FINANCIAL TIMES

سلمون معدل وراثيا يدشن تطبيع إنتاج واستهلاك نظائره

سلمون معدل وراثيا يدشن تطبيع إنتاج واستهلاك نظائره

سلمون معدل وراثيا يدشن تطبيع إنتاج واستهلاك نظائره

عندما كُشف النقاب خلال الصيف بأن أسماك السلمون المعدل وراثيا تباع الآن في كندا، كان رد فعل الجماعات البيئية المعادية للتعديل الوراثي، شرسا.
كان مصدر الخبر المزعج سطرين من الإفصاح ظهرا في بيان الأرباح الفصلية لشركة أكوا باونتي للتكنولوجيا، شركة تقنية حيوية أمريكية، واللذين جاء فيهما أن الشركة باعت كمية صغيرة من سمك السلمون، الذي تنتجه.
سمك السلمون المعدل وراثياً بعد هندسته لينمو بضعف معدل نمو السلمون العادي، يعتقد أيضا أنه أول مثال على الحيوانات المعدلة وراثيا، التي تجري تربيتها وبيعها للاستهلاك البشري.
على الرغم من الاستجابة العدائية من بعض الأوساط، يقول رونالد ستوتيش، الرئيس التنفيذي لشركة أكوا باونتي: "يلزمك أن تكون متفائلا بشأن ما نفعله"، مضيفا أنه على الرغم من أن شركات التوزيع شعرت بسعادة كبيرة من هذا المنتج، إلا أن شركته تقدر حق كل شخص باختيار ما يريد. مع ذلك، يصر على أن إطلاق هذا المنتج كان العمل الصواب.
الميزة الرئيسية للسلمون الذي يمتاز بفترة حياة أقصر، هي أن السمك يمكن زراعته في خزانات من المياه على اليابسة، ما يقلل إلى حد كبير من تكلفة النقل والعبء الملقى على البيئة.
ويضيف ستوتيش: "الطلب العالمي على البروتين آخذ في التزايد. علينا أن نقوم بعمل أفضل وعلينا فعل ذلك بكفاءة".
باعت شركة أكوا باونتي نحو خمسة أطنان من هذا المنتج، وهذا يشكل جزءا ضئيلا جدا من أكثر من مليوني طن من سلمون المحيط الأطلنطي الذي يباع عادة سنويا.
مع ذلك، يعتقد بعض الخبراء أن هذه الخطوة الأولى البسيطة يمكن أن تكون بمثابة بداية لحقبة جديدة في مجال إنتاج الطعام المعدل وراثيا، ما يمهد الطريق أمام دخول المزيد من المنتجات الحيوانية إلى سوق تركز حتى الآن على المحاصيل، بشكل حصري.
سمك السلمون الذي تنتجه شركة أكوا باونتي، بعد أن تم فحصه من قبل الأجهزة التنظيمية على مدى سنوات، قبل حصوله على الموافقة ليتم بيعه للاستهلاك، عمل إلى حد ما على ترسيخ مخطط يستطيع الآخرون تقليده الآن، بحسب ما يقول ويليام موير، أستاذ علم الوراثة في جامعة بيردو في ولاية إنديانا.
ويضيف: "كانت مياها مجهولة. وهم لم يكونوا يعرفون حقا كيف يخضعون هذه الأمور للتنظيم الحكومي"، مضيفا أن هنالك تطبيقات أخرى ستأتي بشكل سريع الآن بعد أن تجاوزت شركة أكوا باونتي الحاجز التنظيمي.
أحد المجالات التي يعتبرها موير تبشر بالخير هي إيجاد حليب ماعز معدل وراثيا من قبل علماء في جامعة كاليفورنيا، ديفيس، والذي يحمل بروتينا موجودا في حليب الأم يمكنه، على سبيل المثال، المساعدة في حماية الأطفال في البلدان النامية من الإصابة بعدوى البكتيريا.
كانت الطريق إلى السوق طويلة بكل تأكيد، فقد حازت شركة أكوا باونتي على الموافقة لبيع منتجاتها في كندا في عام 2016، بعد انتظار دام ست سنوات.
غير أن حصولها على الضوء الأخضر من الهيئات التنظيمية، أخيراً، ما هو إلا جزء واحد من القصة.
لا يزال كثير من الجماعات البيئية والاستهلاكية يعارض تماما فكرة بيع سمك السلمون المعدل وراثيا بأي شكل من الأشكال.
وعلى الرغم من أن سمك السلمون الذي تنتجه هذه الشركة عقيم تماما، إلا أن أحد مصادر القلق الشائعة هو أن الأنواع المعدلة وراثياً، والمتمتعة بالخصوبة يمكنها الهروب إلى الطبيعة، وإيذاء الأنواع الطبيعية من خلال التهجين التداخلي أو التغلب عليها في التنافس على الموارد.
كما لا يزال كثير من الزبائن المحتملين مرتابين أيضا في المنتجات المعدلة وراثيا: حيث أعرب نحو 46 في المائة من البالغين في بريطانيا عن آراء سلبية بشأن المنتجات الغذائية المعدلة وراثيا، وفقا لاستطلاع للرأي أجرته وكالة يوجوف في عام 2014، مع تصويت 23 في المائة فقط لصالح تلك الشاكلة من المنتجات.
تقول أونور إلدريدج، محللة السياسات لدى جمعية التربة، الرابطة العضوية الرائدة في المملكة المتحدة: "هذا يسلط الضوء على الرفض المستمر من قبل الجمهور للأغذية المعدلة وراثيا. في نهاية المطاف، تكون السوق - وليس آراء السياسيين وشركات التعديل الوراثي والعلماء المؤيدين للفكرة - هي من يقرر دائما مصير المحاصيل والأطعمة المعدلة وراثيا، ومن المستحسن أن هذا الوضع سيستمر".
عموما، المعارضة السياسية للمنتجات المعدلة وراثيا مرتفعة بصورة لا بأس بها في أوروبا أيضا.
ولا يزال كثير من البلدان، ولا سيما فرنسا وألمانيا، معارضا بشكل قوي. حتى مع ذلك، فإن من الصعب التنبؤ كيف سيكون رد فعل المستهلكين إزاء منتج معين.
في الولايات المتحدة، يتم بيعها بكل سهولة، وقد بدأت الصين في استيراد الأغذية المعدلة وراثيا، وتقوم بتطوير صناعتها الزراعية الكيميائية في الوقت نفسه الذي تقوم فيه بإنفاذ بعض قوانين الحظر الإقليمية.
وقد رفضت بعض الشركات الكبيرة المنتجة للمواد الغذائية، بما فيها ماكين وسلسلة الوجبات السريعة تشيبوتل، علنا استخدام المنتجات المعدلة وراثيا.
يقول جيرمي سويت، مستشار بيئي مستقل: "لست متأكدا من المحرك الذي يحفز الناس على أي من القبول أو الرفض".
بكل بسالة، تستعد شركة أكوا باونتي لتجهيز مرفق إنتاج جديد في كندا، مضيفة إلى الوحدة القائمة الحالية في بنما. كما تعتزم الشركة البدء في البيع للسوق الأمريكية، في العام المقبل، بعد أن حصلت على إذن من إدارة الغذاء والدواء في عام 2015. كما تقدمت أيضا بطلبات للجهات التنظيمية في كل من الأرجنتين والبرازيل، وتتطلع إلى كل من السوق الصينية والتشيلية، كمناطق يمكنها التوسع فيها مستقبلا.
يقول موير: "لا يتسبب هذا المنتج في أي خطر يهدد صحة الإنسان. وعليه، من الناحية العلمية، لا أرى أي مبرر لحظر إنتاجه أو استهلاكه".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES