FINANCIAL TIMES

في 2017 .. «الأسهم الزرقاء» تفاقم الاقتراض عالميا إلى 6.8 تريليون دولار

 في 2017 .. «الأسهم الزرقاء» تفاقم الاقتراض عالميا إلى 6.8 تريليون دولار

موجة اقتراض الشركات والحكومات سجلت مستوى جديدا هذا العام، ما أكسب بورصة وول ستريت رسوما دسمة، إلا أنها أثارت في المقابل، تساؤلات من المتوقع أن يحصل فيها تشديد على المال الرخيص، من قبل البنوك المركزية الأكثر أهمية في العالم في العام الوشيك 2018.
كانت الصدارة للمقترضين من الشركات الممتازة صاحبة «الأسهم الزرقاء» مثل إيه تي آند تي ومايكروسوفت، حيث استأثرت الشركات بأكثر من 55 في المائة من المبلغ الذي بلغ 6.8 تريليون دولار، وتم جمعه في عام 2017 من خلال عمليات شراء السندات التي نظمتها المصارف، وفقا لوكالة ديلوجيك التي تختص بتزويد البيانات.
كما استفادت أيضا مجموعة من البلدان من الأرجنتين إلى السعودية من نحو عقد من أسعار الفائدة المنخفضة في الاقتصادات المتقدمة، التي أرغمت المستثمرين على مطاردة العائدات في سندات حكومات السوق الناشئة وشركاتها.
قال جين تانوزو، مدير محفظة استثمارية لدى كولومبيا ثريد نيدل: "في عام 2017، كان هنالك تدفق ضخم في رأس المال نحو استثمارات الدخل الثابت عالية الجودة.
هذه قصة يحركها الطلب. إن كنت شركة أو حكومة سيادية، مع أسعار فائدة بهذا المستوى المتدني، فمن المفترض أن تقترض الآن".
في وقت متأخر من يوم الإثنين الماضي، تجاوزت الحصيلة لهذا العام، التي تشمل مبيعات جهات الإقراض السكنية المدعومة من قبل الحكومة، مثل مصرفي فاني ماي وفريدي ماك ومؤسسات مثل بنك الاستثمار الأوروبي، الرقم القياسي الذي حققته في عام 2016. ويشتمل الرقم 6.8 تريليون دولار على مبيعات الأوراق المالية المدعومة بالأصول والقروض العقارية، إضافة إلى السندات المؤمنة، إلا أنه لا يشمل الديون السيادية المبيعة في المزادات العلنية، مثل سندات الخزانة الأمريكية أو السندات الحكومية البريطانية أو الأوراق المالية للبلديات.
السؤال الذي يواجه المستثمرين هو ما إذا كان المعيار الجديد يمثل مستوى خطيرا من الاقتراض؟ في الوقت الذي ينضم فيه البنك المركزي الأوروبي إلى مجلس الاحتياطي الفيدرالي، من أجل تفكيك تدابير التحفيز الطارئة التي اتخذت في وقت الأزمة.
يعتزم مجلس الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة ثلاث مرات أخرى في عام 2018، إلا أن الأمر الذي ربما يكون أكثر إثارة للقلق بالنسبة للمستثمرين هو أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يخفض من كمية السندات التي يقتنيها، في الوقت المتوقع فيه أن ينهي البنك المركزي الأوروبي برنامجه الخاص بشراء السندات.
يشار إلى أن برنامجي التسهيل الكمي أصبحا حجر الزاوية في الاستجابة العالمية للأزمة المالية لعام 2007 وأزمة منطقة اليورو في عام 2010، حيث أبقيت أسعار الفائدة متدنية لنحو عقد من الزمان، في الوقت الذي كان يحاول فيه صناع السياسة تحفيز الاقتراض.
على نحو يعطي لمحة لما يمكن أن يحصل في العام المقبل، عانت أسواق السندات الحكومية العالمية عمليات بيع مكثف يوم الثلاثاء الماضي، ما دفع تكاليف الاقتراض في البلدان والشركات إلى مستويات أعلى، وألقى بثقله على الأسهم.
ارتفعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات 6 نقاط أساس لتصل إلى 2.46 في المائة، قريبة من المستوى الأعلى الذي حققته منذ آذار (مارس) الماضي، في الوقت الذي ارتفعت فيه عائدات السندات الحكومية الألمانية لأجل عشر سنوات 7 نقاط أساس - أكبر قفزة يومية منذ مطلع تموز (يوليو) الماضي - لتصل إلى 0.37 في المائة.
قال روبرت ميتشل، كبير الإداريين الاستثماريين في بنك جيه بي مورجان لإدارة الأصول، محذرا من أن من المتوقع أن يشكل عام 2018 نهاية لحقبة من المال السهل: "كان الكل يعيش في عالم يتسم بالتوسع النقدي العالمي وتضخم الأصول".
في حين تبين منذ وقت طويل أن توقعات فقاعة الديون لا أساس لها، إلا أن من المرجح أن تراجع الدعم المقدم من البنوك المركزية إلى الأسواق، من شأنه أن يمتحن مدى متانة النظام المالي في العام المقبل، خاصة موجة الاقتراض القوية في فترة ما بعد الأزمة، التي تعود إلى فترة كبيرة سابقة على إحصائيات وكالة ديلوجيك. قدر معهد التمويل الدولي هذا الصيف أنه في الوقت الذي تواصل فيه البلدان النامية بشكل عام خفض الاقتراض، عملت موجة قوية من الائتمان في الأسواق الناشئة - بقيادة الصين - على رفع مستوى الدين العالمي إلى 324 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وهذا انخفاض معتدل من الرقم القياسي الذي تم تسجيله بمقدار 327 في المائة في وقت سابق من هذا العام، بفضل تسارع النمو الاقتصادي العالمي، لكنه أعلى من نسبة 276 في المائة التي تم تسجيلها قبل عقد من الزمان.
استفادت الشركات في السوق بإعادة تمويل ديونها القائمة، واستخلاص شروط أفضل من المستثمرين، وتمديد آجال استحقاق قروضها. بالنسبة للمصارف التي تقدم النصح بشأن عمليات البيع، أصبحت عمليات اكتتاب الدخل الثابت مهمة إلى حد كبير بالنسبة لأرباح المصارف.
الرقم القياسي الجديد الذي حققته المبيعات الجماعية - السندات الصادرة عن مجموعة من المصارف - رفعت الرسوم التي تحصلها المصارف الاستثمارية إلى أعلى مستوياتها منذ الأزمة المالية، للتعويض عن الانخفاض في الدخل من عمليات الاستحواذ والاندماج والإيرادات المتأتية من تداول السندات، بحسب ما أظهرت بيانات منفصلة من مؤسسة ثومسون رويترز.
حققت المصارف، بقيادة بنك جيه بي مورجان وسيتي، مكاسب بلغت 30 مليار دولار في رسوم السندات لهذا العام، أعلى مستوى منذ أن بدأ تسجيل الإحصائيات في عام 2000، وفقا لبيانات من "ثومسون رويترز".
قال إيه جيه ميرفي، رئيس أسواق رأس المال في بنك أمريكا ميريل لينتش: "إصدار السندات هو الآن عند مستوى مرتفع للغاية في كل مكان. حظيت أمريكا اللاتينية بسنة جيدة. كما حظيت آسيا بسنة رائعة. ومع ذلك، نرى تدفق الأموال من أماكن أخرى إلى الأسواق الأمريكية والأوروبية".
يستعد بعض المستثمرين لإجراء معاملات مالية كبيرة في العام المقبل، بما في ذلك حزمة التمويل لتمويل عملية استحواذ "سي في إس" على شركة التأمين إيتنا.
وقد تصل عملية بيع السندات المذكورة إلى 40 مليار دولار، ما يجعلها من بين أكبر عمليات بيع السندات في التاريخ. مع إقرار الإصلاح الضريبي في الولايات المتحدة، يعمل المصرفيون على إعداد المستثمرين لاستقبال فترة انتعاش في حركة عمليات الاستحواذ والاندماج، وقد حذر المحللون لدى وكالة التصنيف إس آند بي العالمية من أنهم يرون "المزيد من مخاطر الرفع المالي، ولا سيما وقد زادت عمليات الاندماج والاستحواذ".
قالت كريستينا مينيس، الرئيسة العالمية لتمويل عمليات الاستحواذ في بنك جولدمان ساكس: "إن أصبحت أحجام عمليات الاستحواذ والاندماج قوية نسبيا، كما نعتقد، سيكون هنالك المزيد من الإصدارات.
لقد جمعت مؤسسات الرعاية المالية مبلغا ضخما من الرساميل، وستبقى في حالة من النشاط، إلى الحد الذي تشعر فيه بالثقة بأنفسها".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES