FINANCIAL TIMES

نيوزيلندا تنحو إلى إقصاء الأجانب من اقتناء المنازل

نيوزيلندا تنحو إلى إقصاء الأجانب من اقتناء المنازل

الجزيرة الدولة، لديها اقتصاد ناجح للغاية، وبيئة تحتفظ بنقاوتها الأصلية، وقد أصبحت ملاذا لكبار الأغنياء العالميين.
إلا أن نيوزيلندا تعاني من أجل تأمين مساكن لمواطنيها ، وتستعد لإجراء تغيير جذري في سياساتها المتعلقة بالإسكان، الأمر الذي يمكن أن يجعلها حالة اختبار للبلدان الأخرى.
يقول جرانت روبرتسون، وزير المالية في نيوزيلندا، الذي هو جزء من ائتلاف يقوده حزب العمال عاد إلى السلطة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بعد غياب دام تسع سنوات: "سوق الإسكان في نيوزيلاندا منهارة تماما، سعر الأراضي والإنشاءات يرتفع بشكل فادح، في الوقت الذي انخفض فيه مستوى بناء المنازل الميسورة بشكل هائل".
هذا الأسبوع، سوف تنشر ويلينجتون قانونا يحظر على الأجانب شراء المنازل الموجودة - المرحلة الأولى ضمن مجموعة من السياسات الرامية إلى التصدي للنقص المزمن في المساكن ذات الأسعار المعقولة، الذي أدى إلى استثارة أزمة التشرد.
تتكرر المشكلة في مختلف أنحاء كثير من البلدان الغربية - بما فيها كندا والمملكة المتحدة وأستراليا - حيث عملت أسعار الفائدة المنخفضة على دفع أسعار المساكن إلى الأعلى بشكل كبير، ما أدى إلى استبعاد احتمال ملكية المنازل بالنسبة لكثير من أصحاب الدخل المتدني.
تدفق مشتري المنازل من الأجانب، والإيجارات الآخذة في الارتفاع بشكل سريع، وركود الأجور، والتخفيضات في برامج الإسكان العامة عقب الأزمة المالية في عام 2008، هي جميعا عوامل ألقت بثقلها على الطلب على الإسكان وعرض المساكن والقدرة على شرائها.
المشكلة صعبة بصفة خاصة في نيوزيلندا، حيث توصل تقرير صدر أخيرا من جامعة ييل، إلى أن البلد يعاني أعلى معدل للتشرد في العالم المتقدم مع وجود 40 ألف شخص، نحو 1 في المائة من عدد السكان، يعيشون في الشوارع أو في مساكن طوارئ أو ملاجئ دون المستوى المطلوب.
تقول ماليشا، وهي أم لستة أطفال عادت لتعيش في نيوزيلاندا مع زوجها العام الماضي: "كنا نعيش في غرفة واحدة في بيت حماتي لأشهر، وكان الأطفال ينامون على الأرض، لكننا اضطررنا للانتقال وتقدمنا بالعشرات من الطلبات للاستئجار. على الرغم من أن زوجي يعمل، إلا أنه لم يقبل أي مالك التأجير لنا".
ماليشا، التي طلبت عدم نشر اسم عائلتها، هي واحدة من آلاف النيوزيلنديين، الذين عادوا إلى وطنهم من أستراليا للاستثمار في عقد من النمو القوي، شجع بنك إتش إس بي سي على أن يصف نيوزيلندا بأنها "نجم الاقتصاد الغربي الذي يسطع من الشرق".
الارتفاع الكبير في الإيجارات، والأعداد القياسية من المهاجرين، والفشل في الاستثمار في قطاع الإسكان العام، أدى إلى حدوث أزمة هيمنت على الانتخابات الأخيرة، التي أدت إلى نهاية تسع سنوات من حكومات محافظة تعاقبت على البلاد.
تقول جان راتليدج، مديرة في دي بول هاوس، جمعية خيرية في أوكلاند: "لدينا اقتصاد متفوق بالنسبة للمحظوظين بما يكفي لكي يتمتعوا بأجور كبيرة.
نيوزيلندا بلد ذو اقتصاد متدني الأجور، وبالنسبة للذين يعيشون على الهامش، فإن العثور على مسكن بسعر معقول، أمر صعب".
عائلة ماليشا واحدة من 18 عائلة تعيش في مركز الإيواء الطارئ في أوكلاند والتابع لبول هاوس، وهو مجموعة من الوحدات التي تقدم خدمات الدعم مثل المشورة فيما يتعلق بالميزانية، بالإضافة إلى مسكن لهم. تسعة من تلك العائلات لديها ما لا يقل عن فرد واحد يعمل في الأسرة، لكنها لا تزال غير قادرة على العثور على مساكن ميسورة التكلفة.
تقول راتليدج: "التغيير الكبير في مسألة التشرد هو عدد الأسر العاملة التي تعاني في سبيل العثور على منزل ودفع الإيجار"، مضيفة بأن الوضع أسوأ ما شهدته منذ 13 عاما من عملها لدى خدمات الإيواء في أوكلاند.
على صعيد البلد، كان هنالك نحو 5844 شخصا على قائمة انتظار المساكن الاجتماعية في أيلول (سبتمبر) الماضي، ما يشكل زيادة نسبتها 42 في المائة في نفس الشهر قبل عامين.
كانت أزمة الإسكان والمساكن قضية أساسية في انتخابات أيلول (سبتمبر) الماضي، والتي أطاحت بالحزب الوطني بعد أن قضى نحو عقد من الزمن في الحكومة.
يقول وينستون بيترز، نائب رئيس الوزراء وزعيم الحزب الأول في نيوزيلندا، الذي يشكل ائتلافا مع حزب العمال: "سيكون هنالك تغيير وإشارة واضحة مرسلة على الصعيد الدولي، بأن نيوزيلندا لم تعد للبيع على النحو الذي كانت عليه من قبل".
استهدف مستثمرو قطاع العقارات الصينيون نيوزيلندا، التي شهدت زيادة في أسعار العقارات بنسبة 57 في المائة على مدى العقد الماضي.
في أوكلاند، ارتفعت الأسعار بنسبة 90 في المائة. كما حقق البلد أيضا سمعة كبيرة كملاذ لأغنياء العالم مع وجود أصحاب المليارات فيها، مثل صاحب مشاريع التكنولوجيا بيتر ثيل، بعد أن اشترى عقارات شاسعة في بلد بعيد تماما عن بؤر التوتر في العالم.
مثل كثير من البلدان في أعقاب الأزمة المالية في عام 2008، باعت حكومة نيوزياندا السابقة مشاريع الإسكان التابعة للدولة، وفشلت في بناء عدد كاف من المساكن بأسعار معقولة. عدد المساكن الاجتماعية المملوكة من قبل وزارة الإسكان في نيوزيلندا وصل إلى الذروة عند 68148 مسكنا في عام 2011، مقارنة بـ 61323 مسكنا في عام 2017.
في العام الماضي، شهد الوضع المتدهور اضطرار عشرات العائلات في أوكلاند إلى النوم في سياراتهم، ما دفع الحكومة المحافظة السابقة إلى تخصيص مبلغ 300 مليون دولار نيوزيلاندي، لأجل اتخاذ تدابير طارئة، بما في ذلك إسكان العائلات المشردة في فنادق.
تقول نيكي داتون، عاملة في جيش الإنقاذ، تقدم الدعم لأشخاص يعيشون في مركباتهم: "إنهم ينامون في الحدائق، ومواقف اصطفاف السيارات أو في مداخل منازل أصدقائهم. من الصعب تحديد عدد الأشخاص الذين يعيشون على هذه الشاكلة. عادة ما يكون لدى أحد أفراد العائلة عمل، ولا يمكنهم الانتقال لمكان آخر، ومع ذلك لا يمكنهم دفع الإيجار".
إضافة إلى فرض حظر يمنع الأجانب من شراء المنازل الموجودة، يعتزم الائتلاف بناء 100 ألف مسكن بسعر معقول، ووقف عمليات بيع المساكن الخاصة بالدولة، وتقديم المزيد من التمويل لمبادرات تسكين المشردين.
وهو يريد أيضا فرض ضرائب على المضاربين في المساكن، حيث تعتبر الحكومة أن المضارِب هو من يبيع مسكنا خلال خمس سنوات من شرائه.
تحقيق هذه السياسات، وفي الوقت نفسه المحافظة على الوعد بالاحتفاظ بفائض الموازنة، سوف يكون تحديا بالنسبة للحكومة الجديدة. تعثرت أسعار المساكن منذ فترة، حيث عانت أوكلاند من هبوط أسعار المساكن بنسبة 0.6 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي– وهو أول انخفاض سنوي منذ ست سنوات. حذر بعض الاقتصاديين من أن تراجع أسعار المساكن يمكن أن يلقي بثقله على الاقتصاد.
يقول روبرتسون: "وجهة نظري هي أن الاقتصاد المتوسع المستدام لا يمكن أن يقوم على المضاربة على المساكن. أريد أن تكون سوق الإسكان سليمة – أريد أن أضمن أن الناس ينتقلون من الاستئجار إلى الامتلاك".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES