FINANCIAL TIMES

مؤشرات مقلقة .. زيادة الديون الخطرة وتلاشي الإجراءات الوقائية

مؤشرات مقلقة .. زيادة الديون الخطرة وتلاشي الإجراءات الوقائية

في كل مرة يقلب فيها آدم كوهين صفحات اتفاقية ائتمان جديدة، يرى أمورا تجعله يشعر بالخوف على مستقبل العالم.
باعتباره المؤسس والرئيس التنفيذي لـ "كوفينانت ريفيو"، وهو مركز بحوث مقره في نيويورك، ظل منشغلا بتلك الوثائق ذات الصفحات الكثيرة لسنوات. يقول قبل نحو 18 شهرا كانت المعايير آخذة في الانحدار بشكل خطير في سوق قروض الرفع المالي البالغ حجمها 940 مليار دولار، حيث تستدين الشركات المثقلة بالديون المزيد من القروض. لكن على مدى الأشهر الستة الماضية كانت الشروط لا تزال تزداد تهاونا، في الوقت الذي تقترن فيه أسعار الفائدة التي لا تزال منخفضة، مع طلب قوي من أدوات الائتمان المتخصصة لتشجيع أخطر الشركات على زيادة الرفع المالي.
لا يزال المقرضون يحصلون على الوعد الأساسي باستعادة أموالهم خلال سنوات قليلة، مع سعر فائدة محدد. لكن الضمانات التقليدية التي تتصدر القائمة - مثل التعهدات التي تحد من زيادة الاقتراض، والخطوط المفتوحة للتواصل مع الشركة، أو الحفاظ على وضع للمصرف في هيكل رأس المال - تتراجع بشكل مطرد.
في الوقت الحاضر تمثل القروض الخطرة ذات الشروط القليلة نحو 70 في المائة من عمليات الرفع المالي الجديدة، مقارنة بـ 30 في المائة قبل أزمة "ليمان براذرز". والإجراءات الوقائية التي كانت قياسية في ذلك الوقت تلاشت تماما الآن.
يقول ديريك جلاكمان، نائب رئيس في وكالة موديز: "طالما أن المستثمرين ماضون في شراء تلك القروض، ليس هناك في الواقع ما يدعو حقا للتوقف. الأمور تواصل تدهورها".
لنأخذ الصفقة الأخيرة من "مركز التعافي من مشاكل الأكل"، مركز مقره مدينة دنفر متخصص في علاج فقدان الشهية وحالة الشره المرضي، إضافة إلى أمراض أخرى. قبل أقل من عقد كان لدى الشركة 25 عيادة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة وفي العام الماضي حققت نحو 22 مليون دولار من الأرباح قبل خصم الفائدة والضرائب والاستهلاك والإطفاء. مع ذلك، عندما باع المالك الجديد، شركة الأسهم الخاصة "سي سي إم بي كابيتال"، قروضا بحدود 200 مليون دولار في الشهر الماضي لدعم عملية شراء بالكامل قيمتها 550 مليون دولار، سعت للاستفادة من شروط من النوع المخصص للمتاجر الأكبر حجما، مثل "أبولو" أو "باين"، بحسب مارك تشياونج، المحلل لدى "كوفينانت ريفيو".
مثال على ذلك: بند يقضي بأن يتم ضبط أسعار الفائدة لتصبح أعلى، في حال أصدرت الجهة المسؤولة ديونا جديدة مع فرص أكثر جاذبية في فرق سعر الفائدة في غضون فترة زمنية معينة. في اتفاق القرض الأصلي الذي وقع عليه الضامنون، قدم "مركز التعافي من مشاكل الأكل" فترة حماية لسنة واحدة، مقابل فترة 18 شهرا المعتادة. ويبدأ مفعول فترة الحماية فيما لو زاد الفرق في سعر الفائدة على الدين الجديد بمقدار 75 نقطة أساس، بدلا من 50 نقطة أساس.
مثال آخر: ما يسمى هيكل "المصيدة"، حيث يمكن نقل الضمانات إلى الشركات الفرعية التابعة التي تقع خارج نطاق سيطرة الدائنين، ما يعني من الناحية العملية زيادة الرفع المالي. شركة الأسهم الخاصة "تي بي جي" حققت إنجازا مماثلا في العام الماضي، عندما انتزعت أصولا بقيمة 250 مليون دولار من قروض داعمة جانبية صادرة عن "جيه كرو"، متجر بيع الملابس بالتجزئة الذي اشترته مقابل مبلغ 2.8 مليار دولار في عام 2010.
امتنعت شركة "سي سي إم بي" عن التعليق، مثلما فعل ضامنو الصفقة، وهم "جولب كابيتال" و"أنتاريس كابيتال". قال شخص مطلع على عملية القرض الجماعي إن بعض الشروط تم تعديلها قبل إبرام الصفقة في نهاية تشرين الأول (أكتوبر)، عقب بعض التعليقات المقدمة من المستثمرين.
يبدو الأمر "مشؤوما" إذا كان لمثل هذه التدابير أن تنتشر لتصل إلى صفقات منتصف السوق مثل شراء "سي سي إم بي" لـ "مركز التعافي من مشاكل الأكل"، بحسب كوهين الذي يضيف: "حتى إن كانت هذه صفقة لشركة ذات رأس مال كبير، فإنني سأقول إن هذه الوثيقة رديئة للغاية".
من الممكن أن الذين اشتروا تلك القروض لا يدركون تماما ما الذي تخلوا عنه. فالكثير منها عبارة عن أدوات تعرف باسم التزامات القروض المضمونة، حيث يجري تجميع القروض معا وتمريرها إلى فئات مختلفة من المالكين عبر شرائح مختلفة. ربما يفتقر مديرو التزامات القروض المضمونة للموارد اللازمة للتدقيق في اتفاقية القرض الطويلة المكونة من 500 صفحة، أو تعقب تعهد ربعي يجعل الدين مقصورا على حركة النقد، مثلا.
تقول كريستينا بادجيت، وهي نائب رئيس أعلى في وكالة موديز: "إذا كانوا يدققون أصلا، فعلى الأرجح سيكون ذلك حين يشعرون بالندم في حال اختلت الأمور".
لكن ربما يكون من المجدي دراسة الجزء الغامض من الاتفاقية. في صفقة "مركز التعافي من مشاكل الأكل"، مثلا، كان الرفع المالي نحو ست مرات مقدار الأرباح قبل اقتطاع الضرائب والفوائد والاستهلاك والإطفاء على أساس معدل. لكن إذا تم احتساب كل تلك التعديلات - بما في ذلك الافتراضات بأن شركة استثمارات الأسهم الخاصة "سي سي إم بي" ستقدم أداء أفضل بكثير من أداء شركة الأسهم الخاصة السابقة "لي بارتنرز"، في إدارة سلسلة التوريد في الشركة ومخزوناتها – عندئذ سيكون الرفع المالي أكثر من عشر مرات، وفقا لـ "ليف فين إنسايتس". وهذا يتجاوز بكثير مستوى الرفع المالي بمقدار ست مرات الذي أبرزه المنظمون على أنه عتبة تدعو لاتخاذ المزيد من الحذر.
مثل هذه الأعباء من الديون لا تترك أمام أي شركة مجالا يذكر لحصول أخطاء. وإذا حصلت أخطاء بالفعل، يكون المقرضون قد وقعوا تنازلات عن الحماية كان يمكن أن تمنحهم مقعدا على الطاولة.
يقول كوهن: "لم تصل شروط القروض لمثل هذا المستوى السيئ في عام 2007. العقود (...) هي الأسوأ من أي وقت مضى. لا جدال في ذلك".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES