الطاقة- النفط

"أوبك": الأسواق تتجاوز الدورة الاقتصادية الأصعب في تاريخ النفط

"أوبك": الأسواق تتجاوز الدورة الاقتصادية الأصعب في تاريخ النفط

أكد تقرير لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أن صناعة النفط تجاوزت بالفعل واحدة من أصعب الدورات الاقتصادية التي تعرضت لها منذ أن تهاوت الأسعار في منتصف عام 2014 تحت تأثير عوامل عديدة، في مقدمتها طفرة واسعة في مستويات العرض من "أوبك" والإنتاج الأمريكي وأغلب المنتجين على السواء.
وأشار التقرير إلى أن السوق استوعبت جيدا كل جوانب هذه الدورة الاقتصادية الأصعب في تاريخ سوق النفط، حيث انخفض سعر سلة "أوبك" المرجعية بنسبة غير طبيعية تصل إلى 80 في المائة في الفترة ما بين يونيو 2014 ويناير 2016 نتيجة وفرة العرض الكثيفة فوق احتياجات الطلب في السوق.
ولفت التقرير إلى أن زيادة الإمدادات الواسعة القادمة من أمريكا الشمالية وأماكن أخرى أدت إلى تراكم واسع في مستوى المخزونات من النفط الخام والمنتجات النفطية، وهو ما تسبب في زيادة الضغوط على الأسعار وعلى وضع سوق النفط بشكل عام وذلك قبل ان يتمكن اتفاق خفض الإنتاج من علاج كبير وسريع لكل السلبيات السابقة وما زالت السوق تنتظر مزيدا من جهود المنتجين.
وأضاف التقرير أن "استمرار هذه البيئة الضعيفة للأسعار كان يمكن أن يتسبب في عواقب سلبية وخطيرة تهدد مستقبل الاقتصاد العالمي"، مشيرا إلى أن هذه الحقيقة أبرزتها مؤسسات اقتصادية عالمية رائدة مثل صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون والتنمية ومنظمة التجارة العالمية.
ولفت التقرير إلى ظهور سلبيات أخرى مع هبوط الأسعار تمثلت في انخفاض النمو الاقتصادي العالمي وضعف فرص الاستثمار وحدوث التشوهات التجارية والمالية التي نالت من آفاق النمو العالمي، مشيرا إلى انتشار حالة عدم اليقين فيما يتعلق بالجوانب الجيوسياسية خاصة مع تفاقم الصراعات والتوترات السياسية في الشرق الأوسط واستفحال أزمة الهجرة إلى أوروبا وتفاقم الخلافات في الاتحاد الأوروبي ما دفع بريطانيا إلى الخروج منه.
ونوه التقرير بأن الأزمات الاقتصادية في عدد من دول الإنتاج دفعت إلى التحرك نحو العمل الجماعي المشترك والبناء ما أسفر عن توقيع الدول الـ 24 على إعلان التعاون المشترك لتجاوز حالة المخاوف الضيقة ومناقشة المشكلات بشكل جماعي لإيجاد سبيل للمضي قدما نحو أطر تعاون ناجحة يستفيد منها جميع المنتجين وكذلك العالم بأسره.
وأفاد تقرير "أوبك" بأن تعاون المنتجين هو عمل استثنائي غير مسار التاريخ، مشيرا إلى أن المنتجين ما زالوا يتطلعون إلى مزيد من التنفيذ المتواصل لخطط عملهم المشترك من أجل إعادة التوازن إلى السوق وهو الأمر الذي طال انتظاره من قبل كثيرين، لافتا إلى أن التقدم المحرز في العام الماضي كان ملحوظا.
وأشار إلى أن شراكة المنتجين من أعضاء المنظمة ومن خارجها هي مشروع حيوي يستهدف أكبر من مجرد "الإصلاح" على المدى القصير، لكنه يعتبر خطة عمل ضرورية في الأجلين المتوسط والطويل وتعد مثالا على التزام المجتمع العالمي بالجهود المشتركة لاستعادة استقرار السوق بشكل مستدام وإيجابي واسع النطاق وممتد التأثير في الاقتصاد العالمي وفي صناعة النفط، وفي تعزيز اقتصاديات الدول المنتجة للنفط بشكل رئيسي.
وقالت المنظمة في أحدث تقاريرها - بمناسبة مرور عام على انطلاق التعاون بين دول "أوبك" وشركائهم من المنتجين المستقلين – "إن المنتجين حاليا يعيشون حالة من العلاقات البناءة والروابط المثالية وقد أسسوا بالفعل نموذجا لكيفية معالجة المشكلات الاقتصادية الأخرى في المستقبل".
ونوه التقرير بأن تعاون المنتجين تجاوز ضبط واستقرار السوق إلى مراحل أخرى أكثر عمقا تشمل تقاسم المعرفة التقنية وإنشاء شراكات للتعاون الاستثماري والتنسيق في مشاريع بحثية ولم يعد الأمر قاصرا على النقاش أو استعراض وجهات النظر المتباينة في السوق حيث تم تأسيس منظومة عمل كاملة تركز على آفاق المستقبل، ويعتبر الحوار والاتصالات المكثفة أحد الأدوات الأساسية لمعالجة المشكلات الجماعية.
وشدد التقرير الدولي على أن إعلان التعاون بين المنتجين في 10 كانون الأول (ديسمبر) 2016 كان مناسبة تاريخية ومعلما من معالم التغيرات الجذرية في مسار الطاقة في العالم.
وأوضح التقرير أن إعلان التعاون المشترك الذي ضم الدول الـ 14 الأعضاء في "أوبك" وعشر دول بقيادة روسيا من غير الأعضاء في المنظمة يعكس رغبة الدول المنتجة في اعتماد التعاون المشترك كركيزة من أجل إعادة تنظيم سوق النفط العالمية من خلال خطى متسارعة بهدف الوصول إلى علاقة متوازنة بين إمدادات النفط ومستوى الطلب وذلك في مرحلة تتسم بأهمية حاسمة للوصول إلى مستقبل أفضل للصناعة في العالم.
وذكر التقرير أن الاحتفال بمرور العام الأول على "إعلان التعاون" ليس فقط لأنه حدث تاريخي في حد ذاته، لكن أيضا لأنه إنجاز جدير بالذكر على كثير من المستويات الأخرى، منها أنه أول خفض جماعي في إنتاج النفط الخام منذ اتفاق وهران في عام 2008.
ويرى التقرير أن تفرد الاتفاق يتمثل أيضا في أنه هو المرة الأولى التي تلتزم فيها الدول غير الأعضاء في "أوبك" ضمن اتفاق مشترك لتعديل مستويات الإنتاج، كما أنه يعد أول مشاركة للعراق في إدارة العملية الإنتاجية بشكل فعال منذ عام 1998 كما تم من خلال الاتفاق التوصل إلى حل توافقي مقبول لوضع إيران يأخذ في الاعتبار ظروف العقوبات الاقتصادية التي تعرضت لها وأثرت في هبوط سقف إنتاجها.
وأوضح التقرير أن إنجازات الاتفاق شملت أيضا إنشاء أول لجنة مشتركة بين "أوبك" وخارجها للقيام بعملية الرصد وتقييم مدى الامتثال لقرار خفض الإنتاج وتسهيل تحقيق تعديلات الإنتاج وهو ما يمكن اعتباره قد نجح في إضفاء الطابع المؤسسي على إطار الشراكة المنظمة والمستدامة والشفافة مع غير الأعضاء في "أوبك".
وأفاد التقرير أن العمل المكثف الذي أعقب الإعلان المشترك للتعاون بين المنتجين اتسم بالشفافية والوثوقية العالية ما يجعل المنتجين فخورين بإنجازهم ويسعون إلى توسعة الاتفاق ودعوة بقية المنتجين في العالم ومنهم بالطبع منتجو الولايات المتحدة للمشاركة في منظومة العمل الجديدة.
وجدد التقرير التأكيد على أن "إعلان التعاون"، بين 24 منتجا حدد مسؤوليات كل طرف في المساهمة من أجل تحقيق استقرار سوق النفط لمصلحة جميع منتجي النفط وأيضا لمصلحة الدول المستهلكة، مشيرا إلى استمرار الجولات الواسعة من المشاورات من أجل التصدي لكل الصعوبات في السوق.
وأشار التقرير إلى أن تعاون المنتجين يأخذ عدة أشكال ومستويات من خلال اجتماعات متواصلة ودورية تركز على المستويين التقني والوزاري ما يعكس روح التعاون القوية التي أنشأها الإعلان المشترك.
ونوه التقرير الدولي بأن تميز الإعلان المشترك في أنه جمع مجموعة متياينة من منتجي الخام ونجحوا بالفعل في بناء روح توافق واسعة في الآراء تشمل كل المنتجين وبإصرار لا يعرف الكلل من أجل إيجاد وسيلة للخروج من الوضع السيئ الذي يواجه صناعة النفط الخام حول العالم خاصة ما يتعلق بالمخاوف التي تواجه أمن المعروض النفطي واستمرارية صناعة النفط على المدى الطويل.
وكانت أسعار النفط قد سجلت ارتفاعا طفيفا في ختام الأسبوع الماضي لكنها قبعت دون مستويات الذروة التي سجلتها خلال الجلسة مع تضرر الأسواق المالية من تقرير لـ "إيه.بي.سي نيوز" عزز المخاوف بشأن انكشاف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على تحقيق حول تدخل روسيا في حملة الانتخابات الرئاسية العام الماضي.
وبحسب "رويترز"، ارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت ليصل إلى 64.32 دولار للبرميل بعد يوم من اتفاق منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" ومنتجين آخرين للنفط على تمديد اتفاق خفض الإنتاج حتى نهاية العام المقبل لتقليص الإمدادات ودعم الأسعار.
لكن النفط بدد بعض مكاسبه مع تراجع وول ستريت بعد تقرير "إيه.بي.سي" الذي ذكر أن مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين مستعد لإبلاغ المحققين بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أصدر له توجيهات قبل تولي منصبه بالاتصال بالروس.
وجرت تسوية العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت عند 63.73 دولار للبرميل ليكون عقد أقرب استحقاق لشهر شباط (فبراير) بذلك مرتفعا 16 سنتا من حيث انتهى أجل عقد كانون الثاني (يناير)، وارتفعت عقود شباط (فبراير) 1.8 في المائة عن إغلاق الجلسة السابقة.
وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 96 سنتا، أو 1.7 في المائة، إلى 58.36 دولار للبرميل في التسوية، ولا ينتهي عقد كانون الثاني (يناير) لخام غرب تكساس الوسيط قبل 19 كانون الأول (ديسمبر)، وانخفض الخامان على أساس أسبوعي حيث نزل برنت أقل من 1 في المائة بينما تراجع الخام الأمريكي بنحو 1 في المائة.
وزادت شركات الطاقة الأمريكية عدد حفارات النفط العاملة للأسبوع الثاني على التوالي مع تداول أسعار الخام بالقرب من أعلى مستوى منذ صيف عام 2015 بعدما مددت الدول الكبرى المنتجة للخام اتفاقا عالميا لتقليص الإمدادات.
وقالت "بيكر هيوز" لخدمات الطاقة "إن الشركات زادت عدد منصات الحفر النفطية بواقع حفارين في الأسبوع المنتهي في الأول من كانون الأول (ديسمبر) ليصل العدد الإجمالي إلى 749 منصة".
وأشاد المنتجون الأمريكيون بقرار منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" والمنتجين من خارجها وعلى رأسهم روسيا تمديد تخفيضات إنتاج الخام بنحو 1.8 مليون برميل يوميا حتى نهاية عام 2018 مع سعيهم إلى التخلص من تخمة المعروض في الأسواق العالمية.
بيد أن زيادة الإنتاج الأمريكي أمر شائك بالنسبة إلى منظمة أوبك ويقوض أثر تخفيضات الإنتاج التي تقودها، وارتفع الإنتاج الأمريكي إلى 9.5 مليون برميل يوميا في أيلول (سبتمبر)، وهو أعلى مستوى إنتاج شهري منذ أن بلغ 9.6 مليون برميل يوميا في نيسان (أبريل) 2015 بحسب بيانات اتحادية لقطاع الطاقة.
وعدد الحفارات، الذي يعد مؤشرا مبكرا على الإنتاج في المستقبل، ما زال أكبر من 447 حفارا كانت عاملة قبل عام بعد أن عززت شركات الطاقة خطط الإنفاق لعام 2017 مع تعافي الخام من انخفاض استمر عامين.
وارتفع سعر العقود الآجلة للخام الأمريكي 5.5 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر) وسط حديث عن تمديد الاتفاق الذي تقوده "أوبك" لخفض الإمدادات، وبلغ في المتوسط أكثر من 50 دولارا للبرميل منذ بداية 2017 ليتجاوز بكثير متوسط العام الماضي البالغ 43.47 دولار للبرميل.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط