Author

وفيات وإعاقات حوادث المرور .. مسؤولية من؟

|


تشير إحصاءات حوادث المرور المنشورة من قبل الهيئة العامة للإحصاء إلى أن عدد الحوادث المرورية يصل إلى أكثر من نصف مليون حادث، ينتج عنها 38120 إصابة و9031 وفاة في عام 1437هـ. وتجدر الإشارة إلى أن نسبة الوفيات الناتجة عن الحوادث المرورية تمثل 13 في المائة من إجمالي الوفيات المسجلة في المملكة، وهذه نسبة كبيرة، واستنزاف للموارد البشرية والاقتصادية.
وعلى الرغم من أن الحوادث تحصد أرواح أكثر من 30 ألف شخص في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن معدل الوفيات بسبب الحوادث في المملكة يماثل ثلاثة أضعاف معدل الوفيات بسبب الحوادث في أمريكا، ما يتطلب جهودا أكبر للحد من الحوادث وما ينتج عنها من وفيات وإعاقات متنوعة.
هناك جهود تُذكر فتشكر، لعل من أهمها تطبيق "ساهر" الذي أسهم بدرجة كبيرة في الحد من الحوادث في مختلف مناطق المملكة، ولكن "ساهر" لا يكفي! المشكلة الكبيرة هي أن إدارات المرور اكتفت بغرس كاميرات ساهر على بعض الطرق، وانصرفت لشؤون أخرى.
اتضح من خلال متابعتي الطويلة لجهود التوعية و"أسابيع المرور" التي تأتي وتختفي، أن أثرها في تعديل سلوكيات قائدي المركبات محدود جدا، نتيجة أزمة القيم التي يمر بها المجتمع، وانتشار ثقافة اللامبالاة وعدم الالتزام بأنظمة المرور، وما واكبها من غياب للمهنية والصرامة في تطبيق الأنظمة المرورية. هذه الظروف والتحولات الأخرى التي يشهدها المجتمع أدت إلى اضمحلال بعض القيم النبيلة بين قائدي المركبات، مثل "الإيثار" و"احترام أوقات الآخرين" والشعور بالمسؤولية تجاه الأرواح. وبناء عليه، فأعتقد أن الأسلوب الأمثل والأنجع والأسرع لتعديل سلوك قائدي المركبات لن يأتي من خلال "التوعية" وحدها، بل من خلال "الصرامة" في تطبيق الأنظمة وتكثيف مراقبة الطرق بالطرق التقليدية والحديثة.
عودا للسؤال المطروح في عنوان المقالة حول تحديد المسؤولية عن الوفيات والإعاقات التي تسببها الحوادث المرورية، ليس هناك شك في أن الجهات المكلفة بسلامة الحركة المرورية هي الجهة التي ينبغي أن تكون عرضة للمساءلة والمحاسبة. فلا بد أن تستشعر إدارات المرور مسؤوليتها عن كثير من الحوادث القاتلة التي تحدث على الطرق، خاصة تلك التي يمكن تفاديها. والأمل كبير في "الاستراتيجية المرورية الجديدة" التي لا تزال تحت الإعداد في مطبخ الإدارة العامة للمرور بأن تكون أكثر فاعلية وواقعية من سابقتها، وأن تركز على الركائز التالية:
1. رفع كفاءة الموارد البشرية، فالعنصر البشري هو الأساس في إحداث نقلة نوعية في هذا القطاع، وذلك من خلال: تطوير معايير اختيار الموارد البشرية، التطوير والتدريب، بناء شراكات مع الجامعات لإنشاء برامج دبلوم متخصص في السلامة المرورية، الاستعانة بكفاءة مميزة من الخارج للعمل جنبا إلى جنب مع رجال المرور لفترة من الزمن، من أجل تطوير الأداء، وتعزيز قيم العمل وأخلاقيات المهنة.
2. تطوير الأنظمة بما يتماشى مع التغير السريع في وسائل النقل والتغير الاجتماعي، وكذلك أنماط الحياة التي يعيشها الناس.
3. التوسع في استخدام التقنيات الحديثة في رصد المخالفات في الشوارع وعلى الطرق السريعة.
4. إلزام الشركات المستوردة للسيارات بضرورة تركيب كاميرات أمامية في جميع السيارات لرصد ما يحدث في الطريق، ما سيسهم بدرجة كبيرة في تحسين سلوكيات قائدي المركبات، خاصة مع السماح بقيادة المرأة للسيارة.

إنشرها