Author

عملية بسيطة

|

تحولت عملية "بسيطة" كما أسماها المتحدث باسم الشؤون الصحية في الطائف إلى مأتم حين لفظ الشاب الذي أجريت له العملية أنفاسه وفارق الحياة دون أن يتم التعرف على سبب التدهور السريع الذي حدث في غرفة العمليات رغم توافر كل التجهيزات الطبية.
المستشفى الخاص الذي أجريت فيه العملية دخل في عملية تحقيق واسعة، شملت أكثر من 17 ممارسا صحيا وثلاثة أطباء. ولعل من المفيد القول إنه ما دامت الأسباب لم تعرف، فلماذا يظل المستشفى مفتوحا أمام الجمهور؟ لا يمكن القبول بوجود هذه الحالة في أي نظام صحي متقدم، ولا بد أن توقف جميع الأنشطة وتتدخل الجهات الرقابية لتحقيق أوسع من مجرد التعامل مع هذه الحالة الفردية.
إن الاهتمام العالمي بالأخطاء الطبية يتجاوز البحث بعد حالات كهذه، وهو ما يجعلني أستغرب أن كثيرا من ردود الأفعال لدينا تعتمد على أمور لا علاقة لها أبدا بالمفاهيم العلمية والحوكمة التي تهدف في النهاية لحياة أفضل للناس. التعامل السريع والجذري مع حالات أقل بكثير من حالات الوفاة هذه يجعل المستشفيات أكثر حرصا وانضباطا في تعاملاتها وإجراءاتها التي يجب أن تسيطر عليها أجهزة رقابة داخلية قبل الخارجية منعا للعقوبات الصارمة التي يمكن أن تعوق المستشفى أو تمنعه من العمل نهائيا.
يمكن أن أذكر حالات محدودة تمت فيها عقوبات حقيقية تقارن بالأنظمة الصحية العالمية. الأسوأ من هذا أن الرقابة الصحية تأتي في الغالب من جهات هي مسؤولة أصلا عن تقديم الخدمة الصحية، وهذا يلغي مهنيتها بسبب تداخل مصالحها في جهتي الخدمة والرقابة.
نحتاج هنا إلى جهة رقابية خارج إطار تقديم الخدمة على شكل إدارات رقابية أو هيئات صحية ذات شخصية مستقلة تماما عن الوزارة، يجب أن تكون هذه الهيئات مرتبطة بعلاقة عضوية مع الجهات العالمية المتخصصة. من هنا يمكن أن نحصل على معلومات دقيقة عن مستوى الخدمة الصحية، والثغرات الموجودة فيها، وهذا سيضمن في النهاية تأسيسا لحلول لازمة من أجل تحسين الخدمة ومقارنتها بمصداقية مع الخدمات العالمية.
مع ما نسمعه ونراه من عمليات الدعم المستمر للقطاع الصحي، إلا أننا نجد كثيرين يبحثون عن العلاج في الخارج لأسباب مختلفة أهمها المصداقية والاحترافية التي يجدها المريض هناك. الغريب أن أطباءنا يتخرجون من أعرق الجامعات ويمارسون في أفضل المستشفيات العالمية، فأين الخلل إذا؟

إنشرها