FINANCIAL TIMES

أسئلة حائرة بعد استحواذ «ميريديث» على «تايم» وشقيقاتها

أسئلة حائرة بعد استحواذ «ميريديث» على «تايم» وشقيقاتها

عندما ألح ستيف لاسي في المساومة بخصوص شراء عدد من مجلات شركة تايم في عام 2013، أوضح الرئيس التنفيذي لشركة ميريديث شيئا واحدا: أنه لم يكن مهتما بمجلة "تايم"، أو "سبورت إلستريتيد"، أو "فورشن".
مطبوعات "ميريديث" التي تتخذ من ولاية أيووا مقرا لها، هي مجلات شهرية حول نمط الحياة مخصصة لحاجات واهتمامات النساء مثل "بتر هومز آند جاردنز" و"راشيل راي إيفري داي". أما فكرة شراء المجلات الأسبوعية التي تركز على الأخبار والرياضة والأعمال فلم تكن لها جاذبية تذكر بالنسبة إليها. انهارت مفاوضات لاسي مع "تايم وورنر"، المالكة لشركة النشر آنذاك، وتم فصل شركة تايم لتصبح شركة مستقلة.
بعد أربع سنوات، وقّع لاسي صفقة قيمتها 2.8 مليار دولار، بما في ذلك الديون، للاستحواذ على كامل شركة تايم. وهي تعطيه المجلات التي طالما رغب فيها - خاصة "بيبول"، المجلة الأسبوعية المربحة التي تتابع المشاهير والتي تمثل جزءا كبيرا من إيرادات شركة النشر وأرباحها.
لكن في حين أن صفقة الاستحواذ التي نفذتها "ميريديث" ستقلب الصفحة بشأن السنوات المضطربة التي مرت بها شركة تايم باعتبارها شركة مستقلة تعاني انخفاض الإيرادات وعبء ديون ثقيل، إلا أنها تثير أيضا أسئلة جديدة حول مستقبل أكثر علاماتها التجارية شهرة.
قال أناس مطلعون على خطط "ميريديث" إن شركة النشر ستدرس فكرة بيع بعض المجلات، بما في ذلك "تايم" و"سبورت إلستريتيد". وأشاروا أيضا إلى أن "ميريديث" تعتزم "تسريح عدد لا يستهان به من الموظفين" بعد أن يتم دمج الشركات، وذلك ضمن خطة لخفض التكاليف تم الاتفاق عليها مع تشارلز وديفيد كوش، صاحبي المليارات المحافظين اللذين ساعدا في تمويل صفقة تايم.
وبحسب كين دكتور، المحلل الإعلامي لدى "نيوزونوميكس": "مع الإعلان عن الاستحواذ، افتتح موسم الشائعات رسميا بشأن مطبوعات تايم التي كانت في الماضي رمزا لمبادئ أساسية".
اكتسبت مجلة "تايم" أهمية متزايدة في الصفقة بفضل مشاركة الأخوين كوش. فهما يساهمان من خلال وحدة الأسهم الخاصة التابعة لهما، بمبلغ 650 مليون دولار مقابل أسهم ممتازة تمنحهما 10 في المائة في الشركة وتدفع توزيعات أرباح نقدية بنسبة 8.5 في المائة.
تاريخ الأخوين كوش الطويل المتمثل في الترويج لجدول أعمال السوق الحرة من خلال تمويل السياسيين المحافظين، والمؤسسات الفكرية والبرامج الأكاديمية، يغذي التكهنات حول دوافعهما: هل ستصبح "تايم "وسيلة أخرى للتأثير؟
"ميريديث" و"كوش إندستريز"، المجموعة العملاقة المملوكة من قبل الأخوين، تصفان الاستثمار بأنه "سلبي": الأخوين كوش لن تكون لهما مقاعد في مجلس إدارة "ميريديث" ولن يكون لهما "أي تأثير" على العمليات التحريرية أو الإدارية.
يبقى السؤال ما إذا كانت "ميريديث" ستُبقي على مجلتي "تايم" و"سبورت إلستريتيد" وغيرهما من المجلات التي لا تنسجم مع نقاط القوة التقليدية لديها، بعدما تضررت المجلات كثيرا بسبب انهيار النشر المطبوع.
منذ فصلها عن الشركة الأم عام 2014، كانت شركة تايم ضحية لانخفاضات على مستوى الصناعة في الإعلانات المطبوعة والتوزيع، وكذلك للهيمنة المتنامية لجوجل وفيسبوك، اللتين تتحكمان معا في 60 في المائة من سوق الإعلانات على الإنترنت في الولايات المتحدة.
إعادة تنظيم استراتيجية هذا العام تهدف إلى زيادة الإيرادات الرقمية والوصول إلى جمهور أوسع، أظهرت بعض التقدم. لكن هذه العملية خيمت عليها ظلال المتاعب التي تعانيها صناعة المجلات التقليدية، التي انخفضت إيراداتها 14 في المائة في العام الماضي.
ريتش باتيستا، الرئيس التنفيذي لشركة تايم، كتب في مذكرة إلى الموظفين: "قدمت لنا ميريديث فرصة للجمع بين الشركات لإنشاء قدر أكبر حتى من قبل من النطاق والمرونة المالية. النطاق مهم وسيمكِّن هذه المؤسسة من المنافسة بشكل أكثر فعالية في هذا المشهد الديناميكي لوسائل الإعلام، وتعزيز الإمكانيات الهائلة والمثيرة للعلامات التجارية لدينا".
عنصر الجذب الأكبر من وجهة نظر ميريديث هو مجلة "بيبول". قال لاسي للمحللين يوم الاثنين الماضي إن مبيعات الإعلانات انخفضت 3 في المائة خلال الـ 12 شهرا الماضية، إلا أن ذلك كان "أفضل بكثير من أداء الصناعة ككل أو أفضل من أداء ميريديث". وأضاف: "لديها أكبر جمهور. ولديها أكبر إيرادات إعلانات من أي أعمال أخرى، وكان أداؤها جيدا للغاية. بالتالي، فإن التركيز في حساباتنا سيكون على هذا الأمر أولا وأخيرا".
وبالمقابل "بعض الشركات الأخرى لديها قضايا مختلفة مرتبطة بها (...) من منظور الربحية، فهي لا تحدث تغييرا ملحوظا بطريقة أو بأخرى".
وألقت "ميريديث" باللوم بشأن الأداء الضعيف العام لشركة تايم في الإعلانات على "الاضطرابات الإدارية". وقال توم هارتي، رئيس شركة ميريديث وكبير الإداريين التشغيليين، إن الانخفاض في إيرادات الإعلانات المطبوعة للشركة كان أكثر حدة مرتين من الانخفاض الذي عانته شركة ميريديث خلال السنوات الثلاث الماضية. وأضاف: "نعتقد أننا قادرون على عكس هذا الاتجاه عن طريق الذهاب إلى السوق بالطريقة نفسها التي كنا نذهب بها إلى السوق دائما وأبدا".
ونجح موظفو شركة تايم فعلا من قبل في الصمود في وجه تغييرات واسعة في الإدارة وتخفيضات كبيرة في التكاليف. هذا العام ألغت الشركة، أو باعت حصة أغلبية إلى 300 موظف، وتعتزم تخفيض التوزيع ومعدل إصدار "سبورت إلستريتيد"، و"إنترتينمنت ويكلي"، و"فورشن" ومجلات أخرى. وكانت الشركة قد أعلنت في وقت سابق نيتها بيع عدد من المطبوعات، بما في ذلك مجلة الأعمال في المملكة المتحدة، ومجلتي "جولف" و"صن ست"، وحصة أغلبية في "إسينس". ومن المتوقع أن تكتمل هذه المبيعات بنهاية هذا العام.
وبالنسبة لموظفي شركة تايم، من غير المرجح أن يخف الألم في ظل "ميريديث" التي قالت إنها ستجري مراجعة أخرى لمقتنياتها وأشارت إلى إمكانية بيع المزيد من المجلات.
قال لاسي للمحللين يوم الاثنين: "سنلقي نظرة شاملة جدا على ذلك من منظور المحفظة المجمعة لجميع المقتنيات التي سنمتلكها معا".
ومن غير المرجح أن تنتهي عملية إعادة تشكيل "ميريديث" باستيعابها لمجلات شركة تايم. لاسي يريد منذ فترة طويلة أن يسير على خطى شركات وسائل الإعلام الأخرى التي فكت الارتباط بين شركاتها التلفزيونية ذات النمو المرتفع ومقتنياتها الباهتة في مجال النشر. ويمكن أن يكون الانقسام أكثر احتمالا مع محفظة نشر أكثر قوة.
حين سئل جو سيريانيك، كبير الإداريين الماليين في "ميريديث"، عن إمكانية فصل محطات التلفزيون المحلية التابعة للشركة، البالغ عددها 17 محطة، قال: "ستكون هناك فرص في المرحلة المقبلة".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES