أوبك ـــ يجب أن تتحرك في الاتجاه المعاكس أي التراجع.
ويمكن أن يساعد الطلب القوي وحساسية الأسواق المتجددة للمخاطر الجيوسياسية في تعويض أي تأثير ملتبس من استمرار بناء المخزون على أسعار النفط. إضافة إلى ذاك في النصف الثاني من العام المقبل، ينبغي أن ينتهي بناء المخزون العالمي، وفقا لكثير من مصادر السوق، ما يمهد الطريق أمام "أوبك" وشركائها من خارج المنظمة إلى نجاح اتفاقهم الأخير بتمديد خفض إنتاج النفط.
في هذا الجانب، يتوقع عديد من المحللين أن يبقى بناء المخزون العالمي بمعدل 500 ألف برميل يوميا طوال النصف الأول من عام 2018 نتيجة الإنتاج المتزايد من خارج "أوبك" ــــ خاصة الولايات المتحدة، ولكن أيضا كندا والبرازيل حتى بحر الشمال. وسينعكس هذا البناء إلى سحب يبلغ نحو 400 ألف برميل يوميا ابتداء من منتصف العام المقبل، ويستمر حتى نهاية عام 2018.
ومع ذلك، تقول الوكالة الدولية للطاقة في تقريرها الأخير عن حالة أسواق النفط العالمية، أن المعروض العالمي من النفط في عام 2018 هو أعلى مرة أخرى من الطلب العالمي على النفط، ما سيجعل عملية إعادة التوازن لـ "أوبك" أمرا صعبا في عام 2018. وتشير وكالة الطاقة الدولية إلى أن "الكثير قد يتغير في الأشهر القليلة المقبلة"، لكنها تقول إن عام 2018 ككل هو"سوق متوازن بشكل وثيق"، حيث إن المخزونات قد شهدت معدل سحب بنحو 500 ألف برميل يوميا في عام 2017. وقالت وكالة الطاقة الدولية إن الآمال باستمرار التخلص من المخزون في 2018 بالوتيرة نفسها التي شهدناها في عام 2017، قد لا تتحقق بالكامل. ففي عام 2018، من المتوقع أن يرتفع إنتاج المنتجين من خارج "أوبك" بمقدار 1.6 مليون برميل يوميا، بينما يتوقع أن ينمو الطلب العالمي بمقدار 1.3 مليون برميل يوميا، و75 في المائة من النمو خارج "أوبك" يأتي مرة أخرى من الولايات المتحدة، وفقا لوكالة الطاقة الدولية.
ويتفق محللو أسواق النفط في نقاشاتهم بشكل عام على أن أسواق النفط العالمية في حالة توازن فعلي مع اقتراب عام 2017 من نهايته، ولكنهم منقسمون حول المسار إلى الأمام. وتتركز هذه الانقسامات على متغيرين: أولا الإنتاج الإضافي من الولايات المتحدة من الحقول البرية، وثانيا الاستمرار في الالتزام من جانب دول منظمة أوبك والمنتجين من خارج المنظمة المشاركين في اتفاق خفض الإنتاج. وعلى الرغم من هذه المخاوف، فإن وجهات نظر المحللين حول أسعار النفط في العام المقبل تقع في نطاق ضيق إلى حد ما، حيث يتوقعون أن يراوح متوسط سعر خام بحر الشمال برنت بين 54 و63 دولارا للبرميل.
ما يعقد الأمور هو أن هدف "أوبك" ـــ وهو متوسط السنوات الخمس لمخزون النفط لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية - هدف متحرك. وتتأثر البيانات التي تصدرها الوكالة الدولية للطاقة شهريا بالعوامل الموسمية، في حين أن المتوسط آخذ في الازدياد مع انقضاء السنوات "العادية" للمخزون في عامي 2012 و2013 والاستعاضة عنها بفترات من العرض الزائد.
ومنذ بدء سريان اتفاق منظمة أوبك والمنتجين من خارجها في كانون الثاني (يناير) 2017، انخفضت مخزونات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من فائض قدره 339 مليون برميل عن متوسط السنوات الخمس إلى 137 مليون برميل. وعلى الرغم من أن المحللين يرون أن المخزونات العالمية ستستمر في الارتفاع في الربعين الأول والثاني من العام المقبل، فإن هذا البناء ينبغي أن يتركز في البلدان غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، مع تشدد المخزون في الولايات المتحدة وأوروبا. وبدءا من الفصل الثاني، ينبغي أن يبدأ أيضا متوسط السنوات الخمس في التحرك صعودا، مدعوما بالزيادة الموسمية، ما قد يؤدي إلى أن تكون مخزونات النفط في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أقل من المستهدف بحلول منتصف العام.
إن قدرة السوق على تحقيق إعادة التوازن في العام المقبل تأتي مع تحذير كبير ــــ حيث تم وضع جميع هذه التوقعات على أساس أن أساسيات العرض والطلب سيسمح لها بدفع أسواق النفط في العام المقبل دون انقطاع كبير. ومع ذلك، قد يكون هذا الأمر ليس بعيدا جدا، نظرا لأن سنوات من نقص الاستثمار تؤثر في جاهزية هذه الصناعة التي تؤثر بدورها في أسواق النفط.
إن التحركات الأخيرة لأسعار النفط تسلط الضوء على تجدد حساسية السوق للأحداث الجيوسياسية: فقد أدى تسرب النفط في خط أنابيب بحر الشمال إلى أن يرتفع «برنت» إلى أعلى مستوياته في عامين، تفجير أنبوب مفخخ في مدينة نيويورك أدى إلى تعزيز الأسعار، ويركز المتداولون في الأسواق مرة أخرى على التوترات في منطقة الشرق الأوسط. وتواجه السوق أيضا تحديات هيكلية أكثر في إمدادات النفط في بعض الأوساط. ومن المتوقع أن تشهد فنزويلا التي تشهد أزمة، انخفاضا في الإنتاج بمقدار 850 ألف برميل يوميا خلال العامين المقبلين في حالة عدم سداد الديون بالكامل أو بمقدار 400 ألف برميل يوميا إذا استمر الوضع الحالي. ويظهر نقص التمويل أيضا في حالات انقطاعات تراوح بين حقول بارس الجنوبية الإيرانية وحقول جالوت في بحر الشمال

إنشرها