Author

أسواق النفط وصدمة في الإمدادات على المدى القصير

|

ليس من المستغرب أن نسمع المديرين التنفيذيين لشركات النفط يوجهون الإنذار حول مخاطر ضغط الإمدادات ـ وهم يفعلون ذلك لسنوات ـ ولكن هناك سببا وجيها لإيلاء اهتمام أكبر الآن. حتى الآن، كان معظم الحديث عن النقص في العرض في عام 2020 تقريبا، وما إذا كانت ندرة الاستثمار على مدى السنوات الثلاث الماضية قد تترك الصناعة غير مهيأة لتلبية الطلب العالمي المتزايد على النفط على المدى المتوسط. ولكن هناك مخاطر أكثر عاجلة مستجدة أيضا. مع خفض الإنتاج الذي تقوده منظمة أوبك والطلب القوي على النفط أخيرا أدى إلى التخلص من فائض العرض، سيكون من الصعب على الأسواق التعامل مع انقطاع مفاجئ وكبير في الإمدادات ناجم عن حراك جيوسياسي في دولة منتجة رئيسة مثل فنزويلا، أو أي عدد من المواقع غير المستقرة في الشرق الأوسط.
وفقا لعدد من المحللين ودور المعرفة، يحتاج العالم إلى إضافة نحو أربعة ملايين برميل يوميا من الإنتاج الجديد كل عام لمجرد تعويض الانخفاضات الطبيعية في الحقول القائمة وتلبية الطلب المتزايد. ولكن في العامين الماضيين، وافقت صناعة النفط على 12 مشروعا فقط في كل عام، من المتوقع أن تضيف مليون برميل في اليوم فقط. ويقارن ذلك بمتوسط سنوي للمشاريع المعتمدة يبلغ 35 في الفترة 2010 - 2014. ومن المتوقع أن تتراجع مستويات الاستثمار في العام المقبل أيضا، ولكن قادة الصناعة قلقون بشأن ما إذا كان ذلك كافيا. وفي ظل هذه الخلفية، تحول الصراع في شمال العراق إلى مستويات من العنف، وتراجعت معدلات إنتاج النفط الخام الليبي على نطاق واسع؛ في حين تعاني فنزويلا انهيارا اقتصاديا.
وفي حالة حدوث انقطاع كبير في الإمدادات، يظل الخط الأول للدفاع عن أسواق النفط العالمية مزيج من طاقات "أوبك" الاحتياطية ومخزونات النفط العالمية. وكلاهما يبدو في وضع جيد لتلبية أي نقص، على الرغم من احتمالية وجود بعض القيود. وقد خفضت منظمة أوبك وشركاؤها من خارج المنظمة من إنتاجهما بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا كجزء من اتفاق خفض الإنتاج في العام الماضي، إلا أن بعض هذا الإنتاج لا يستطيع العودة بسرعة أو بسهولة إلى الأسواق. وقد تؤدي المخزونات المتضخمة في الولايات المتحدة إلى دفع مزيد من النفط إلى الأسواق ردا على تعطل قصير الأمد في الإمدادات، ولكن مع عدم وجود فائض في مخزونات أوروبا وآسيا، فإن قدرة المخزونات على المساعدة في الانقطاع لفترة أطول محدودة.
إضافة إلى المخزونات التجارية، تبلغ الاحتياطيات الاستراتيجية العالمية نحو 1.859 مليار برميل، بما في ذلك 1.55 مليار برميل من النفط الخام و309 ملايين برميل من المنتجات المكررة. وعلى الرغم من أن هذا المخزون كبير جدا، إلا أن الزيادة في إنتاج "أوبك" ستكون ضرورية لمواجهة أي انقطاع مستمر في الإمدادات. تشير معظم التقديرات إلى أن الطاقات الاحتياطية لمنظمة أوبك تبلغ في الوقت الحاضر نحو 3.3 مليون برميل يوميا، منها نحو 2.5 مليون برميل في اليوم في السعودية وحدها و400 ألف برميل في اليوم في الكويت و240 ألف برميل في اليوم في الإمارات العربية و130 ألف برميل في اليوم في قطر. وبصورة عامة، يمكن أن يصل إلى نحو مليوني برميل يوميا إلى الأسواق في وقت قصير جدا، وهو ما يعادل تقريبا إنتاج فنزويلا. أما بقية دول الأوبك فهي تضخ عند طاقتها القصوى تقريبا. وتعود التخفيضات في الإنتاج إلى الانخفاضات الطبيعية أو الجيوسياسية ـ كما هو الحال في فنزويلا وليبيا ونيجيريا ـ خارج "أوبك"، ينبغي أن تكون روسيا قادرة على ضخ 300 ألف برميل في اليوم من الإنتاج، ولكن ليس على الفور. وحققت بلدان أخرى، مثل المكسيك، أهدافها في خفض الإنتاج بسبب الانخفاضات الطبيعية في الإنتاج التي لا مفر منها.
وهذا يترك النفط الصخري الأمريكي. ولكن على الرغم من طبيعته القصيرة الدورة، فقد أثبت النفط الصخري الأمريكي أنه لا يستطيع الاستجابة بأسرع ما تستطيع "أوبك" من طاقتها الاحتياطية أو الخام من المخزون، إلا أنه يمكن أن يوفر نموا ثابتا على أساس سنوي حتى عند أسعار 50 دولارا للبرميل. ومن شأن ارتفاع الأسعار أن يؤدي إلى استجابة أقوى للإمدادات، ولكن الأمر سيستغرق شهورا وليست أياما لاستجابة الاستثمار لمتطلبات الأسواق. ومع ذلك، فإن احتمال صعود الأسعار إلى 60 دولارا للبرميل قد يضيف مئات عدة من آلاف البراميل يوميا من أحواض النفط الصخري في الولايات المتحدة الأكثر إنتاجية.
ومن المتوقع أن ينمو إنتاج النفط الصخري الأمريكي بنحو 600 ألف برميل يوميا في عام 2018 بالأسعار السائدة الآن، قد يصل إلى مليون برميل يوميا إذا كانت الأسعار أقرب إلى 60 دولارا للبرميل، وفقا لعدد من التوقعات. في هذا الجانب، يقول الرئيس التنفيذي لشركة بيونير ناتشورال العاملة في البيرميان باسين، "يمكن أن يلعب إنتاج النفط الصخري الأمريكي دور المنتج المتأرجح، ولكنه ليس على الفور". أسرع إمدادات يمكن أن تتحرك إلى الأسواق تأتي من المخزون القوي الذي تملكه هذه الصناعة من الآبار المحفورة ولكن غير المكملة. هناك أكثر من 3600 من هذه الآبار موجودة في حقول الولايات المتحدة البرية، 40 في المائة منها في الحوض البرمي. مع انتهاء عملية الحفر في هذه الآبار، يجب أن يكون وقت دورة الإنتاج الجديد أقصر بكثير من ثلاثة إلى ستة أشهر من الآبار التي تبدأ من الصفر. ومع ذلك، يفترض هذا أن الشركات العاملة لديها إمكانية كافية للوصول إلى أطقم الخدمات النفطية والمواد ـ في حين أن الوصول غير مضمون على نحو متزايد في أسواق الخدمات النفطية التي تخدم شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة.

إنشرها