Author

مجلس الشورى ومناقشة تعيين قضاة قانونيين

|

يناقش مجلس الشورى قريبا مشروعا يوصي فيه بالسماح لخريجي القانون لأن يكونوا قضاة، حيث ينص نظام القضاء على اشتراط بكالوريوس شريعة فقط لأجل شغل وظيفة قاض، وهنا سأتحدث باختصار عن رأيي في الموضوع.
الحقيقة أن معالجة موضوع تأهيل القضاة من الأمور الملحة التي تجدر معالجتها بسرعة وسبق أن تحدثت عن هذا مرارا، حيث نجد مثلا أن خريج الشريعة في الرياض يتخرج وهو لم يدرس أي شيء حتى عن النظام الأساسي للحكم! ولا يدرس نهائيا أي شيء حول الأنظمة ولا المقدمات القانونية ولا أدبيات القضاء وخلافه، وهناك نقاط كثيرة حول آلية اختيار القضاة أصلا وكونها لا تشترط الخبرة التراكمية سأتركها كي لا أخرج عن الموضوع.
تأهيل القاضي الذي ينص عليه نظام القضاء أصبح اليوم قديما، فلم يعد كافيا التأهيل الذي يحصل عليه خريجو الشريعة فقط، فاليوم أصبحت البيئة النظامية أكثر تطورا وتعقيدا، ما يوجب أن يكون القاضي ملما بقواعد القانون الحديثة التي من خلالها يمكن التعامل مع الأنظمة وتفسيرها وتطبيقها.
لم يعد مقبولا اليوم إطلاقا تجاهل أهمية دراسة القانون للقاضي، فهي أهم أداة يستخدمها لفهم الأنظمة وتفسيرها، ولم يعد مقبولا أن يفسر ويحكم في قضايا تجارية معقدة ومركبة من جملة قواعد قانونية بحتة "لا تخالف الشريعة بالتأكيد" بينما لم يدرس أساسيات القانونين التجاري والمدني وقواعدهما بشكل واف، ولا شك لدي أن كثيرا من القضاة درسوا ذلك إما في دراسات عليا وإما باجتهادات شخصية؛ إلا أن هذا لا يكفي إطلاقا، فوجود فرد واحد دون تأهيل متخصص يكفي للاهتمام بإغلاق هذه النقطة ومعالجتها.
هناك الكثير من التخصصات القضائية التي أرى أنها تقتصر فقط على خريج القانون ويمكن تعديل النظام ليشترط إضافة تأهيل شرعي من خلال دبلوم أو ماجستير فقه مثلا، وكذلك خريج الشريعة يجب أن تطعم جميع الكليات التي تخرج القضاة بمواد قانونية دسمة، تمكن الخريج من امتلاك الملكة القانونية الكافية، واستبعاد المواد التي ليست لها علاقة بالقضاء والمحاماة.
بالنسبة للقضاء التجاري عموما والعمالي والمالي والإداري؛ فإن الحاجة إلى التخصص القانوني فيه أكثر إلحاحا من التخصص الشرعي، كون هناك تشريعات نظامية لا بأس بها، ويحتاج القاضي إلى الملكة القانونية كثيرا، ولا يمكن الاستغناء عنها، بينما قد لا يكون لديه التأهيل الكافي من الناحية القانونية، وهذه مشكلة أساسية برأيي وهي نقص الكفاءة والتأهيل الأساسي، فضلا عن أن آلية اختيار القضاة لا تعتمد اشتراط خبرة عملية، ولا يوجد هناك سلم يبدأ من خلاله ممارسة أعمال المهنة قبل التأهل للقضاء، ولا يوجد اختبار كفاءة أيضا، ما يعزز أهمية معالجة تأهيل القاضي الأساسي، إضافة إلى ضرورة معالجة آلية اختيار القضاة.
هذا الكلام لا يقلل من كفاءة القضاة بالتأكيد، فالكثير منهم اكتسب التأهيل الجيد بجهودهم الشخصية كما قلت، إلا أن معالجة مثل هذا الأمر مطلب ضروري لتطوير القضاء برأيي.

إنشرها