FINANCIAL TIMES

أجواء "خروج بريطانيا" الملبدة تجعل تداول الاسترليني عسيرا

أجواء "خروج بريطانيا" الملبدة تجعل تداول الاسترليني عسيرا

الجنيه المتراجع، الذي هو علامة على تقارير عن مزيد من الضغط على رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، يجهز المشهد من أجل أسبوع اختبار آخر للعملة.
انخفض الاسترليني في مرحلة ما 0.9 في المائة مقابل الدولار ليُصبح أقل من 1.31 دولار وبنسبة 0.8 في المائة مقابل اليورو. وأظهرت بيانات التعاملات تحولاً من صافي مشترين للاسترليني إلى صافي بائعين، وذلك وفقاً لتقرير تدفقات العملات الأجنبية الأسبوعي من "دويتشه بانك".
وكشفت أسواق العقود الآجلة في الآونة الأخيرة عن ارتفاع التقلب الضمني لمدة شهر على الاسترليني مقابل الدولار بنسبة 13 في المائة، بينما انعكاسات المخاطر لمدة شهر في الجنيه مقابل الدولار - مقياس فرق السعر المطلوب للبيع بدلاً من شراء الاسترليني - تحرّكت 20 نقطة أساس.
هناك أربعة عوامل، كلها متداخلة، من المقرر أن تُحدد أداء الجنيه.
أولا، موقف تيريزا ماي الضعيف. تقارير عطلة نهاية الأسبوع عن أعضاء البرلمان الهامشيين من حزب المحافظين الذين يتآمرون ضد رئيسة الوزراء، وأعضاء مجلس الوزراء الذين يناورون من أجل خروج صعب لبريطانيا كانت من العوامل المساهمة الرئيسية في تراجع الجنيه في بداية الأسبوع.
لكن المستثمرين مروا بهذا الوضع عدة مرات من قبل. ويتساءل كيت جوكس، من "سوسييتيه جنرال"، "ما مقدار أهمية هذا فعلاً"؟ أياً كان الذي سيقود حزب المحافظين الحاكم، فإن الاسترليني يستعد منذ فترة لمفاوضات صعبة بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وللتأثير اللاحق في الاقتصاد.
يقول جوكس "كلا الأمرين مرجح أياً كان زعيم حزب المحافظين". ويضيف "ضعف موقف رئيسة الوزراء (...) معروف جيداً".
مع ذلك، تتحرك الأسواق في بعض الأحيان حتى إن كانت الأدلة على هذا ضئيلة للغاية. تقول شركة سيتي جروب "من الصعب معرفة ماذا نفهم من هذه المواضيع، وليس أي منها جديدا بشكل خاص، لكن جوقة الضجيج السلبي يُمكن أن تكون في بعض الأحيان صاخبة لدرجة أنها تصم الآذان".
وبحسب لي هاردمان، المحلل لدى "إم يو إف جي"، المجال لمزيد من ضعف الاسترليني من المرجح أن يكون محدوداً ما لم تكن هناك أدلة ملموسة أكثر على أن تيريزا ماي ستُستبدل قريباً" أو تعثرت مفاوضات خروج بريطانيا في الأسابيع القليلة المقبلة.
ثانيا، توترات خروج بريطانيا. منح الاتحاد الأوروبي ماي أسبوعين كي تغير موقفها بخصوص خروج بريطانيا وجعل المستثمرين قلقين إزاء انهيار المحادثات. وبشكل أكثر إلحاحا، ستحاول رئيسة الوزراء توجيه مشروع قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي من خلال البرلمان، مع 400 تعديل وضعها أعضاء البرلمان المؤيدون والمناهضون للتكامل الأوروبي.
جين فولي، مختصة استراتيجية العملات الأجنبية في رابوبانك، تعزو الضعف المتجدد في الاسترليني إلى ارتفاع التوقعات بمزيد من التأخير في المحادثات التجارية الخاصة بخروج بريطانيا. تقول "هذا بدوره يزيد احتمال عدم وجود وقت كاف لوضع أسس الاتفاق التجاري قبل حدوث خروج بريطانيا".
لكن مع أن الاسترليني بلا شك يخضع للضغط، إلا أنه صمد أمام كثير من الضربات في عام 2017. وكما يقول جون هاردي، من ساكسوبانك، "تستمر العملة في التداول في نطاق منتصف هذا العام".
ويضيف "هذا يبين مدى السوء الذي يجب أن تستمر فيه الأخبار لكي تدفع الجنيه مسافة أدنى من السعر الحالي".
ثالثا، الاقتصاد. بيانات التضخم، ونمو الأجور، ومبيعات التجزئة لشهر تشرين الأول (أكتوبر)، سترسم أحدث صورة عن اقتصاد المملكة المتحدة. أرقام الأجور هي التي تجب مراقبتها، كما يقول فيراج باتيل، المحلل الاستراتيجي لدى "آي إن جي"، لأن هذا "يمكن أن يعيد ظهور المزاج العام بشأن زيادة ثانية في أسعار الفائدة عام 2018".
يقول مصرف براون براذرز هاريمان "إن أسعار المواد الاستهلاكية قريبة من الذروة ومبيعات التجزئة من المرجح أن تكون قد استقرت، لكن الضغط على الموارد المالية للأسر قد لا يتحسن كثيراً حتى الربيع".
أخيرا، استراتيجية أسعار الفائدة من بنك إنجلترا. ارتفاع الاسترليني منذ حزيران (يونيو) يعود إلى حد كبير إلى تشديد بنك إنجلترا. والمستثمرون لا يحللون كل نقطة بيانات فقط من أجل تقييم توقيت الخطوة التالية لسعر الفائدة، إنما أيضاً كلمات صناع السياسة.
بالنظر إلى تشديده البسيط لسعر الفائدة في الشهر الماضي، من المحتمل أن يبقى كارني وزملاؤه متحفظين. يقول باتل "من المفهوم أن لجنة السياسة النقدية مترددة في إظهار سلطتها في السياسة النقدية وسط ما يُمكن أن يكون أسابيع قليلة حاسمة لمفاوضات خروج بريطانيا".
السوق على الحافة فيما يتعلق بالاسترليني، وخروج بريطانيا هو الذي سيقلبها إلى أحد الجانبين. يقول ستيفن بارو، من "ستاندرد بانك"، "عدم التوصل إلى اتفاق بشأن التسوية المالية يُمكن أن يدفع الجنيه إلى منتصف منطقة 1.20 دولار، لكن التقدم الكافي بشأن هذه المسألة يُمكن أن يرفع الجنيه أكثر".
يُمكن توقع لحظات حاسمة مماثلة على حافة الهاوية خلال عام 2018. يقول بارو "تداول الجنيه في هذا الجو الهائج بسبب خروج بريطانيا سيكون صعباً بشكل هائل. يبدو من المرجح أنه ستكون هناك فترات من التفاؤل وفترات من التشاؤم تدفع الجنيه من هنا ومن هناك".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES