Author

التوازن .. منهج سعودي أصيل

|
التوازن.. كلمة تشيع الراحة في النفوس وفي المجتمعات، وهي منهج على مستوى الأفراد والشعوب والدول، وفي الجانب الديني تعني الوسطية بين التطرف والانحلال، وفي الاقتصاد تعني الترابط بين الواردات والإنفاق، وفي السياسة تعني الاحترام بين الدول، بحيث لا تتدخل دولة في شؤون دولة أخرى. وترفع بعض الدول هذا الشعار، لكنها لا تطبقه، بينما بلادنا تطبقه عمليا منذ تأسيسها، وقد أكد هذا الملك سلمان بن عبدالعزيز في خطابه أمام مجلس الشورى منذ أيام، حيث تطرق إلى الجانب الديني قائلا: "لا مكان بيننا لمتطرف يرى الاعتدال انحلالا ويستغل عقيدتنا السمحة لتحقيق أهدافه، ولا مكان لمنحل يرى في حربنا على التطرف وسيلة لنشر الانحلال". كلمات قوية تجسد التوازن في أقوى صوره، وفي مجال التنمية وازن الملك سلمان في خطابه بين جهود الدولة والقرارات التي اتخذت لخدمة المجتمع ومكافحة الفساد وبين تعزيز دور القطاع الخاص شريكا مهما في التنمية ودعمه الاقتصاد الوطني والتوسع في توظيف شباب الوطن وشاباته وتوطين التقنية، ثم أكد - حفظه الله - أنه "وجّه الوزراء والمسؤولين بتوفير مزيد من الخدمات بجودة عالية للمواطنين، والتوسع في عدد من البرامج التي تمس حاجات المواطنين الرئيسة وأهمها الإسكان"، وبذلك استبشر كل مواطن ومواطنة بخدمات أفضل في أهم القطاعات التي تمس حياتهم اليومية. وفي مجال السياسة الخارجية عرفت بلادنا بالاعتدال والتوازن؛ فهي تمد يدها لجميع الدول شرقا وغربا، إلا تلك الدول التي تعتدي عليها أو على أي من إخوانها العرب والمسلمين، وفي مقدمتها إسرائيل ذلك الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين التي يوجد فيها ثالث الحرمين الشريفين ومسرى رسولنا - عليه الصلاة والسلام - ثم إيران ومن يدور في فلكها لتدخلها في شؤون بلادنا وشؤون الدول العربية عامة والخليجية على وجه الخصوص، ولا تتردد بلادنا في الوقوف أمام من يساعد هذه الدول المعتدية بالقول الواضح والصريح، كما جرى في استنكار القرار الأمريكي بشأن القدس لما يمثله من انحياز كبير ضد حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية الثابتة، كما ورد في الخطاب الملكي أمام الشورى، وأكد خادم الحرمين الشريفين أيضا أن بلادنا تسعى إلى ترسيخ قيم التسامح والتعايش وتعمل على رفع المعاناة عن الشعوب، وتعمل مع حلفائها لمواجهة نزعة التدخل في شؤون الدول الداخلية وتأجيج الفتن الطائفية وزعزعة الأمن والاستقرار. وأخيرا: بلادنا في هذه المرحلة في بناء مستمر في الداخل تظهر فيه صورة التوازن بين القطاعين العام والخاص، بعد أن ظل المواطن معتمدا على الدولة في كل شيء، بينما القطاع الخاص شريك لا يسهم إلا بالقليل، واليوم وقد دعمته الدولة بمشاريع تصل إلى أكثر من 72 مليار ريال جاء دوره في المشاركة الفعالة، وبلادنا أيضا توازن في علاقاتها الخارجية مع جميع دول العالم إلا من يعتدي عليها وعلى أشقائها بالتآمر والاحتلال، وستظل هكذا بإذن الله ما دام لدى قادتها الحكمة وبعد النظر والوسطية والتوازن والاعتدال في معالجة الأمور، وتوفير العلم والتقنية اللازمة للأجيال التي أدركت أن العلم والعمل المخلص الجاد هما السبيل الوحيد لبناء الأوطان وتحقيق مستقبل أفضل للأفراد والمجتمع الطموح المتطلع إلى مزيد من التقدم إلى الصفوف الأولى عالميا.
إنشرها