Author

لا يأس مع الحياة

|

بلغ من شدة إعجاب زميلي الأستاذ الجامعي بمقطع جاءني وبعثته له أن عرضه على طلبته في اليوم التالي، وقد يكون الطلبة قد وزعوه على مدى أوسع وهو يستحق النشر بما يحمله من معان سامية يحتاج إليها كل واحد منا.
تتحدث في المقطع شابة باكستانية عن أزمتها بعد أن أصيبت بالشلل في أطرافها السفلى نتيجة حادث سيارة كان يصاحبها خطيبها الذي ما أن اكتشف إعاقتها حتى قرر الانفصال عنها، وهو ما عبرت عنه بأفضل ما مر بها في حياتها من حيث العبرة والفائدة النفسية.
بقيت الشابة فترة تحت تأثير أزمة الشلل الذي كاد يغيبها عن العالم، حتى اكتشفت أنها لم تفقد سوى جزء من قدراتها، فحولت ضعفها قوة جارفة غيرت مجرى حياتها. بدأت في استعادة توازنها ومن ثم دعم كل المحتاجين الذين تعرفهم، ثم انطلقت لتساعد أولئك الذين لا تعرفهم حتى أصبحت سفيرة للنوايا الحسنة للأمم المتحدة.
تعمل الفتاة على مدار الساعة وتكاد ابتسامتها تنطق بالقناعة والرضى فهي عندما اكتشفت أن خطيبها لم يكن ذلك الرجل الذي يستحق أن تضحي من أجله، استمرت في الدعاء له وهنأته ما إن تزوج بفتاة أخرى، وهي تؤكد إلى اليوم أنها لا تحمل ضده أي ضغينة.
كان حلم حياتها أن يكون لها طفل ينتمي إليها، ذاك كان أكبر ما أثر في نفسيتها عندما وقع الحادث وقرر خطيبها أن ينهي علاقتهما، لكنها اكتشفت أنها تستطيع أن تتبنى طفلا وتحقق سعادتها وتضمن له السعادة أيضا. بقيت على قائمة الانتظار أربع سنوات، ثم جاءها الخبر المفاجئ السعيد الذي جعلها أما.
خلال تلك الفترة عاشت في العمل الخيري واكتشفت في نفسها من المواهب ما لم تكن لتكتشفه لو لم تكن تعرضت لذلك الحادث، تلكم هي المحن التي يكون في ثناياها المنح.
تعيش الشابة اليوم في باكستان مع طفلها الذي حصل هو الآخر على فرصة حياة جديدة لم يكن ليحلم بها لو لم يكتب له الله هذه الفرصة العظيمة.
قرأت أمس عن شاب سعودي حول إعاقته إلى منحة هو الآخر فاكتشف فأرة كمبيوتر جديدة تناسب الشلل التام الذي تسبب له فيه حادث سير، وأنشأ ثلاثة مواقع على الإنترنت، هذه الروح الرائعة هي ما يحتاج إليه كل من أصيب بخيبة أمل أو مصيبة ليتحول إلى شخص مختلف تماما.

إنشرها