Author

استيراد السيارات

|

تستمر المملكة في تصدر الدول المستوردة للسيارات وهي في هذا العام تتجاوز حاجز الـ500 ألف سيارة، رقم قد يكون أقل بقليل مما استوردته السوق في العام الماضي. يخرج نتيجة لهذا من الاقتصاد أكثر من 35 مليار ريال وهو رقم هائل بكل ما تعنيه الكلمة. الغريب أن استمرار الاستيراد لم يحفز سوقا جديدة أو موازية يمكن أن تستفيد من هذه المبالغ المهدرة.
هناك محاولات بسيطة لا تعدو أن تكون عمليات ترميم وتركيب، أمر لا علاقة له بالصناعة التي نحتاج إليها لتحريك الاقتصاد. المنطق يقول إنه ما دامت هناك سوق بهذا الحجم، فيجب أن تتم مراقبتها والعمل على توطين أكبر نسبة منها كما يحدث في أغلب الاقتصادات العالمية. نجد الأرقام أقل بكثير عندما نقارن الوضع بالمكسيك أو البرازيل ومع ذلك نجد مصانع للسيارات في هذه الدول تصدر لكل مناطق العالم.
القوانين التي تلزم الشركات التي تستفيد من الاقتصاد، لابد أن تكون أكثر قدرة على الضغط في اتجاه إلزام شركات السيارات بإنشاء مصانع هنا، سواء كانت مصانع متكاملة أو مصانع تقوم بإنتاج جزئيات معينة من المنتج الذي يعيش وينتعش في السوقين السعودية والخليجية بشكل عام. يجب أن تفرض هذه الرؤية الجديدة على أصحاب الوكالات الذين يعيشون على رواتب المواطن، دون أن يقدموا أي خدمة للاقتصاد. ليس كافيا أن نقرر مجموعة من الضرائب أو الرسوم على المنتجات التي تدخل البلاد، فهذه عملية بسيطة ولا فائدة حقيقية منها في حفظ الأموال داخل الاقتصاد، الأهم هو أن نحول الاقتصاد من مستهلك نهم إلى منتج عالي الكفاءة يحقق إضافات في مجالات أخرى تتجاوز مجرد توفير المركب المريح.
إحصائيات خريجي الكليات والمعاهد التقنية تشهد أن هناك ثغرة كبرى في التوظيف في المجالات التي يتعلم فيها هؤلاء، والواضح أن المنتجات تصنع في دول أجور العمالة في بعضها تتجاوز الأجور المدفوعة عندنا، وهذا يؤكد صحة الرأي الذي يدعو إلى التصنيع المحلي سواء للمنتج الكامل أو أجزاء منه.
يدفع هذا أيضا باتجاه تغيير السياسات الإدارية التي يجب أن تكون أكثر فعالية في التحفيز وضمان استمرار أبناء البلد في العمل الحرفي والمهني والفني المهم الذي تشجعه كل دول العالم لتعيش وتزدهر. فلننتقل من مجرد سوق استهلاكية إلى سوق مولدة للوظائف والمنتجات عالية التقنية والجودة.

إنشرها