Author

«لا تعينوا الشيطان»

|
أعتبر خطبة الجمعة واحدة من أهم وسائل التنوير والتناصح في مسائل المجتمع. كثيرون هم من يبحثون عن قضايا بسيطة وقديمة أو ليست ذات علاقة بمشكلات المجتمع، ويباشرونها بالدراسة في الخطبة، وهو أمر قد يكون مقبولا في أوضاع اجتماعية ونفسية مستقرة وبعيدة عن التوتر، أما عندما تزداد التهديدات وتصبح الرؤية ضبابية ويتكاثر من يحاولون أن يسيئوا إلى المجتمع وتماسكه وتقدمه، فنحن بحاجة إلى توعية الناس حول المفاهيم التي يعالج بها الدين ما يستجد بينهم. هذه البداية أردت بها تأكيد المفهوم والفخر بإمام جامعنا الذي يطرح كل أسبوع موضوعا حساسا يهم المجتمع ويعالج الأزمات التي تواجهها الأسرة وأفرادها. هدف نبيل يمكن من خلاله أن نوصل للجميع الحقائق، ونفسر به كل ما يحدث حولنا من خلال رؤية إسلامية معتدلة. التنافر والتناحر الذي نشاهده اليوم بين المثقفين والمربين وأهل العلم يحتاج إلى تفعيل مفاهيم الشرع الأساس التي تعيد للفكر توازنه، وتنهي حالات الشد والاصطفاف الذي لا يحقق خيرا للمجتمع، ويهدد أهله في الدنيا والآخرة. الحالة التي ناقشها إمام الجمعة هي من الأهمية بمكان، تلكم هي حالة إطلاق النعوت والتهم بما يدفع بالمرء نحو الجانب الآخر كوسيلة لاستعادة الحق. ذكر الإمام بقصة صحابي جليل كان يحب الله ورسوله، لكنه لم يتمكن من الإقلاع عن شرب الخمر رغم جهاده واجتهاده مع رسول الله. عندما كان فتح خيبر رأى الرجل قناني خمر في أحد البيوت، فدفعه الشيطان للشرب منها، وقبض عليه وعرض أمره على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر بإقامة الحد عليه. طفق الصحابة يضربونه بكل ما أوتوا، ثم لعنه رجل ممن كانوا يعاقبونه، فغضب رسول الله وقال قولة مهمة "لا تلعنوا صاحبكم فإنه يحب الله ورسوله، لا تعينوا الشيطان على أخيكم". هذه النظرة العظيمة تؤكد بشرية المسلم، وإمكانية أن يقع في الخطأ، وأن العقاب الذي يوقع على المرء لا يعني خروجه من الدين وإنما هو تطهير له. كما يؤكد أنه لا اصطفاف مع الشيطان وإنما مع الرحمن، وأهم وسائل حفظ العلاقة بين المسلمين هي تناصحهم وتقبل المخطئ واحتواؤه بما يضمن ألا يتمادى في الخطأ أو يصبح عدوا للدين بتغريبه وإبعاده.
إنشرها