أخبار اقتصادية- عالمية

فقاعة "بيتكوين" تتضخم .. وقيمة العملات المشفرة قد تتخطى تريليوني دولار

فقاعة "بيتكوين" تتضخم .. وقيمة العملات المشفرة قد تتخطى تريليوني دولار

فقاعة "بيتكوين" تتضخم .. وقيمة العملات المشفرة قد تتخطى تريليوني دولار

قبل أقل من عام تقريبا كان أكثر أنصار العملة المشفرة الـ "بيتكوين" تحمسا لها لا يتخيلون أن تتجاوز قيمتها 11 ألف دولار خلال فترة وجيزة، فالعملة التي ظلت المعرفة بها محصورة في عدد محدود من المتعاملين، باتت اليوم حديث الأخبار ووسائل الإعلام، بعد أن تضاعفت قيمتها نحو 11 مرة خلال أشهر.
لكن تلك القفزات السعرية غير المسبوقة تفتح الباب على مصراعيه لكثير من الأسئلة حول المستقبل، وما القيمة السعرية المتوقعة لها في العام المقبل، وهل سنشهد مزيدا من الارتفاع في الأسعار أم أننا في مواجهة فقاعة سعرية ستنفجر حتما وتسبب خسائر بمليارات للمتعاملين بتلك العملة المشفرة؟
وضمن تلك الأسئلة التي باتت اليوم مطروحة من قبل مجموعة كبيرة من الاقتصاديين، "هل تبشر العملة المشفرة بظهور نظام مالي بديل للنظام المالي الرسمي العالمي، أم أننا أمام مؤامرة يتم فيها استغلال الرغبات المشروعة للبشر بتحقيق أرباح مالية لإلحاق الخسارة بملايين المضاربين على عملة الـ "بيتكوين"، مقابل أن تستفيد تلك المجموعة المتآمرة وتحقق أرباحا بمليارات"؟ والسؤال المنطقي: من هم هؤلاء المتآمرون الذين يقفون وراء تلك الزيادة المصطنعة في قيمة العملة المشفرة؟
بعض الاقتصاديين يعتبرون أن ما يحدث من ارتفاع متواصل في أسعار العملة المشفرة والترويج الإعلامي بأن الاقتصاد العالمي سيواجه وضعا خطيرا إذا ما انهارت قيمة عملة الـ "بيتكوين"، ليس أكثر من ضجيج إعلامي لا أساس علميا له.
ويشير الدكتور فوستر فينالي أستاذ الاقتصاد الدولي إلى أن قيمة الـ "بيتكوين" ارتفعت منذ الشهر الماضي وحتى الآن بنحو 65 في المائة، وخلال عام زادت قيمتها بما يعادل 1255 في المائة، وتبلغ القيمة الإجمالية لها حاليا "عدد عملات الـ "بيتكوين" المتداولة مضروبة في قيمة العملة الواحدة" 178 مليار دولار، وتتجاوز القيمة الإجمالية للـ "بيتكوين" حاليا قيمة ملاهي ديزني العالمية التي تضم 12 ملهى و51 منتجعا و387 محلا تجاريا حول العالم، مع هذا فإنها ليست بالضخامة التي يؤدي انهيارها إلى إصابة الاقتصاد العالمي بهزة أو كارثة على غرار الأزمة المالية العالمية عام 2008".
ويضيف لـ "الاقتصادية"، أن "قيمة الاقتصاد الدولي تقدر بتريليونات الدولارات والناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة بمفردها يقترب من 20 تريليون دولار، وبعض صناديق التحوط تصل رؤوس أموالها إلى أربعة تريليونات دولار، ولا شك أن انهيار أسعار الـ "بيتكوين" سيتسبب في خسائر كبيرة لكثير من المستثمرين، لكنه لن يهز الاقتصاد العالمي".
ويحذر فينالي من تغير المشهد إذا واصلت قيمة جميع العملات المشفرة في العالم الارتفاع، ويشير إلى أن التقديرات المتاحة تؤكد أن إجمالي قيمة العملات المشفرة لا يتجاوز حاليا 350 مليار دولار، لكن إذا واصلت الارتفاع فيمكن أن تبلغ ترليوني دولار بنهاية العام المقبل، وإذا ما حدث انهيار في قيمتها عند هذا المستوى فإن الاقتصاد العالمي سيتعرض لمتاعب ملموسة.
وإذ يعتقد البعض أن عام 2017 سيسجل باعتباره العام الذهبي لعملة الـ "بيتكوين"، لأنها تجاوزت العشرة آلاف دولار، فإن مجموعة كبيرة من المختصين في المجال الاستثماري يعتبرون المستقبل وتحديدا العام المقبل يحمل مزيدا من الأخبار السارة للـ "بيتكوين".
ويؤكد هنري فوكس المختص الاستثماري في عدد من الشركات الاستثمارية البريطانية، أن العام الذهبي للعملة المشفرة الـ "بيتكوين" لم يأت بعد، وأن عام 2018 سيشهد ارتفاعات كبيرة للغاية في قيمة الـ "بيتكوين" وغيرها من العملات المشفرة.
ويتوقع فوكس أن يصل سعر عملة الـ "بيتكوين" نحو 40 ألف دولار بسهولة بنهاية العام المقبل، ويبرر ذلك بأن العملة الافتراضية تختلف عن السلع الأخرى، فالمعروض منها محدود ولن يتجاوز 21 مليون وحدة مشفرة، ومن ثم فإن هناك زيادة في الطلب، ولكن لن تواجه بزيادة في العرض.
وينصح فوكس صغار المستثمرين بأن لا تتجاوز نسبة الـ "بيتكوين" في محافظهم الاستثمارية ما بين 1 إلى 3 في المائة من إجمالي استثماراتهم، أما كبار المستثمرين فيمكن أن تصل نسبة العملة المشفرة في محافظهم الاستثمارية بين 5 إلى 10 في المائة.
وتستخدم الـ "بيتكوين" التي استحدثت عام 2009، التشفير وقاعدة بيانات تسمح بتحويل الأموال بسرعة وسرية خارج نظام الدفع المركزي التقليدي، وأدى تنامي شعبيتها وزيادة الطلب عليها إلى جدل واضح بشأن أكثر البلدان طلبا لتلك العملة، حيث تشير البيانات المتوافرة عن طريق العملات التي تستخدم لشراء الـ "بيتكوين"، إلى أن القارة الآسيوية وتحديدا اليابان وكوريا الجنوبية في مقدمة البلدان التي تشهد طلبا قويا على العملة الافتراضية الـ "بيتكوين"، إذ بلغت مشتريات العملة المشفرة بالين الياباني نحو 62 في المائة من إجمالي المشتريات أخيرا، تليها الولايات المتحدة بنسبة 21 في المائة، وكوريا الجنوبية بما يقارب 9 في المائة.
وحول أسباب ازدهار الطلب على الـ "بيتكوين" في اليابان وكوريا الجنوبية، توضح لـ "الاقتصادية"، سو إيفانز المحللة المالية في بورصة لندن، أن "القيود التي تفرضها الحكومة الصينية على العملات المشفرة وفي مقدمتها الـ "بيتكوين"، هي التي جعلت اليابان وكوريا الجنوبية في مقدمة الدول التي يتجه مواطنوها إلى تلك العملة، فلو لم تكن هناك قيود في الصين على العملات المشفرة لاحتلت السوق الصينية المقدمة في هذا المجال، ويضاف إلى ذلك أن الحكومة اليابانية تعترف رسميا بالعملات المشفرة وتسمح بسداد المدفوعات بها، بينما لا يوجد في كوريا الجنوبية قانون ينظم استخدام الـ "بيتكوين"، ويمكن للمواطنين شراء العملة المشفرة من عديد من المتاجر في مختلف أنحاء البلاد".
وفي الحقيقة فإنه لا توجد في اليابان وكوريا الجنوبية أي قواعد لحماية المستثمرين في عملة الـ "بيتكوين"، وقد تسبب ذلك في بروز مخاوف حقيقية خاصة في كوريا الجنوبية من أن يؤدي انتشار التعامل بالـ "بيتكوين" إلى توسع الجريمة خاصة بين صغار السن والفئات الشابة.
وصرح رئيس وزراء كوريا الجنوبية بأن تزايد اهتمام الشباب الكوري بالعملات الافتراضية، يمكن أن يجعل منهم فريسة سهلة لتجار المخدرات والأنشطة غير المشروعة، نتيجة الرغبة في تحقيق الثراء السريع، وما قد ينجم عن ذلك من تعرض النسيج المجتمعي لمخاطر حقيقية.
وتعزز تلك المخاوف من وجهة نظر التيار الرافض للعملة الإلكترونية الذي يحذر من أن الارتفاع الحالي ليس أكثر من فقاعة ستنفجر يوما ما، بل يذهب البعض ومن بينهم الدكتور دولان دوبسون أستاذ الاقتصاد الكلي في جامعة أكسفورد إلى أن الزيادة الجارية في قيمة العملات المشفرة وتحديدا الـ "بيتكوين" لا تتفق مع المنطق الاقتصادي.
ويقول لـ "الاقتصادية"، "إن القضية تتطلب كثيرا من التحري، فلا توجد سلطة مركزية في تلك العملات، ويمكن أن تكون تلك الزيادات نتيجة تلاعب المنظمات الإجرامية، باختلاق طلب مفتعل على تلك العملات لرفع الأسعار ومن ثم بيعها عند نقطة معينة، محققة بذلك أرباحا ضخمة على حساب معظم المستثمرين".
ويضيف دوبسون أن "مشكلة العملات المشفرة جميعا أنه لا توجد جهة منظمة لها، أو يمكن محاسبتها قانونيا إذا ما انهارت العملة، حتى في حال اكتشاف أن هناك تلاعبا بقيمتها فإنه سيكون من شبه المستحيل محاسبة الأشخاص الذين قاموا بذلك، لأنهم في معظم الأحيان أشخاص مجهولو الهوية".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية