Author

دمج الجامعات في التعليم .. هل يعاد النظر فيه؟

|

حين صدر الأمر الملكي قبل أربع سنوات بضم وزارة التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم في وزارة واحدة تحت مسمى "وزارة التعليم" كانت النظرة للقرار استراتيجية حيث تعالج كثيرا من المشكلات القائمة وكذلك تؤسس لمنهجية جديدة موحدة في تطوير التعليم.
وكان من المأمول أن يسهم القرار في تحقيق مجموعة من المتطلبات أهمها بناء وتنفيذ سياسات تعليمية موحدة لجميع مراحل التعليم بإشراف جهة واحدة، وبناء خطة استراتيجية موحدة للتعليم تسهم في تحقيق أهداف خطط التنمية للدولة، وتبادل الخبرات المعرفية المتمكنة، والقدرات والكوادر المميزة بين مستويات التعليم المختلفة، وتوجيه خدمة البحث العلمي في الجامعات لتحسين الممارسات العملية في المدارس، إضافة إلى تحقيق التوافق والتكامل بين مخرجات التعليم العام والجامعات، وتجويد وتحسين مخرجات نظام التعليم لتكون مدخلات ناجحة لمتطلبات سوق العمل، كما تشمل إيجابيات الدمج الحد من الهدر المالي والبشري وتحسين إدارة المشاريع التعليمية وغيرها.
لكن بعد أربع سنوات من تطبيق القرار لا تلوح في الأفق أية بوادر لتحقيق متطلبات الدمج، بل نتج كثير من المشكلات التي تفاقمت في الميدان.
حيث تؤكد المؤشرات أن وزارة التعليم غير قادرة على إدارة هذا الحمل الثقيل الذي قوامه 28 جامعة حكومية يزيد عدد طلابها على أربعة ملايين طالب وطالبة وتعليم عام تزيد مدارسه على 50 ألف مدرسة وستة ملايين طالب وطالبة ونصف مليون معلم ومعلمة، إضافة إلى "المؤسسة العامة للتدريب الفني والمهني" التي أصبحت تحت إشراف وزارة التعليم وفيها أكثر من 50 كلية ومعهدا، ولا يمكن لوزارة التعليم إدارة هذه الحشود الوظيفية إن صح التعبير مهما كان لديها من القدرة والكفاءة في ظل كثير من التعقيدات والتداخل الهيكلي والوظيفي بين هذه الجهات فضلا عن الإرث "البيروقراطي" الثقيل الذي ورثته من قبل الدمج.
وحين أقول: غير قادرة فهذا متحقق في كثير من الممارسات الميدانية سواء في مجال التعليم العام أو التعليم العالي.
فالجامعات باتت أسيرة لمركزية الوزارة بشكل تعطل معه كثير من المشاريع والأفكار والمقترحات، وزاد الأمر سوءا بانتشار التسيب وضعف الرقابة وتفاقم شبهات الفساد الإداري والمالي في الجامعات، ولعل التحقيقات التي تقودها هيئة مكافحة الفساد بعد قوائم التوظيف المعلنة التي ضمت عشرات الأسماء من أقارب مديري الجامعات ووكلائهم إحدى صور الانفلات الرقابي الذي تفاقم بعد قرار الدمج.
وما ينطبق على الجامعات ينطبق على ميدان التعليم العام الذي يعاني ضعف الرقابة والجمود وتعطل المشاريع وغيرها، ولا يعني هذا تحميل أشخاص بأعينهم مسؤولية الأخطاء سواء في هرم وزارة التعليم أو في الجامعات، فالميدان التعليمي لم يكن جاهزا لهذا التوجه الاستراتيجي في ظل غياب الرؤية ومنهجية التنفيذ، وأظن أن الحل المنطقي يكمن في إعادة النظر في قرار الدمج وإعادة وزارة التعليم العالي لضبط بوصلة الجامعات وتحفيزها لتعمل وفق مؤشرات تنافسية تتوافق مع "رؤية 2030" وتتفرغ وزارة التربية والتعليم لإصلاح التعليم العام.

إنشرها