الطاقة- النفط

محللون دوليون لـ "الاقتصادية": السعودية تتمسك بالتنوع الاقتصادي رغم تعافي النفط

محللون دوليون لـ "الاقتصادية": السعودية تتمسك بالتنوع الاقتصادي رغم تعافي النفط

عادت أسعار النفط الخام إلى تسجيل ارتفاعات بعد توقف مؤقت وتعود الارتفاعات إلى حالة التفاؤل والترقب المحيطة بالاجتماع الوزاري الموسع لدول "أوبك" وخارجها يوم 30 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، الذي تتوقع كثير من الدوائر المالية والاقتصادية في العالم أن يسفر عن إجراءات جديدة لدعم استقرار السوق، في مقدمتها مد العمل بتخفيضات الإنتاج حتى نهاية العام المقبل 2018.
ويكبح تحقيق مزيد من المكاسب السعرية زيادات ملموسة ومؤثرة في مستويات الإنتاج الأمريكي من النفط الخام، وقد تجاوزت سوق النفط حالة مؤقتة من التراجعات بسبب جني الأرباح وبسبب المخاوف من تأثير الانتعاشة في الإمدادات الأمريكية.
وسجلت العقود الآجلة لخام برنت 62.34 دولار للبرميل في الساعة 11:45 بتوقيت جرينتش مرتفعة 12 سنتا في حين زاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 14 سنتا إلى 56.56 دولار.
وقلصت "أوبك" وعدد من المنتجين المستقلين في مقدمتهم روسيا الإنتاج هذا العام سعيا للقضاء على تخمة المعروض العالمي وتعزيز الأسعار.
وفي سياق متصل، أكد تقرير "ريج زون" النفطي الدولي المعني بأنشطة الحفر أن منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" نجحت بالتعاون مع الدول غير الأعضاء في "أوبك" بقيادة روسيا في تخفيض المخزونات العالمية ودعم الأسعار عن طريق خفض الإنتاج بمستويات مؤثرة.
وأوضح التقرير الدولي أنه من المرجح على نحو واسع أن تقوم مجموعة المنتجين بتوسيع نطاق اتفاق التخفيض ليغطي كامل العام المقبل وذلك خلال الاجتماع الوزاري في 30 نوفمبر الجاري.
ونقل التقرير عن بعض محللي السوق تأكيدهم أن الزيادة المستمرة في إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة تثير بعض القلق في السوق خاصة بعد لجوء المنتجين الأمريكيين إلى تكثيف جهودهم من اجل رفع مستوى الإنتاج بعد انتعاش أسعار النفط الخام مؤخرا.
ولفت التقرير إلى توقعات المحللين بأن يقوم الإنتاج الأمريكي بضخ زيادات تقترب من 10 ملايين برميل يوميا في غضون 3 إلى 6 اشهر.
وسلط التقرير الضوء على تباين تقديرات كل من وكالة الطاقة الدولية ومنظمة "أوبك" لمستوى الطلب على النفط حيث توقعت "أوبك" أن يرتفع الطلب على النفط الخام في دول المنظمة بمقدار 460 ألف برميل يوميا ليصل إلى 33.42 مليون برميل يوميا في العام المقبل بينما في المقابل توقعت وكالة الطاقة الدولية حدوث انخفاض قدره 320 ألف برميل يوميا ليصل إلى 32.38 مليون برميل يوميا.
وقال التقرير إن حالة عدم اليقين السياسي في الاتحاد الأوروبي بسبب صعوبة تشكيل حكومة ائتلافية في ألمانيا برئاسة المستشارة أنجيلا ميركل كان له انعكاسات على سوق النفط الخام حيث أدى إلى صعود الدولار على حساب اليورو ومن ثم الحد من مكاسب أسعار النفط التي ترتبط بعلاقة عكسية مع الدولار.
وفي هذا الإطار، قال لـ"الاقتصادية"، روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش أى " للخدمات النفطية، إن أسعار النفط الخام استأنفت مسيرة الارتفاعات السعرية نتيجة الثقة بالتحركات الجديدة للمنتجين خاصة ما يتعلق بمواصلة الالتزام بخفض الإنتاج والتركيز على سحب فائض المخزونات الذي يصل حاليا إلى 150 مليون برميل، متوقعا أن يهبط إلى 50 مليون برميل بعد فترة وجيزة من مد العمل بتخفيضات الإنتاج.
وأشار إلى أن سوق النفط تأثرت في الأيام القليلة الماضية بحدوث ارتفاع كبير في مستويات المضاربة على النفط وانتشرت حالة من المضاربات الثقيلة عموما في عقود الطاقة نتيجة صعود الأسعار بوتيرة متسارعة على مدار خمسة أسابيع متصلة قبل أن تهبط في الأسبوع السادس.
وأضاف أن عمليات جني الأرباح كانت مهيمنة على السوق على مدار الأسبوع الماضي ولكن السوق عادت لاستئناف المكاسب السعرية بفضل التقدم المستمر في توازن العرض والطلب وانحسار تخمة المعروض مع تحسن مؤشرات الطلب، مشيرا إلى أن العوامل المضادة ستظل متركزة في ارتفاع الإمدادات الأمريكية وصعود الدولار الأمريكي مقابل بقية العملات الرئيسية.
من جانبه، أكد لـ"الاقتصادية"، أندريه يانيف المستشار الاقتصادي البلغاري في فيينا، أن سوق النفط تشهد آفاقا إيجابية للغاية، كما أن استعادة مستويات متميزة للأسعار يتحقق تدريجيا وربما بوتيرة أسرع مما كان يتوقع كثيرون بفضل إصرار المنتجين على المضي قدما في مسيرة العمل المشترك وتحقيق أعلى مستويات الامتثال لحصص خفض الإنتاج وفق مقررات إعلان المشترك في فيينا والذي بدأ تطبيقه بنجاح منذ مطلع العام الجاري، مرجحا مد العمل به على مدار العام المقبل أيضا.
وأضاف أن تنامي أسعار النفط الخام لم يثن المنتجين عن الاستمرار في خطط التحول والتنوع الاقتصادي وتطوير القطاعات غير النفطية وتعظيم الموارد منها وأبرز الأمثلة على ذلك البيانات السعودية الأخيرة التي كشفت عن ارتفاع حجم الموارد من القطاعات غير النفطية خلال العام الجاري إلى 32 في المائة، مقابل 68 في المائة، فقط من القطاعات النفطية .
من ناحيته، قال لـ"الاقتصادية"، ماثيو جونسون المحلل في مجموعة "أوكسيرا " للاستشارات المالية، إن حالة الترقب في السوق سوف تستمر على مدار الأسبوعين المقبلين انتظارا لما سيسفر عنه اجتماع المنتجين في فيينا وتمثل ذلك بشكل أساسي في إحجام المتعاملين عن تكوين مراكز مالية كبيرة لحين حسم الملفات المطروحة على المنتجين وفي مقدمتها مد العمل بالتخفيضات وتوسعة الاتفاق بضم منتجين جدد.
وأشار إلى أن الاجتماعين اللذين سوف يسبقا الاجتماع الوزاري لا يقلان عنه أهمية، اجتماع الفنيين والخبراء واجتماع لجنة مراقبة اتفاق خفض الإنتاج، حيث سيتم استعراض أحدث بيانات الإنتاج والتصدير في الدول الـ24 الأعضاء في اتفاق خفض الإنتاج ومن ثم تكوين رؤية دقيقة وموضوعية عن حجم المتغيرات في السوق، ما يسهل التوافق على الخطوات المقبلة في خطة عمل المنتجين لدعم التوازن في السوق.
ومن المتوقع على نطاق واسع في اجتماع الأسبوع المقبل أن تمدد المنظمة الاتفاق لما بعد تاريخ انتهاء العمل به في آذار (مارس) 2018.
وقال أولي هانسن المدير في بنك ساكسو "ثمة اعتقاد عام بأن أي قرار عدا التمديد قد يكون له تأثير سلبي شديد، لذا تترقب السوق تأكيدا بأن أوبك تريد الاتجاه نحو التمديد".
لكن أكثر ما يقلق "أوبك" هو زيادة أنشطة الحفر الأمريكية التي يقودها منتجو النفط الصخري.
وقالت مجموعة وستوود جلوبال لاستشارات الطاقة إن الإنتاج الأمريكي سيرتفع بوتيرة أسرع مما توحي به الزيادة في عدد الحفارات التي قفزت من 316 حفارا في منتصف 2016 إلى 738 الأسبوع الماضي إذ تزيد معدلات الإنتاجية مع كل زيادة في عدد الآبار.
وتجتمع منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" يوم 30 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، لبحث مستجدات السوق وتحديد سياسة الإنتاج، وتنفذ "أوبك" حاليا بالاشتراك مع المنتجين المستقلين اتفاقا عالميا بخفض المعروض في السوق بنحو 1.8 مليون برميل يوميا، وينتهي الاتفاق في آذار (مارس) 2018.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن توافق "أوبك" على تمديد الاتفاق لمدة تسعة أشهر أخرى حتى كانون الأول (ديسمبر) 2018، خاصة أن المخزونات العالمية لا تزال أعلى من متوسط خمس سنوات، إضافة إلى ارتفاع إنتاج النفط في الولايات المتحدة لمستويات قياسية جديدة.
وتشير بعض التحليلات إلى أنه في حال استمرار تخفيضات "أوبك" فإن فائض المخزونات العالمية سينخفض إلى نحو 50 مليون برميل فوق متوسط خمس سنوات خلال الربع الثالث من 2018 "انخفاضا من 140 مليون الفائض الحالي" وحينها سوف تتداول أسعار النفط ضمن نطاق 65 دولارا إلى 70 دولارا للبرميل.
وارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 60.33 دولار للبرميل، مقابل 59.90 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب تراجع محدود سابق، كما أن السلة خسرت نحو دولار واحد مقارنة بنفس اليوم من الأسبوع السابق الذي سجلت فيه 61.27 دولار للبرميل.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط