FINANCIAL TIMES

فنزويلا تسعى لإعادة جدولة ديون بـ 150 مليار دولار

فنزويلا تسعى لإعادة جدولة ديون بـ 150 مليار دولار

تسعى فنزويلا بقوة هذه الأيام إلى إعادة هيكلة ديونها الثقيلة مع الدائنين المقدرة بنحو 150 مليار دولار، فقد دعت كراكاس دائنيها الدوليين إلى اجتماع في 13 تشرين الثاني (نوفمبر)، على ما أعلن نائب الرئيس طارق العيسمي المكلف بهذه العملية.
وبحسب "الفرنسية"، فقد أعلنت فنزويلا الغارقة في أزمة اقتصادية وسط عقوبات مالية فرضتها الولايات المتحدة، عن إعادة هيكلة ديونها الخارجية لتجنب التخلف عن السداد. وأكد العيسمي للتلفزيون "ندعو مانحي القروض إلى اجتماع في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) في كراكاس لنتعاون على بلورة آليات" من أجل إعادة التفاوض على الدين".
وكان الرئيس نيكولاس مادورو قد أكد مساء الخميس عبر التلفزيون "أعلن إعادة تمويل وهيكلة للدين الخارجي ولجميع الدفعات المستحقة على فنزويلا"، مشيرا إلى أن بلاده لن تسمح "للإمبراطورية الأمريكية أو غيرها أن تخنقها".
واشتدت الأزمة المالية بعدما فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عليها عقوبات مالية في آب (أغسطس)، تحظر شراء سندات جديدة صادرة عن الحكومة الفنزويلية وشركة النفط الوطنية.
وتوجب على كراكاس بالإجمال تسديد 1.63 مليار دولار في تشرين الأول (أكتوبر) بين ديون سيادية وقروض لشركة النفط الوطنية، ويبلغ المبلغ المستحق على الدولة في تشرين الثاني (نوفمبر) 1.89 مليار وكانون الأول (ديسمبر) 242.5 مليون، بحسب المكتب الاستشاري الخاص "آريستيمونيو هيريريا وشركاه"، كما أن احتياطها النقدي البالغ 10.09 مليار دولار بات في أدنى مستوياته منذ 20 عاما.
وقال مادورو "علينا غدا أن نسدد أكثر من مليار دولار ديونا مستحقة عن عام 2017 على قروض الشركة، وقد طلبت توفير هذا المبلغ للوفاء بهذا الالتزام وأمرت بدفعه".
وتعاني فنزويلا التي تمتلك أكبر احتياطيات نفطية في العالم حالة تضخم حادة وتقف منذ عدة أشهر على حافة الإفلاس، ويهدف الإجراء الذي يصفه المختصون بأنه إعادة هيكله إلى تقليص عبء الديون على البلاد.
وكانت القيادة في فنزويلا قد رفضت تنفيذ هذه الخطوة مدة طويلة، حتى في زمن الرئيس الفنزويلي الراحل هوجو شافيز، وبتطبيق هذا الإجراء يعترف مادورو عمليا بأن عبء الديون صار غير محتمل بالنسبة إلى فنزويلا.
ولا يزال من غير الواضح حقيقة التصور الذي لدى مادورو عن تنفيذ تلك الخطوة، فهيكلة الديون من جانب واحد يمكن أن تعني مباشرة عدم السداد، وبهذا سيمثل الأمر إحدى أكبر حالات إفلاس الدول في أمريكا الجنوبية.
وينحي مادورو باللائمة في اتخاذ هذه الخطوة على العقوبات المالية الأمريكية بحق بلاده - وقد فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترمب، بعد نزع سلطات البرلمان الفنزويلي الذي تسيطر عليه المعارضة، بينما تتهم الولايات المتحدة الرئيس الاشتراكي مادورو بترسيخ حكم دكتاتوري في البلاد، إلا أنها لا تزال أكبر مستورد للنفط الفنزويلي.
وهكذا صار من غير الممكن بالنسبة إلى فنزويلا إيجاد مصادر مالية جديدة، فالعقوبات الأمريكية المفروضة على فنزويلا منذ الصيف الماضي تمنع كثيرا من المستثمرين من شراء القروض الفنزويلية من جديد. وفي السنوات الأربع الأخيرة، تراجع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 36 في المائة، وفقا لمكتب "إيكواناليتيكا" الذي يقدر العجز الخارجي لفنزويلا بـ 12 مليار دولار في 2018، وهي السنة التي سيبلغ فيها التضخم مستويات غير مسبوقة يقدرها صندوق النقد الدولي بـ 2349 في المائة، مسجلا بذلك أعلى مستوى بين دول العالم فى تاريخ تقييمات الصندوق.
وأرجع صندوق النقد التوقعات لحالة عدم اليقين السياسي بسبب الأزمات التي تواجهها فنزويلا منذ عام 2014، وآخرها إجراء استفتاء على مجلس تشريعي واسع السلطة، يمتلك إمكانية تغيير الدستور، وسط حالة من الرفض الداخلي والخارجي.
وتوقع الصندوق أن النشاط الاقتصادي سيتأثر بسبب الأزمات السياسية، لينكمش إجمالي الناتج المحلي لفنزويلا بنسبة 6 في المائة خلال العام المقبل، عقب تقديرات بانخفاضه بمقدار 12 في المائة خلال العام الجاري.
وبحسب صندوق النقد فإن هناك إمكانية لزيادة البطالة فى فنزويلا لنحو 30 في المائة خلال عام 2018، لتمثل الأعلى على الإطلاق بين الدول، حيث تليها جنوب إفريقيا بنسبة 28 في المائة، واليونان عند 21 في المائة.
يأتى هذا فيما تكافح الحكومة الاشتراكية للرئيس نيكولاس مادورو بكل الوسائل لتفادي الوصول الى نقطة حرجة تجبرهم على الاعتذار عن سداد الديون المستحقة، من خلال الاستمرار في التضحية بالواردات، كما يؤكد عدد كبير من المحللين.
وقال سيزار أريستيمونو "ستحاول كراكاس الدفع أيا تكون الظروف. الحكومة تدرك أن ثمن تخلفها عن الدفع أكبر بكثير من ثمن الدفع"، ومن المتوقع أن يؤدي دفع المبالغ المستحقة للدائنين التي تناهز 70 في المائة للولايات المتحدة إلى تفاقم نقص المواد الغذائية والأدوية التي تعد الدولة مستوردها الرئيسي.
ويوضح مكتب "إيكواناليتيكا" أن قيمة الواردات تراجعت حتى الآن من 70 مليار دولار في 2012 إلى 12.5 مليار هذه السنة، ويشير إلى أن الحكومة التي تطبق رقابة صارمة على أسعار الصرف، جمدت في أيلول (سبتمبر) منح القطاع الخاص عملات صعبة، فمنعت بذلك المؤسسات من استيراد البضائع.
وفي حال احترمت فنزويلا كل التزاماتها، فسيبلغ إجمالي ما ستسدده هذه السنة 9.91 مليار دولار، فيما تبلغ استحقاقات الدين في العام المقبل ثمانية مليارات دولار، من إجمالي دين خارجي يقدر بـ 100 مليار. ويتباهى الرئيس مادورو بأنه يحرص على تسديد الديون، وبأنه دفع 60 مليارا لدائنيه الدوليين منذ 2015، رغم "الحرب الاقتصادية" التي تشنها الولايات المتحدة واليمين الفنزويلي.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES