Author

ليلة «4» نوفمبر .. فتح ملف الفساد

|

تعملقوا وتضخموا وساد إفسادهم وفسادهم حتى ظننا أنهم فوق المحاسبة وأن مجرد مساءلتهم ضرب من الخيال والأحلام. وتوقفنا محبطين عن النقد والكتابة ضد الفساد والمفسدين، أو حتى الإشارة إليهم أو التلميح بأسمائهم ومواقعهم الوظيفية، لكن "ليلة الرابع من نوفمبر" غيرت كل شيء تماما. كانت ليلة للتاريخ، سنسجلها بحروف من ذهب، وندشن معها عصرا جديدا للنزاهة والشفافية والتنمية والمحاسبة، سنروي لأبنائنا كيف سقط هؤلاء المتضخمون بقضايا الفساد؟ وكيف استسلموا لقبضة العدالة القوية والإرادة السياسية الصادقة؟
ليلة "الرابع من نوفمبر" وتوابعها المزلزلة لعروش الفساد لم يكن أبطالها "خادم الحرمين الشريفين وولي عهده فقط " ــ حفظهما الله ــ وإنما ساندها 20 مليون سعودي ــ بتفاعل لم يسبق له نظير، ضجت "مواقع التواصل" بالخبر، وتناقل السعوديون ملايين الرسائل والتهاني بالقبض على رموز الفساد وزمرته، وتسابق آخرون لنشر مزيد من القضايا التي كان مسكوتا عنها سابقا ظنا منهم أنها طويت صفحاتها بتقادم السنين وتضخم المتنفذين.
وكان الكثيرون غير مصدقين أن عهدا جديدا قد أشرقت شمسه لن يسمح فيه بالتجاوز واستغلال النفوذ ونهب المال العام تحت أي مبررات كانت، عهد جديد لن ينجو منه أي فاسد كان تثبت عليه الأدلة وتدينه العدالة بممارسة الفساد كما قال ولي العهد حفظه الله.
وقد صدق ولي العهد، حفظه الله، وبرهن فعلا أنه رجل الأفعال لا الأقوال، ولعل القائمة التي ضمت عشرات الوزراء والأمراء وكبار المسؤولين ورجال الأعمال خير دليل على صدق التوجه وجدية العمل في المرحلة المقبلة.
لقد خسرنا بسبب الفساد فرص نمو حقيقية، ومشاريع ذهبية، ومدنا اقتصادية، وكفاءات مهنية، ومن ينظر إلى كثير من المؤسسات الوطنية وقد تراجع أداؤها، وفقدت نخبة من قياداتها النزيهة يشعر بالحزن والأسى على ما فعله هؤلاء المفسدون بحق وطنهم.
لقد جاء الأمر الملكي واضحا وصريحا جدا بمحاسبة الجميع وعدم استثناء أحد مهما كان موقعه أو مكانته، والتوجيه الحازم بإعادة جميع الأموال المسروقة إلى خزانة الدولة العامة. وقد صرح النائب العام أن الأموال المختلسة أو المساء استخدامها تتجاوز 375 مليار ريال وفق التحقيقات الأولية. وقد أسهم هذا الحجم الهائل من الفساد في حرمان الوطن من فرص ثمينة ومكانة عالية يستحقها.
وسيكون الأثر الاقتصادي والتنموي لعودة هذه المبالغ الضخمة إلى خزانة الدولة واضحا وجليا بهذا القرار التصحيحي التاريخي.
نحن اليوم أكثر اطمئنانا لمستقبل الوطن وأجياله القادمة. فشكرا لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده حفظهما الله حيث يصنعان عصرا جديدا وتاريخا حافلا بالحزم والعزم والحكم الرشيد.

إنشرها