FINANCIAL TIMES

معسكرات كتالونيا المتنافسة تستعد لخوض انتخابات مبكرة

معسكرات كتالونيا المتنافسة تستعد لخوض انتخابات مبكرة

معسكرات كتالونيا المتنافسة تستعد لخوض انتخابات مبكرة

أحد قادة الحزب موجود حاليا في زنزانة في السجن. وهناك قائد آخر في منفى اختياري فرضه على نفسه. الآن يجب عليهما وعلى باقي المؤسسة السياسية في كتالونيا أن تحارب عملية انتخابية تدور حول قضية واحدة: هل الدعوة إلى استقلال كتالونيا عن إسبانيا تستطيع تحقيق أغلبية لا جدال فيها في صندوق الاقتراع؟
قبل عامين، فشلت الأحزاب المؤيدة للاستقلال بفارق ضئيل في الفوز بأكثر من 50 في المائة من الأصوات، كان ذلك في الانتخابات الإقليمية الكتالونية الأخيرة.
ذاك الفشل في الحصول على ولاية شعبية، وهو ما لا يمكن له إلا دحض أن الاستقلال كان شوكة في خصر الجانب الانفصالي منذ ذلك الحين، ما أضعف قضيتهم في الداخل وفي أعين بقية أوروبا.
يقول جوزيب بوريل، وهو رئيس سابق للبرلمان الأوروبي، وهو الآن ناقد كتالوني بارز لحملة الاستقلال: "كان الاتحاد الأوروبي واضحا جدا حول أن هذا الصراع الكتالوني هو قضية داخلية لإسبانيا، التي يجب حلها ضمن حدود الدستور الإسباني. لو كانت هناك أغلبية واضحة جدا وثابتة بقوة هنا لمصلحة الاستقلال، فإننا سوف نكون في وضع مختلف. على أن هذه الأغلبية لم تظهر، حينها على الأقل". يذكر أن قرار رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوى بتعليق الحكم الذاتي في كتالونيا والدعوة لإجراء انتخابات إقليمية جديدة في الشهر المقبل، وسط الاضطرابات التي أطلقتها محاولة الزعماء الكتالونيين لإجراء استفتاء غير قانوني على الاستقلال في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، منح الانفصاليين فرصة أخرى.
يقول سيرجي سابريا، عضو البرلمان في حزب "اليسار الجمهوري" المؤيد للاستقلال: "كانت هناك لحظات كثيرة شعرنا فيها أن (العالم الخارجي) نسينا. إذا كان هناك انتصار آخر في الوقت الذي تميل فيه أرض الملعب بقوة نحو الدولة الإسبانية، فإن من المؤمل أن يفهم العالم أنه لا يمكن أن يعوق كتالونيا. من شأن هذا أن يعزز الشعور بأن كتالونيا اتخذت قرارها".
أدى الاستفتاء الذي أجري في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي إلى التصويت لمصلحة الاستقلال، لكن 40 في المائة فقط من الناخبين شاركوا، وقاطع معظم المعارضين للانفصال الانتخابات.
بعد تصويت المشرعين الانفصاليين على إعلان الاستقلال، ردت إسبانيا بتعليق الحكم الذاتي في كتالونيا وإقالة الحكومة الإقليمية تحت حكم كارليس بوجدمونت، الذي فر إلى بلجيكا مع بعض وزرائه.
في الانتخابات التي ستعقد في 21 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، ستواجه ثلاثة أحزاب انفصالية ثلاثة أحزاب تدعم الاتحاد مع إسبانيا. ويحتل الحزب اليساري "كتالونيا المشتركة" بقعة محرجة إلى حد ما بين الفريقين.
تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن أحزاب الاستقلال الثلاثة - وهي الحزب اليساري المتطرف مرشح الوحدة الشعبية CUP وحزب "اليسار الجمهوري" ومجموعة بي دي كات اليمينية التابعة للسيد بوجدمونت - ستسيطر على البرلمان الإقليمي، ولكنها ستكافح من أجل كسب أغلبية الأصوات مرة أخرى.
وذكر استطلاع نشرته صحيفة لا فانجارديا يوم الأحد أن هذه الأحزاب الثلاثة في سبيلها للفوز بنسبة 46 في المائة من الأصوات، أي أقل بمقدار نقطتين مئويتين عن عام 2015.
يحذر المحللون من أن الأحداث الأخيرة - خاصة احتجاز عشرة من قادة الاستقلال - يمكن أن تدفع المزيد من الناخبين إلى المعسكر الانفصالي. ومن بين السياسيين المحتجزين أوريول جونكويراس، زعيم حزب "اليسار الجمهوري" والنائب السابق لرئيس كتالونيا، الذي يواجه اتهامات بالتمرد والفتنة. بالنسبة لكثير من الناخبين في كتالونيا، يعتبر هو وزملاؤه المعتقلون شهداء للقضية. ومن المتوقع أن يبرز حزب جونكويراس كأكبر كتلة في البرلمان الشهر المقبل، ما يجعل من الممكن ألا يجلس رئيس كتالونيا المقبل في أحد قصور برشلونة التي تعود إلى العصور الوسطى، بل في مركز الاعتقال في استريميرا جنوب مدريد.
يقول أوريول بارتوميوس، وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة برشلونة المستقلة: "معسكر الاستقلال يريد أن يوضح الوضع مدى الشذوذ التي يتسم به الوضع الحالي في كتالونيا. وليس هناك ما يدل على أن هناك ما هو أفضل للفائز من أن يكون في السجن". ويضيف: "فقط تصور ذلك: في البرلمان الإقليمي، حيث عادة ما يجلس الرئيس الكتالوني، لن يكون هناك سوى كرسي فارغ".
المعارضون الكتالونيون للانفصال يشعرون أيضا أن هناك فرصة تاريخية في 21 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى أن الاشتراكيين، وحزب "المواطنين" الوسطي، والحزب الشعبي من يمين الوسط التابع لراخوي، سيتحسنان في نتائجهما الأخيرة.
جميع الأحزاب مصممة على أن تطرح الحجة التي تقول إن الانفصاليين يقودون المنطقة إلى هاوية من اللبس القانوني، والانقسام الاجتماعي والتدهور الاقتصادي - وأن الناخبين لم يعودوا يمنحونهم تذكرة مجانية.
يقول بوريل: "هناك ظاهرة جديدة تفعل فعلها حاليا، وهي الأثر العلاجي للواقع: هناك الذين كانوا يظنون ويدعون أن الاستقلال سيكون دون تكلفة ومجديا وغير مؤلم.
أظهرت الحقيقة أن هذه ليست هي الحال. نحن نرى العواقب الآن: هروب الشركات من كتالونيا هو حقيقة لا يمكن أن تكون موضع نزاع. والافتقار إلى الاعتراف الدولي باستقلال كتالونيا هو حقيقة ليست موضع نزاع".
مثل غيره من الوحدويين، يأمل أن الناخبين المناهضين للاستقلال الذين بقوا على الهامش سيجعلون أخيرا أصواتهم مسموعة. ويضيف بوريل: "ما هو مهم جدا أن الناخبين الذين امتنعوا تقليديا عن التصويت في الانتخابات الإقليمية يتحركون هذه المرة. هذا تصويت لم يعبر عنه قط في صندوق الاقتراع، لكنك تبدأ في رؤية التحرك في الشوارع".
كانت إحدى المعضلات بالنسبة للانفصاليين هي ما إذا كان سيتم أم لا الدخول ضمن قائمة مشتركة، كما فعلوا في عام 2015. بوجدمونت وحزبه حرصاء على ذلك، ولكن حزب اليسار الجمهوري، الذي يتقدم بفارق كبير على حزب بي دي كات في الانتخابات، صد محاولاتهم. وقد انقضى الموعد النهائي لتسجيل التحالف الحزبي يوم الثلاثاء، ولكن معسكر الاستقلال ربما لا يزال يجد طرقا لإظهار جبهة مشتركة في الأسابيع المقبلة.
مع بدء الحملات الانتخابية بعد أقل من شهر من الآن، تتفق جميع الأطراف على أن عواقب الفشل شاقة. والعودة إلى الحياة الطبيعية في 22 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، هي على العموم أمر غير مرجح.
يتساءل جواكيم أرنو، وهو عضو بارز في الجمعية الوطنية الكتالونية، وهي منظمة شعبية مؤيدة للاستقلال: "ماذا ستفعل إسبانيا في حالة حدوث انتصار للانفصاليين؟ هل سيعتقلوننا جميعا؟"
وفي الوقت نفسه، فإن انتصار الوحدويين سيعتبره كثير من الانفصاليين على أنه نكسة مؤقتة على الأكثر.
ويقول بارتوميوس: "كثير منهم أحرقوا قواربهم. بالنسبة لهم ليست هناك طريق للعودة".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES