Author

الجامعة العربية تصدر أقوى قرار عربي ضد إيران

|

حققت الدبلوماسية السعودية في الأسبوع الماضي انتصارا كبيرا بصدور قرار وزراء الخارجية العرب بالأغلبية الساحقة، والقرار يطوق الجمهورية الإسلامية الإيرانية بمجموعة من الإدانات التي يجرمها القانونان العربي والدولي، وكانت إيران قد نجحت طوال نصف قرن من بناء تحالفات عربية إيرانية داخل أروقة الجامعة العربية تمنع أي قرار عربي يصدر ضد إيران إزاء تدخلها العدواني السافر في عدد كبير من الدول العربية حتى أصبحت هذه الدول لا تملك قراراتها السيادية.
والواقع أن تاريخ العلاقات بين الدول العربية وإيران ـ في مختلف مراحل التاريخ العربي والفارسي ـ يشهد توترا مستمرا بسبب النفوذ الإيراني الذي أخذ يؤسس لمصالحه الفارسية داخل أروقة بعض الحكومات العربية، بل إن التوتر انقلب إلى مطالبات بالتنازل عن السيادة العربية لصالح الحكم الإيراني بحجة أن هذه الدول كانت في التاريخ السحيق تحت سلطات الإمبراطورية الفارسية البائدة، وهي حجج يكذبها ويدحضها التاريخ العربي الصحيح.
فمثلا كثيرا ما طالبت إيران حكومة البحرين بالتنازل عن دولة البحرين العربية إلى الحكم الإيراني بزعم أنها كانت ضمن أملاك الدولة الفارسية القديمة ، أيضا كثيرا ما هددت حكومة الملالي باجتياح الكويت واستعادتها إلى الحضن الإيراني.
وهكذا فعلت إيران مع دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1970 حينما طالبت الإمارات بالتنازل عن الجزر الثلاث أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، وحينما رفضت الإمارات التنازل عن حقوقها المشروعة في الجزر الثلاث قامت إيران باحتلال الجزر الثلاث بالقوة العسكرية الغاشمة.
وإمعانا من إيران في تحديها للحكومات العربية زرعت حكومة الملالي ميليشيات مسلحة في عدد من الدول العربية في سورية ولبنان "حزب الله" ثم في العراق، وأخيرا وليس آخرا تحالفت مع الشيطان الحوثي في اليمن لضرب الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية حتى بلغ الأمر إرسال صاروخ باليستي باتجاه العاصمة الرياض، وهو أمر خطير يجرمه القانون الدولي وكل قوانين الأمن والسلم الدوليين.
وأمام هذا العدوان السافر انتفضت الدبلوماسية السعودية وتقدمت المملكة العربية السعودية بعدة شكاوى إلى المنظمات الدولية والإقليمية.
وبناء على طلب المملكة عقدت الجامعة العربية في مقرها في القاهرة في الأسبوع ما قبل الماضي اجتماعا غير عادي على مستوى وزراء الخارجية العرب، ونجحت الدبلوماسية السعودية في تهيئة أجواء الجامعة لاتخاذ أقوى قرار يصدر من الجامعة ضد النفوذ الإيراني المتنامي داخل أنظمة عدد من الدول العربية، الذي أصبح نفوذا قويا يتهدد الأمن القومي العربي، وينشر الإرهاب ويدعم منظماته وميليشياته في عالمنا العربي. ولقد تضمن قرار وزراء الخارجية العرب 15 بندا كلها تندد بتدخل النظام الإيراني في الشؤون الداخلية لعدد من الدول العربية مثل لبنان وسورية والعراق واليمن والبحرين والكويت والإمارات العربية المتحدة، وبدأ القرار بالإدانة الشديدة لعملية إطلاق صاروخ باليستي إيراني الصنع من الأراضي اليمنية باتجاه العاصمة الرياض، واعتبر القرار أن إطلاق هذا الصاروخ بمنزلة تهديد للأمن القومي العربي، وأعطى القرار للمملكة حق الدفاع الشرعي عن أراضيها وفق ما نصت عليه المادة "51" من ميثاق الأمم المتحدة، وتعهدت الجامعة في قرارها المهم بمساندة المملكة في كل ما تتخذه من إجراءات للدفاع عن نفسها ضد الاعتداءات الإيرانية، كذلك نص القرار على أن دول الجامعة العربية تدين جميع الأعمال الإرهابية التي تقوم بها إيران في مملكة البحرين وآخرها تفجير خط أنابيب النفط البحريني واعتباره عملا إرهابيا قام به الحرس الثوري الإيراني، وندد قرار وزراء الخارجية العرب بالتصريحات التي ما فتئ المسؤولون الإيرانيون يطلقونها ضد حكومة مملكة البحرين، ونص قرار الجامعة أن دول الجامعة تدعم مملكة البحرين في جميع ما تتخذه من إجراءات وخطوات لمكافحة الإرهاب والجماعات الإرهابية التي تدعمها إيران التي تعكر صفو الأمن والاستقرار في مملكة البحرين. ولقد أشاد القرار بكل الإجراءات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين للدفاع عن أنفسهما ضد المخططات الإرهابية الإيرانية المتكررة، كذلك نص قرار وزراء الخارجية العرب على إدانة احتلال إيران للجزر الإماراتية العربية الثلاث أبو موسى، وطنب الكبرى، وطنب الصغرى، وطالب إيران بإعادة الجزر إلى دولة الإمارات، كما أن القرار العربي المهم والقوي أدان سياسة حكومة الملالي وتدخلاتها المستمرة في الشؤون العربية التي من شأنها تغذية النزاعات الطائفية والمذهبية، والتأكيد على ضرورة امتناع الحكومة الإيرانية عن دعم الجماعات التي تؤجج هذه النزاعات، ومطالبتها بإيقاف دعم وتمويل الميليشيات والأحزاب المسلحة في الدول العربية.
وفي إشارة قوية إلى «حزب الله» اللبناني أشار القرار العربي في عبارة صريحة وواضحة إلى أن «حزب الله» اللبناني المدعوم من إيران هو حزب إرهابي، ويحمله القرار مسؤولية دعم الإرهاب والجماعات الإرهابية في الدول العربية بالأسلحة المتطورة والصواريخ الباليستية، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فقد طالب القرار العربي الحكومة الإيرانية بحظر القنوات الفضائية الممولة من إيران التي تبث إرسالها على الأقمار الصناعية العربية باعتبارها تحرض على دعم الإرهاب وتهدد الأمن والاستقرار العربي، واختتم القرار بنوده بتكليف المجموعة العربية في نيويورك بمخاطبة رئيس مجلس الأمن وإفادته بالخروقات الإيرانية لقرار مجلس الأمن رقم "2231" حيث إن إيران حنثت بتعهداتها وقامت بتطوير برنامج الصواريخ الباليستية وما ينطوي عليه من طبيعة هجومية وعدوانية ضد الدول العربية.
والخلاصة: إن بنود قرار وزراء الخارجية العرب الذي صدر في الأسبوع الماضي من القوة بحيث يعطي للدول العربية حق الدفاع عن النفس تجاه عدوان إيراني منظم ومستمر منذ عقود طويلة، ويؤكد القرار أن الوقت قد حان كي تبادر الدول العربية بوضع حد لهذا العدوان والنفوذ الإيراني البغيض.

إنشرها