المشراق

ابن سبيل .. ولواعج الغرام

ابن سبيل .. ولواعج الغرام

عبدالله بن حمود بن سعد بن سبيّل، من آل سبيّل، ويرجع نسب أسرته الكريمة إلى قبيلة باهلة. والمترجم أصبح أميرا لبلدة نفي، وهو من أشهر شعراء النبط، شعره في غاية الرقة والجودة، وأكثره وأروعه في الغزل. يتسم شعره بجزالة اللفظ، وقوة المعنى، وتسلسل الأفكار. وقد عدّه كثير من النقاد واحدا من أهم شعراء النبط وأكثرهم إبداعا. توفي سنة 1352هـ. ومن روائع الشاعر المبدع عبدالله بن سبيّل هذه القصيدة الجميلة التي يخاطب الشـيخ فيحان بن زريبان ويشتكي من لواعج الغرام:

ما لُوْم يا نفسٍ عن الزَّاد معطاهْ
والماي ما يبرد لهبها برودهْ
لين انحلت بالحال والجسم تبراه
والقلب شبت به سعاير وقوده
لو ان جرحي ينكمي كان ابا اكْمَاه
لاشك بي شـي علي الله ركوده
اصبر مادام انا اقدر الصبر واقواه
ولا ينقوي صبرٍ تعدّى حدوده
صبر الهوان الى تذكرت فرقاه
ولا ذكر للفرقا حِتِنْ ومعدوده
كيف النمايم سببت قـصـرة خطاه
بالي صفا لي في ليالي سعوده
لا ساعفت راعي النمايم بدنياه
لعل حاله تنقرض ما تعوده
يا اهل النمايم من عمل عمل يلقاه
في ماقفٍ يوم الجوارح شهوده
وين انت يا اللي توصل العلم ملفاه
فيحان شوق اللي تنقض جعوده
عوق الخصيم وستر من تذهل غطاه
لى هج من عج السبايا قعوده
زبن الحصان الى ارتخى سـير علباه
يثني وراه ويحتمي كل عوده
ولا يِسْند الا مرويٍ حد شلفاه
ويمنى على نَثْر الدمي محموده
من راعي السابق الى شاف مدلاه
اللي عدايلها مجاميع ذوده
كن السبايا يوم توحي مثاراه
صيدٍ من الرامي تقافى جهوده
قل ياسعد من جاه مابه مراواه
ابديت لك سدي كما انك سنوده
الحب يوم انك مقَرّه وملْفَاه
وعندك مداهيله ومركز بنوده
راعيه ما يـفضـي على الناس عجفاه
يكماه لين انه برا الهم عوده
لا هنت رد لي الخبر عن سجاياه
حيث انك الباخص بهونه وكوده
عن حال مشعوف نقل داه برداه
يبغي الدوا والدا خطيرٍ بزوده
يا تل قلبي تلتينٍ من اقصاه
تل الوراد اللي حيامٍ وروده
يم الطوال اللي عددها مطواه
يهول واردها مجاذب عدوده
على زعاع ما يسانع بممشاه
مستصعبٍ ما يتبع اللي يقوده
لا قال يا راعي الجمل زاد بخطاه
اما انـكسـر والا تـصـرم عموده
على الذي بيني بينه مساداه
لاهوب رايدني وانا ازريت اروده
وصاحبي عنده حراريس وعْداه
احدٍ من اقصـى الناس واحدٍ جنوده
ماغير يرعاني بعينه وانا ارعاه
والكل منا ما يبيّح سدوده
ياعود ريحانٍ على جال مسقاه
ومْنِيْن ما هب الهوا لان عوده
لو طال ياسه ما هقيت انّي انساه
اذكر تَعَاجِيْبَه ولجلاج سوده
من ذاق حب السَّلْهَمَه ما تناساه
من الكبر يِدْبح وهو له طروده
شـرهه يدي ماكل عُوْدٍ تعصّاه
ولا هي على عوج العـصي محدوده
المطرق اللي يبتغي وين ابا لقاه
عيني له طفحه ونفـسـي شـروده
ازوال واجد مار ما هي بمشهاه
والنفس ياقف له عيافٍ يذوده
الشاهد الله ما تغاليت مـشـراه
مار ان حظي قاصـر من وجوده
ليته الى كَزِّيْت له خط يقراه
ايضا ويكتب لي حرايض ردوده
ماصار ما بيني وبينه مناباه
ولا حسف الخاطر توقف وروده
بغيت اكبّه كَبّة الظرم مخزاه
ساعه ويظرم له ولازم يروده
ياعاذلٍ قلبٍ تولع بلاماه
القلب ما له رغبةٍ عن ودوده

شرح المفردات
الماي: الماء. ما لوم: لا لوم عليك. معطاه: عائفة وتاركة. ينكمي: يُكْتَم. ركوده: سكونه وهدوؤه. حتن: وقت محدد. الخط: الكتاب، الرسالة. جعوده: شعرها. تذهل غطاه: أي تنسى خدرها وحجابها من الرعب. هج: هرب. عج السبايا: غبار الخيل. قعوده: جملها. زبن: ملجأ. يثني: يعود لحمايته. يسند: إذا لحق الفارسُ الفارسَ في أرض المعركة فطعنه يسند عنه يمينا أو شمالا ثم يعود. حد شلفاه: سنان رمحه. مدلاه: مقصده انقضاضه. السابق: الفرس. عدايلها: العدايل: المنائح من الغنم والإبل الحلوبات، يريد أن تلك الفرس السابق تسقى مجاميع ذوده أي إبله. السبايا: الخيل. توحي: تسمع. مثاراه: مناداته بطلب الثأر. تقافى: يتلو بعضه بعضا. جهوده: إجهاده في الركض. سدي: سري. سنوده: مستودعه. مداهيله: جمع مدهال، وهو المكان الذي يتردد عليه. بنوده: البيارق والأعلام. راعيه: صاحبه. يفضي: يبوح. عجفاه: العجفاء: التي فيها عيب، ومقصده الكلام الذي يستحي من إبدائه. يكماه: يخفيه. الباخص: الخبير العارف. مشعوف: مريض وممرور. داه: دائه. برداه: بردائه. حيام وروده: يعني أن الإبل تحوم حول المورد من شدة العطش، فكأن قلبه يجذب كالدلو التي يجذبها الراعي ليسقي إبله العطشى. الطوال: الآبار العميقة. العدود: غزيرة الماء. زعاع: جمل. يسانع: يطاوع مساداه: تبادل. منين: من أين. هقيت: ظنيت. تعاجيبه: أحاديثه العجيبة الجميلة. لجلاج سوده: سحر عيونها السوداء حين تغضي. السلهمة: إغضاء العين خجلا. يدبح: ينحني ظهره. طروده: يتابعها ويطاردها بحب وعشق. شـرهه: أبيّة نقّادة، بعيدة الغاية. تعصاه: تتكأ عليه وتحمله. محدودة: مجبرة. ومراده أن نفسه لا تقبل أي فتاة بسهولة. المطرق: قضيب العصا المستقيم. طفحه: مترقبة مشتاقة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من المشراق