Author

بنك الشركات الصغيرة والمتوسطة .. استراتيجية اقتصادية

|

الكل يعرف أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تمثل محور حراك الاقتصاد الوطني في البلدان المتقدمة. وتولي هذه البلدان، منذ عقود، أولوية لمثل هذه الشركات، وتشجع الشركات الكبيرة على التعامل معها خصوصا فيما يتعلق بالجانب الصناعي المتوسط الذي غالبا لا تقوم الشركات الكبرى في تخصيص خط إنتاج له. وفي المملكة، بدأ الاهتمام بالشركات الصغيرة والمتوسطة بصورة كبيرة في أعقاب إطلاق "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها. فهذه "الرؤية" تعتمد أساسا على إشراك كل المؤسسات في البلاد، خصوصا أنها تستهدف بناء اقتصاد وطني جديد، يعتمد على معايير مختلفة تماما عما كان عليه، فضلا عن اهتمامه الشديد بالجوانب الابتكارية الهائلة على المديين المتوسط والبعيد.
ما أعلنه الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة والاستثمار، أن الحكومة تدرس إنشاء بنك متخصص للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، يدخل في الواقع في صلب عملية البناء الاقتصادي. وهذا البنك سيقوم بكثير من الخطوات على هذا الصعيد، بما فيها بالطبع الجانب التمويلي، لتمكين رواد الأعمال من تنفيذ مشاريعهم. وهذه الخطوة تأتي أيضا في ظل تمسك أعلى جهات في عملية تنفيذ الاستراتيجية الاقتصادية، بضرورة ألا تكون هناك منافسة بين الشركات الحكومية وشركات القطاع الخاص بكل أحجامها. إنه تشجيع لا مثيل له بالفعل، للقطاع الخاص، الذي يمثل في الحقيقة حجر الزاوية في "الرؤية"، وحظي بكثير من القرارات التي تصب في مصلحته، من أجل أن يكون جزءا أصيلا في عملية البناء الاقتصادي.
الشركات الصغيرة والمتوسطة، هي أيضا حجر الزاوية في الاقتصاد الوطني، والبنك المزمع إنشاؤه من أجلها سيكرس دورها على الساحة المحلية. وهذه الشركات لا تنافس من جهتها الشركات الكبرى، بل على العكس تماما تعتبر في الحراك الاقتصادي الطبيعي مكملة لبعضها بعضا. ففي اليابان تمثل الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة نحو 90 في المائة من مجموع الشركات العاملة في البلاد. وتوفر للشركات الكبرى كثيرا من الخدمات، إلى جانب التصنيع الجزئي، ما وفر تكاليف كبيرة على المؤسسات الكبرى، وفي الوقت نفسه تم تشجيع الشركات التي تشغل من جانبها عمالة وطنية تحتاج إليها.
إنها دائرة متكاملة بين مؤسسات الاقتصاد الوطني الصحية في أي مكان. ومع البنك الذي تدرس الحكومة إنشاؤه لدعمها، سيكون دورها أكبر في المرحلة المقبلة، خصوصا في عملية تنفيذ "رؤية المملكة 2030"، التي تحتاج إلى كثير من السواعد والروافد في عملية التنفيذ. ستكون هناك نقلة نوعية بلا شك على صعيد الشركات الصغيرة والمتوسطة، عندما يتوافر التمويل اللازم، ولا سيما للمشاريع التي تمثل محورا في البناء الاقتصادي العام. هناك كثير من الأفكار التي تحولت بالفعل إلى مشاريع، كما أن هناك كثيرا من الأطروحات في كل القطاعات ستسهم في رفد الشركات الصغيرة والمتوسطة بمزيد من الدعم والتشجيع وتسهيل خطواتها، لتكون جزءا رئيسا في الاستراتيجية الوطنية العامة.

إنشرها