ثقافة وفنون

«ثور راجنورك» .. سباق مع الوقت لإنقاذ الوطن

«ثور راجنورك» .. سباق مع الوقت لإنقاذ الوطن

«ثور راجنورك» .. سباق مع الوقت لإنقاذ الوطن

أبى عالم مارفل السينمائي أن يطوي عام 2017 من دون إصدار فيلم جديد ‏يروي تعطش جمهوره لأفلام الأكشن والخيال التي اشتهر بها، ويحاكي خيالهم ‏ويدغدغ حنينهم نحو شخصيات تابعوها وأحبوها، ولقد كان اختيارهم لإنتاج ‏جزء ثالث من سلسلة ثور موفقا، حيث حقق الفيلم الدعائي فور صدوره أكثر من ‏‏136 ألف مشاهدة خلال 24 ساعة فقط، ليصبح بذلك أكثر مقطع إعلاني يحقق ‏مشاهدة من أي وقت سابق، جاء هذا النجاح رغم انتقادات جمة شابت العمل.‏
يعود المحارب العظيم، البطل الخارق صاحب المطرقة الحديدية "ثور"، في الفيلم ‏الثالث من السلسلة التي تحمل اسمه بعنوان ‏Thor Ragnarok‏ فى سباقٍ مع ‏الوقت من أجل إنقاذ موطنه من الهلاك. وقد حققت هذه الشخصية نجاحات كبيرة ‏في الأجزاء الماضية، ولقيت قبول عند متابعي أفلام الكوميكس، وعلى وجه ‏الخصوص أفلام مارفل، واستطاعت الشخصية أن تكون أحد أهم شخصيات ‏الأفانجرز أو "المنتقمون".‏

سباق مع الزمن

يبدأ الفيلم أحداثه حين يجد المحارب ‏Thor‏ نفسه مسجونًا، ومضطراً إلى ‏الاشتراك في مسابقة جلادياتوريال "مصارعة رومانية" قاتلة ضد هالك، حليفه ‏السابق، وعليه أن يكافح من أجل البقاء على قيد الحياة وفي نفس الوقت هو ‏في ‏سباق مع الزمن لمنع "هيلا" القوية من تدمير منزله والحضارة الأسجاردية.‏
ويشكل هذا الجزء امتدادا سرديا لأحداث الجزأين السابقين. ففي حين يقوم ‏لوكي، الأخ غير الشقيق، بنفي ثور من الكوكب الافتراضي أسجارد نحو كوكب ‏الأرض، وتجريده من قواه ومطرقته الخارقة ميولنير في الجزء الأول،  ليعود ثور ‏ويتّحد مع لوكي في الجزء الثاني "ثور: ذا دارك وورلد"، لمواجهة الظلامي ‏ماليكيث، ذلك قبل أن ينقلب لوكي على شقيقه مجدداً، ليكشف ثور، يلعب دوره ‏الممثل كريس هيمسورث، في الجزء الثالث أن أخاه لوكي، يعلب دوره الممثل ‏توم هدلستون "الحاصل على جائزة جولدن جلوب كأفضل ممثل عن مسلسل ‏The Night Manager‏"، لم يمت، ووالد ثور ولوكي، أودين، يلعب دوره ‏الممثل أنثوني هوبكنز، متقاعد في نيويورك، وكذلك يظهر لوكي بمظهر المخلوق ‏المتحول إلى أي شكل، متخف في شخصية والده ومستمتع بالحكم. يتفق ثور ‏ولوكي على الذهاب إلى كوكب الأرض للعثور على والدهما بمساعدة دكتور ‏سترينج، يلعب دوره الممثل بينيديكت كمبرباتش.‏

ظهور هيلا

وعندما عثرا على والدهم أودين أخبرهم عن وجود أخت كبرى لم يعلما عنها من ‏قبل، وسيتم إطلاق سراحها بعد اختفائه، وبعد لحظات اختفى وظهرت ‏هيلا، تلعب دورها الممثلة كيت بلانشيت "الحاصلة على جائزتي أوسكار -‏Blue ‎Jasmine‏"، بقوتها الشريرة وتعتبر هيلا أول شريرة أنثى في عالم مارفل ‏السينمائي حيث خطفت الأنظار بأدائها البارع، فكانت نتيجة أول مواجهة بينها ‏وبين ثور ولوكي تحطيم مطرقة ثور، ونفيهم إلى عوالم أخرى. ثم تتفرغ لتدمير ‏عالم أسجارد.‏
وعلى الرغم من تسليط الأضواء على ثور والمعارك التي يخوضها، إلا أنه ‏تبقى شقيقته الكبرى هيلا، التي سجنها والدهما أودين منذ سنوات بسبب ‏تطلعاتها وقوتها التي لا يمكن السيطرة عليها، المحور الرئيسي الذي تدور حوله ‏أحداث الفيلم. ويحاول ثور مواجهتها إلا أنّها تقوم بتحطيم المطرقة الخاصة به، ‏وتتوجه إلى أسجارد وتقوم بقتل الجيش بالكامل وتستولي على المدينة، لتبدأ رحلة ‏ثور من جديد لأجل استعادة المدينة.‏
يعلق ثور في عالم ساكار وهو ملوث بالقمامة وتصطاده مرتزقة، تلعب دورها الممثلة تيسا ‏تومبسون، وتبيعه إلى زعيم عالم القمامة، يلعب دوره الممثل جيف جولد بلام، الذي يحب ‏تنظيم مباريات مصارعة في حلبة على شاكلة مصارعة عهد الإمبراطورية ‏الرومانية، ويقرر دفع ثور إلى مبارزة بطله "هالك"، أو الرجل الأخضر، يؤدي دوره الممثل مارك روفالو، وهو صاحب ثور في أفلام "آفنجرز"، الذي تحالف معه فيما بعد ‏للهرب من كوكب القمامة، وسيقنعان المرتزقة بتوصيلهما بمركبتها إلى أسجارد ‏للتصدي لهيلا التي يساعدها ببراعة خادمها سكيرج، يلعب دوره ‏الممثل ‏كارل أوربان،‏ الذي دائماً لا يحصل على التقدير الكافي.
 
استسهال أم انعدام ابتكار؟

وكما اعتمد في الجزأين الأول والثاني، كرر المخرج النيوزلاندي تايكا وايتيتي، ‏استخدام نفس الفكرة، حيث تنتزع القوة منه، ويفقد مطرقته، وفي النهاية يكتشف ‏أن القوة مكنونة في داخله، وقوتنا لا تأتي من ‏المطرقة التي في أيدينا لكنها تنبع من ‏داخلنا، فرسالة العمل كانت القوة والبصيرة ‏هي في داخلنا وليست في حواسنا.‏
وقد يكون هذا انعكاسا للواقع البشري، حيث القوة هي ليست مجرد ‏عضلات مفتولة، ولا في عصا أو مطرقة مسحورة، إنما قوة العقل والقلب والنفس، لكن هل من سبب منطقي لاستخدام نفس التركيبة في كافة أعمال ثور؟ ربما ‏الجواب واضح وصريح، وهو الابتذال والتكرار والاستسهال، الذي يضمن ‏للمنتج والمؤلف وصُنّاع العمل ككل أنّها ستلقى النجاح بكل تأكيد؛ فلا داعي للجهد ‏والابتكار، فلماذا المجازفة، ويبدو أنها تلك هي مشكلة الضعفاء والضعف البشري.‏
براعة التصوير

أما الإبداع فقد ظهر في براعة التصوير واعتماد المخرج في تكوين المشاهد على ‏استخدام ألوان مختلفة في مساحات واسعة، كما ظهر في الحلبة التي شهدت ‏صراع ثور وهالك. وبالطبع لذلك دلالة نفسية، وهي توحي بالأمل رغم ‏محاصرة الحلبة بالحضور والحراس، إلا أن تلك المساحة الكبيرة والألوان ‏الممزوجة، منحت المشاهد راحة بصرية وأتاحت له الأمل. وحتى حين نشأ ‏صراع في العمل كان في مكان مغلق، وعند الجمع بين الأماكن المغلقة ‏والمفتوحة كان يعطي إحساسا بالأمل على النهوض من جديد، ربما هي الحالة ‏النفسية الأبسط التي يدركها أي إنسان في مكان مغلق، ويشعر أنه مأسور ومقيد، ‏وجاءت الألوان الزاهية لإضفاء الحالة النفسية للمشاهد.‏
 
أكشن الفكاهة

شكلت المشاهد القليلة التي تجمع كلا من ثور وهالك صورة مشهدية مؤثرة، ‏تنغرس في مخيلة المشاهد، وتبقى معه لفترة طويلة كدمغة على شريط ذكرياته ‏لأحداث الفيلم، يسترجعها مباشرة فور ذكر اسم الفيلم أمامه. سواء اجتمعوا في ‏معركة أم جلسوا لمجرد الدردشة سويا، ولا سيما ما يرافق جلساتهم من حس ‏كوميدي ممزوج بأكشن الفكاهة الذي غاب عن الجزأين الأول والثاني، فالمعارك ‏التي كانت تجمع ثور بمزاجه التهريجي الكوميدي وهالك ببلاهته المضحكة قد ‏ادخلت حسا فكاهيا للفيلم، وأضفت على أحداثه جوا من المرح، يعيد إيقاظ انتباه ‏المشاهد الذي قد ينتابه بعض الملل، الذي يتسلل بعض الأحيان إلى المشاهدين في ‏بعض المشاهد التي يكثر فيها تكرار الأكشن المفرط، ما دفع البعض إلى مقارنة ‏فيلم ‏Thor Ragnarok‏ بفكاهيته لفيلم ‏Guardians of the Galaxy‏ ‏مع وجود المشاهد الفضائية المأخوذة من الثمانينيات وموسيقى تصويرية  ‏إلكترونية من تأليف مارك موذيرسبج من فرقة الروك ديفو، إضافة إلى المشاهد ‏المضحكة، وهو ما جعل الفيلم يبدو نابضاً بالحياة وكأنه خارج من مجلات ‏مارفل الهزلية للمؤلف جاك كيربي. ‏

تصاعد كوميدي

ويبدو من ذلك جلياً، أن هناك تصاعداً متسارعاً في وتيرة الكوميديا والفكاهة في ‏سلسلة أفلام ثور، وهذا مؤشر بارز على التوجه الذي قد ينتهجه عالم مارفل ‏السينمائي في التحول إلى الكوميديا، حتى ولو كان ذك على حساب الشخصيات ‏والإطار الذي أمضت استديوهات مارفل سنوات طويلة تعمل على تكريسها في ‏عالم الأبطال الأسطوريين.‏
وفيما يتعلق بالإرادات المالية، في حين تجاوزت إيرادات الجزء الأول والثاني مليار دولار أمريكي، حقق الفيلم الجديد أكثر من 427 مليون دولار أمريكي فى ‏إيراداته في العالم وأمريكا ‏وقبل عرضه في الولايات المتحدة الأمريكية، وبلغت ‏تكلفة الفيلم الإنتاجية 180 مليون دولار أمريكي. ‎‎ولعل من الجدير بالذكر هو ما كشفه المخرج تايكا وايتيتي عن أسماء السفن ‏الفضائية التي سُميت بعض منها في الفيلم، يعود نسبة إلى سيارات هولدن، ذراع "‏جنرال موتورز" في أستراليا التي تعتبر بمنزلة "شيفروليه" هناك‎.‎ علماً أن صناعة السيارات في أستراليا قد اضمحلت أخيرًا حيث أغلقت "هولدن" ‏و"تويوتا" مصانعها وكثيرًا من الشركات الأخرى، ولذا قد أراد وايتيتي أن يستغل ‏بعضا من ثقافات نيوزلندا وأستراليا في تسمية السفن الفضائية، وشمل ذلك ‏تسميتها بـ تورانا، ستيتسمان، كومودور وكذلك كينجزوود.‏
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون