Author

لا تعنفني

|

كنت قد كتبت تغريدة في "تويتر" أتحدث فيها عن مقطع فيديو لطفل يبكي مطالبا بإيجاد حلول لتعنيف والده له، بعد تلك التغريدة بيومين وجدت رسالة في بريدي الإلكتروني يخبرني فيها صاحبها حكايته مع العنف الأسري الذي امتد معه منذ 50 سنة، يقول صاحب الرسالة:
"فتحنا أعيننا أنا وإخوتي في هذه الدنيا على وجود أم مستسلمة وأب قاس لا يعرف لغة للحوار سوى لغة "الخيزران" و"العقال"، لن أبالغ إن أخبرتك أنه لم يكن يمر يوم دون أن يمارس علينا ساديته المتوحشة وحين تحاول أمي الحيلولة بيننا وبينه كان يشركها معنا في "العلقة"، اعتادت أجسادنا أن تكون مسرحا دمويا لعنفه وقسوته، لكن الأمر الموجع هو أنه كان يهيننا أمام زملائنا ومعلمينا وأهل الحي كان لا يتوانى عن ضربنا أمامهم أو الاستهزاء بنا حين نتكلم خاصة أنني وشقيقي كنا مصابين بالتأتأة بسببه. في إحدى المرات طلب مني أن أصب الشاي للضيوف. كانت يدي ترتجف فانسكب شيء منه فوق السجادة فما كان منه إلا أن أمسك بالكأس ورماني به فانفتح جرح برأسي، ثم طلب مني أن أصب مرة ثانية، كانت دموعي تختلط مع دمي النازف، ولم يتركني أخرج من المجلس إلا بعد استعطاف أحد الضيوف له.
فشلنا في علاقاتنا الاجتماعية والدراسية والعملية بسبب عنفه وقسوته وتحطيمه لنا. شقيقي الأكبر أصيب بعاهة مستديمة في ظهره بسبب ضرب والدي له بشراسة في إحدى نوبات غضبه وهو مقعد الآن. شقيقي الأصغر سلك طريق المخدرات والانحراف وحاليا وظيفته في الحياة أن يدخل ويخرج من السجن لا بيت له ولا وظيفة ولا أطفال رغم أنه تجاوز الـ40. والدتي رحلت من هذه الحياة التي لم تعش فيها يوما واحدا سعيدا منذ ارتبطت بوالدي.
من فضل الله تداركت حياتي متأخرا واستطعت الحصول على وظيفة حكومية وتزوجت ومعي الآن ثلاثة أبناء. عاهدت الله أن أجنبهم كل ما مررت به من عنف وقسوة.. أتعلمين سيدتي الفاضلة ماذا حدث لوالدي؟ هو الآن رجل طاعن في السن تجاوز الـ85 مصاب بالجلطة والشلل لا يستطيع حتى أن ينقلب في فراشه، وأرعاه في منزلي طمعا في رضا ربي وحده، لا برا به".
ــ وخزة
إظهار سيطرتك على أهل بيتك بالعنف والقسوة ليس دليلا على قوتك بل هو أكبر دليل على أنك مفلس حقيقي.
لذا قبل أن تمتد يدك إلى أحد أبنائك فكر، ربما قد تحتاج إليه يوما ما حين تكون ضعيفا.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها