Author

المؤشر العقاري .. ترقب وحذر

|

أصدرت الهيئة العامة للإحصاء نشرة الرقم القياسي لأسعار العقارات للربع الثالث من 2017م. ولأول مرة منذ أكثر من عامين تظهر النشرة استقرارا للمؤشر العام للعقارات خلال الفترة مقارنة بالربع السابق (انخفض بنسبة ضئيلة لا تتجاوز نصف عشر واحد في المائة). ويعود استقرار المؤشر إلى استمرار تحسن مؤشر أسعار العقارات السكنية بنحو 0.4 في المائة عن الربع الثاني، وهو ضعف معدل التحسن في الربع السابق. وقد ألغى تحسن أسعار العقارات السكنية الإيجابي على مؤشر العقارات العام التأثير السلبي لتراجع أسعار العقارات التجارية البالغ 1 في المائة. تركز تراجع العقارات التجارية على الأراضي، بينما ارتفعت أسعار المحال والمعارض بنحو 0.6 في المائة، وحافظت العمارات والمراكز التجارية على أسعارها خلال هذا الربع. أما العقارات الزراعية فقد شهدت نوعا من الاستقرار خلال الفترة. وتؤثر تقلبات العقارات السكنية أكثر من غيرها على المؤشر العقاري الكلي لأنها تشكل 65 في المائة منه، بينما تشكل العقارات التجارية 31 في المائة.
على المستوى السنوي، انخفض الرقم القياسي العام لأسعار العقارات في الربع الثالث 2017 بنسبة 6.35 في المائة. وجاء هذا الانخفاض نتيجة لتراجع أسعار العقارات السكنية والتجارية والزراعية بنسب: 5.4 في المائة، 8.9 في المائة، 0.8 في المائة، على التوالي. وشكل انخفاض أسعار الأراضي معظم التراجع في أسعار العقارات بشتى أنواعها. أما أسعار الفلل السنوية فكانت الأقل تراجعا بين العقارات السكنية في الربع الثالث 2017، حيث انخفضت بنسبة 0.4 في المائة فقط، تلتها البيوت بانخفاض 1.9 في المائة. من ناحية أخرى، تركّز التراجع في العقارات التجارية على الأراضي بينما استقرت أسعار المراكز التجارية والعمارات، وتراجعت أسعار المعارض/ المحال التجارية بنسبة 6 في المائة.
وصلت أسعار العقارات أعلى مستوياتها خلال فترة الأعوام الثلاثة والنصف الماضية في الربع الرابع من 2014، عندما بلغت قيمة المؤشر العقاري العام 101.6 في المائة. بدأت بعد ذلك موجة تراجع أسعار العقار حتى وصلت قيمة المؤشر العقاري العام إلى 84.9 في المائة في الربعين الثاني والثالث 2017؛ ما يعكس تراجعا إجماليا نسبته 16.4 في المائة خلال الأرباع السنوية الـ11 الماضية. انخفضت أسعار جميع العقارات خلال الأعوام الثلاثة الماضية إلا أن العمارات التجارية التي اكتسبت أسعارها 2.1 في المائة. عانت العقارات التجارية أكبر الانخفاضات، حيث تدنت بنحو 22.4 في المائة منذ عام 2014م، تلتها العقارات السكنية التي انخفضت بنحو 11.8 في المائة خلال الفترة، بينما كانت العقارات الزراعية الأقل انخفاضا، حيث تراجعت بنسبة 6.2 في المائة منذ 2014م. أما على مستوى المناطق فحدثت أكبر انخفاضات المؤشر العقاري العام في جيزان، حيث تدنت عقاراتها بنسبة تقارب 20 في المائة خلال السنوات الثلاث الماضية. في المقابل، سجلت أسعار العقارات في منطقة المدينة المنورة أقل نسبة تراجع بين مناطق المملكة.
بالنسبة لتغيرات القطاعات العقارية الرئيسة في مناطق المملكة، فقد حدثت أكبر انخفاضات العقارات السكنية في منطقة الباحة بنحو 22 في المائة، بينما شهدت منطقة الرياض أكبر هبوط لأسعار العقارات التجارية، بنسبة وصلت إلى نحو 31 في المائة. على النقيض من ذلك سجلت أسعار العقارات الزراعية في منطقة الرياض أكبر قفزة تجاوزت 29 في المائة منذ إطلاق المؤشر. وقد تعود هذه الزيادة إلى فرض رسوم على الأراضي غير المطورة الكبيرة التي استثنيت الأراضي الزراعية منها، كما قد يرجع إلى زيادة الطلب على الاستراحات التي يصنف بعضها كأراض زراعية. ولا تقتصر زيادة أسعار العقارات الزراعية على منطقة الرياض فقد ارتفعت أسعارها في تبوك والباحة والجوف.
انخفضت نسبة تراجع المؤشر السنوية خلال الربع الثالث 2017 مقارنة بالربعين الأولين من العام. من جهة أخرى استقرت قيمة المؤشر الربعية. وتكتسب تغيرات المؤشر المرتقبة خلال الربع الرابع 2017م أهمية بالغة حيث سيمثل استقراره أو صعوده أو تراجعه ما قد يبعث التفاؤل أو التشاؤم. وتشير بيانات مؤشرات القطاعات العقارية الرئيسة إلى أن أسعار العقارات السكنية بدأت في الاستقرار والصعود الطفيف، بينما ما زالت العقارات التجارية تعاني تراجع الأسعار، ولكن هذا التراجع انحسر خلال الربع الثالث من 2017م. نحتاج للاستنتاج بالخروج من تراجع أسعار العقارات إلى بقاء التغيرات السعرية فوق المستويات الصفرية لربعين سنويين متتاليين. أما بين المتعاملين في السوق العقارية فيسود شعور بأن أسعار العقارات تعاني موجة تراجعات لا تدعم تطورات الأسعار وتطلعات كثير من المهتمين بالعقار، حيث يؤكد كثير منهم عدم صحة ما ورد في نشرة الرقم القياسي لأسعار العقار من حدوث تحسن في أسعار العقارات السكنية خلال الفترة الماضية. وتفيد بيانات وزارة العدل بتراجع عدد وقيم العقارات المتبادلة الكلية ربع السنوية للربع الثاني 2017 مقارنةً بالأرباع الماضية. وقد هبطت قيمة التبادلات الإجمالية للعقارات في الربع الثالث 2017م لأقل من نصف قيمتها منذ ثلاث سنوات. يضاف إلى ذلك بدء تراجع إيجارات المساكن الذي تؤكده بيانات الرقم القياسي لتكاليف المعيشة لشهر سبتمبر 2017م. وسيسهم تراجع الإيجارات السكنية في خفض مستويات الاستثمار والطلب على العقارات السكنية والعقارات بشكل إجمالي، ما يرجح استمرار النظرة السلبية تجاه أسعار العقار المستقبلية.

إنشرها