الطاقة- النفط

التفاؤل يسود أسواق النفط .. والأسعار ترتفع 2 % بدعم تمديد تخفيضات الإنتاج

التفاؤل يسود أسواق النفط .. والأسعار ترتفع 2 % بدعم تمديد تخفيضات الإنتاج

سادت الأوساط النفطية في العالم أجواء إيجابية بعد نجاح الاجتماع الوزاري رقم 173 للدول الأعضاء في "أوبك"، وأعقبه الاجتماع الثالث المشترك بين دول المنظمة والمستقلين اللذين اختتما أعمالهما المطولة الخميس في العاصمة النمساوية فيينا بعد مباحثات ومشاورات مكثفة بين المنتجين استمرت نحو 12 ساعة متصلة.
وارتفعت العقود الآجلة للنفط أمس على خلفية الاتفاق غلى تمديد تخفيضات الإنتاج، ليبلغ الخام الأمريكي في العقود الآجلة 1.7 في المائة إلى 58.41 دولار للبرميل، بينما ارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة تسليم شباط (فبراير) نحو 2 في المائة إلى 63.87 دولار للبرميل.
وعلى مدى تشرين الثاني (نوفمبر) ارتفع برنت نحو 3.6 في المائة في حين صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي نحو 5.6 في المائة، حيث دفع التجار الأسعار إلى الارتفاع توقعا لتمديد التخفيضات بعد آذار (مارس) 2018.
ورحب محللون نفطيون بالقرار الأبرز الذي تمخضت عنه الاجتماعات وهو مد العمل بتخفيضات الإنتاج لمدة تسعة أشهر جديدة بعد انتهاء مدة الاتفاقية في آذار (مارس) المقبل لتغطي التخفيضات الإنتاجية كامل العام المقبل 2018.
ومن المعروف أن 24 منتجا للنفط في "أوبك" وخارجها قد دشنوا في بداية العام الحالي أول تعاون مشترك لتقييد الإنتاج وتقليص المعروض النفطي العالمي بنحو 1.8 مليون برميل يوميا وهو ما حقق تقدما سريعا ونجاحات متوالية فيما يخص تقليص المخزونات وتعافي الأسعار وتوازن العرض والطلب، ما شجع المنتجين على مواصلة مسيرة التعاون بالاتفاق على ثاني مد لتخفيض الإنتاج على التوالي.
وفي هذا الإطار، أوضح لـ "الاقتصادية"، الدكتور أبهيشك ديشباند المحلل الهندي من شركة "ناتيكس" للطاقة الذي حضر اجتماع "أوبك" أن المحادثات كانت ناجحة بكل المقاييس وخلت من أي مفاجآت يمكن أن تكون لها انعكاسات سريعة على السوق، معتبرا مد العمل بالتخفيضات لمدة تسعة أشهر جديدة سبقه تمهيد جيد وإشارات قوية من أغلب المنتجين.
وأضاف ديشباند أن "ما لفت نظره في الاجتماع الأخير مشاركة ست دول جديدة بصفة مراقب في مقدمتها مصر وتركمانستان"، مشيرا إلى أنه توقف أمام دور هؤلاء المراقبين في الفترة المقبلة، وأنه بحسب ما أفاده المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية فإن دور هؤلاء المنتجين يعد مرحلة تمهيدية لدمجهم في العمل المشترك مع دول "أوبك" وخارجها، منوها بأن حضورهم كان بهدف معايشة الأجواء والتعرف عن قرب على وضع السوق والاستثمارات النفطية وسبل التنسيق بين المنتجين والمستهلكين.
وأشار المحلل الهندي إلى أن مواصلة العمل بتخفيضات الإنتاج سيسهم دون شك في الإسراع بدعم خطة استعادة التوازن في السوق، متوقعا عودة المخزونات إلى المستوى المتوسط في خمس سنوات خلال النصف الأول من العام المقبل نتيجة زيادة حالة الثقة بخطة عمل المنتجين مع التحسن المستمر في ظروف السوق الراهنة.
من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي شركة "أي كنترول" لأبحاث النفط والغاز، "إن المنتجين عقدوا خلال يومين ثلاثة اجتماعات مهمة ومؤثرة في السوق، أولها كان للجنة مراقبة خفض الإنتاج المكونة من خمسة وزراء في "أوبك" وخارجها، وخلصوا إلى ارتفاع نسبة مطابقة المنتجين لخفض الإنتاج إلى 120 في المائة، وهي نتيجة مرضية للغاية وتؤكد إصرار المنتجين على العمل باتفاق خفض الإنتاج لحين تحقيق الاستقرار والنمو المستدام في سوق النفط".
وأضاف كروج أن "الاجتماعين اللاحقين كانا أكثر نجاحا وتأثيرا إيجابيا حيث توافق المنتجون على مد العمل بتخفيضات الإنتاج لمدة تسعة أشهر جديدة، وهذا يعد ثاني فترة مد على التوالي حيث بدأت الاتفاقية بستة أشهر في يناير الماضي وتم تمديدها لتسعة أشهر مرتين على التوالي".
ونوه كروج بأن الاجتماع لم يفرط أيضا في التفاؤل، وهو ما أكده الوزير الفالح حينما أكد أكثر من مرة أن الطريق ما زالت طويلة وأن المنتجين لم ينتهوا بعد من تحقيق أهدافهم وأن هناك حاجة إلى استمرارية التعاون بوتيرة أقوى في عملية خفض الإنتاج، لافتا إلى أن المخزونات – وهي أهم التحديات أمام المنتجين – ما زالت أعلى من المتوسط بنحو 140 مليون برميل مقارنة بأكثر من 330 مليون برميل قبل بدء العمل بخفض الإنتاج.
من جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، أندريه يانيف المستشار الاقتصادي البلغاري في فيينا، أن اجتماع الخميس أكد أن المنتجين على الطريق السليمة، وأنهم في طريقهم لإضافة مزيد من النجاحات المتواصلة، مشيرا إلى أن الوزراء اهتموا بشكل كبير بقضية عودة الاستثمارات النفطية إلى مستواها الجيد والمزدهر بعد سنوات من الكساد والتباطؤ بما يؤمن منظومة العرض على المدى الطويل.
ونوه يانيف إلى أنه من النجاحات المهمة لاجتماع الخميس هو إيجاد حل وسط بالنسبة إلى قضية الإنتاج في ليبيا ونيجيريا، فقد حافظت الدولتان على الإعفاء الذي حصلتا عليه من خفض الإنتاج حتى يتحقق التعافي الكامل والاستقرار لإنتاجهما وفي نفس الوقت حصل بقية المنتجين على تعهد من الدولتين بعدم تحقيق أي قفزات إنتاجية قد تؤذي استقرار السوق وأن يبقى مستوى إنتاجهما في 2018 مماثلا لمستوى الإنتاج في 2017.
وأوضح يانيف أن هذه الصيغة الوسطية قد تؤمن إنتاج "أوبك" من حدوث طفرات غير متوقعة تؤثر في استقرار السوق خاصة بعد تفهم المنتجين لعدم عودة الاستقرار الكامل في الدولتين وأن فرص حدوث قفزات إنتاجية تقابلها على العكس فرص أخرى لحدوث انقطاعات في الإنتاج بسبب التوترات السياسية القائمة في الدولتين.
من ناحيتها، ترى ماريا جوساروفا المحللة الروسية أن الاجتماع الوزاري كشف عن استمرار التفاهم والتنسيق الواسع السعودي الروسي ورغبة البلدين القوية في قيادة السوق دون أي تراخ إلى مرحلة التوازن الكامل بين العرض والطلب، مشيرة إلى أن الاجتماع رد بقوة على من يشككون في جدية الموقف الروسي أو من تحدثوا عن ضغوط الشركات الروسية لعودة زيادة الإنتاج.
وأضافت لـ "الاقتصادية"، "تأكيد المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية على اختلاف التركيبة الاقتصادية في كل من السعودية وروسيا وتفهم الطرفين لهذا الاختلاف، حيث إن إنتاج النفط والغاز في روسيا يعتمد على عدد كبير من الشركات العامة والخاصة".
واعتبرت المحللة الروسية أن الاجتماع قد نجح أيضا في تهدئة المخاوف من تأثير النفط الصخري الأمريكي، مؤكدة أن النفط الصخري مكون مهم في منظومة الطاقة خاصة على المدى الطويل، وهو ما أكدته السعودية وروسيا وأغلب الدول المنتجة، وأن الزيادات التي يقدمها الإنتاج الأمريكي غير مقلقة إذا نظرتا إلى توقعات نمو الطلب بنحو 1.5 مليون برميل يوميا في العام المقبل علاوة على نمو الاقتصاد العالمي بشكل عام بوتيرة سريعة وبمعدل 3.7 في المائة.
ونوهت جوساروفا بأن عملية توسعة اتفاق خفض الإنتاج تتم بشكل تدريجي مدروس، لافتة إلى أن الدول الست التي حضرت الاجتماع كمراقبين قد تكون مستقبلا شريكة فاعلة في الاتفاق.
وقال بنك باركليز "إن التزام "أوبك" وروسيا بمستويات إنتاج عام 2017 بعد الربع الأول من عام 2018 سيؤدي بشكل أساسي إلى مزيد من التوازن بين العرض والطلب في السوق بنحو 400 ألف برميل يوميا "بفرض تساوي باقي العوامل" وسيشكل خطرا صعوديا، لتوقعاته لأسعار النفط في النصف الثاني من 2018".
وتوقع "باركليز" ردا من إنتاج النفط الصخري، الذي قد ينمو مجددا بما يراوح بين 400 و500 ألف برميل يوميا إذا بلغ متوسط سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 60 دولارا للبرميل.
ويتوقع "باركليز" أن ينكمش نمو الطلب بما يراوح بين 100 و200 ألف برميل يوميا إذا بلغت أسعار خام القياس العالمي مزيج برنت في المتوسط ما بين 60 و65 دولارا للبرميل العام المقبل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط