FINANCIAL TIMES

ترشيح باول لرئاسة «الفيدرالي» يترك أسئلة المستثمرين بلا إجابات

ترشيح باول لرئاسة «الفيدرالي» يترك أسئلة المستثمرين بلا إجابات

قريبا سيكون لدى الاحتياطي الفيدرالي، البنك المركزي الأهم في العالم، أول رئيس غير مختص بالاقتصاد منذ ما يقارب أربعة عقود. لكن الأسواق المالية رحبت بترشيح جاي باول، الذي كان يعمل في السابق محاميا وتنفيذيا في الأسهم الخاصة.
إجماع الآراء هو أن باول ذا الشعر الفضي، والمحافظ في مجلس الاحتياطي الفيدرالي منذ عام 2012، يمثل الاستمرارية من عهد بن برنانكي والرئيسة الحالية، جانيت ييلين التي تعمل ببطء على تفكيك برنامج التحفيز الاستثنائي الذي أدخله البنك بعد الأزمة المالية.
قالت إيرين براون، وهي مديرة صندوق في "يو بي إس لإدارة الأصول": "ترشيح باول ليس مفاجأة للسوق. وباستثناء إعادة تعيين ييلين، فإنه أقل شخص يمكن أن يحدث الاضطراب في الوضع الراهن في مجلس الاحتياطي الفيدرالي".
وبينما يتوقع مديرو الصناديق من باول أن يلتزم بالمسار التدريجي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي نحو سياسة نقدية أشد صرامة، والتقليص البطيء للميزانية العمومية للبنك البالغة 4.5 تريليون دولار، فإن الأمر المهم بصورة خاصة هو كيف يمكن أن ينسجم هذا الشخص الذي يبلغ من العمر 64 عاما مع تحدي الأسواق ذات أسعار الأصول غير المستدامة، والتضخم الذي لا يزال ضعيفا، والذي يبقي الاحتياطي الفيدرالي على مسار حذر.
أصبح صعود الأسواق المالية موضوعا أكثر سخونة بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي هذا العام، حيث عمل اقتران ضعف عوائد السندات الطويلة الأجل، وضعف الدولار، وأسواق الائتمان المحمومة على التصدى بشكل قوي لتأثير زيادات أسعار الفائدة التي أقدم عليها البنك. كما أن مؤشر الإجهاد المالي من الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس - وهو مقياس لمدى دعم الأسواق أو تقييدها للنمو الاقتصادي – لا يزال يحوم بالقرب من مستويات قياسية منخفضة.
وللتو سجل الاقتصاد الأرحب أول أرباع متتالية من النمو بنسبة 3 في المائة منذ عام 2014، ومع احتمال إقرار الكونجرس قانون الإصلاح الضريبي، فإن أحد المخاطر التي يواجهها باول هو أنه ربما يحتاج إلى السعي لتسريع سحب الحوافز التي ساعدت على زيادة التفاؤل في الأسواق المالية.
تقول لينا كوميليفا، من G+ Economics: "سنكون قد انتهينا من المرحلة الأكثر صبرا من دورة تطبيع سياسة الاحتياطي الفيدرالي" في حال حافظ الاقتصاد على نموه القوي في التوظيف وبدأ التضخم في الصعود.
وتضيف: "في ظل انتعاش اقتصادي ناضج، في الوقت الذي يواصل فيه الاحتياطي الفيدرالي تفكيك برنامج التحفيز تحت قيادة ذات عقلية أكثر انفتاحا، فإن هذا يعني من الناحية العملية، أيا من كان يحيط بالرئيس الجديد باول في رئاسة الاحتياطي الفيدرالي، نظاما متغيرا بالنسبة للأسواق في المرحلة المقبلة".
في الوقت الراهن، يتوقع المستثمرون أن الاحتياطي الفيدرالي لن يعجل في العام المقبل الوتيرة الحالية للتفكيك المتوقع في ميزانيته العمومية. بل يشير بعضهم إلى تجربة بأول في مجلس الاحتياطي الفيدرالي خلال "نوبة الغضب" عام 2013 - عندما دفع برنانكي عوائد سندات الخزانة الأمريكية إلى الأعلى بشكل حاد من خلال الإشارة إلى نهاية برنامج التسهيل الكمي - كسبب يفسر لماذا سيتبين أنه ذو اتجاه محافظ من حيث الإشراف على التراجع عن عصر المال السهل.
ما يؤكد ذلك هو أن الناس الذين يعرفون باول جيدا يقولون إنه سيكون رئيسا لبناء توافق الآراء، على غرار ما كان يفعل كل من سلفيه المباشرين. فنسنت راينهارت، كبير الاقتصاديين في "ستانديش ميلون"، الذي عمل عن كثب مع باول في أوائل التسعينيات، يقول: "إنه مصدر للاستمرارية، وهو يعمل ويتعاون بشكل جيد مع الآخرين، وهذا أمر مهم بالنظر إلى أن (الاحتياطي الفيدرالي) تديره لجنة". في ذلك الوقت، كان راينهارت يعمل في الاحتياطي الفيدرالي، بينما كان باول يشغل منصب وكيل وزارة المالية للتمويل المحلي.
وهو لا يشعر بالقلق من أن باول سيكون أول شخص غير متخصص في الاقتصاد يترأس الاحتياطي الفيدرالي منذ جي وليام ميلر في الفترة 1978-1979، ويتوقع أن يكون أداؤه أفضل بكثير في صياغة تواصل أكثر مفهومية وواقعية من جانب البنك - وهو أمر يطالب به كثيرون في الأسواق.
يقول راينهارت: "له خبرة في الأسواق، وفي عمله محافظا كان يدرس بجد. عند النظر في التعيينات بعد عام 1946 (...) كان هناك رؤساء متميزون في الاحتياطي الفيدرالي وكانوا اقتصاديين، وكان هناك رؤساء للاحتياطي الفيدرالي غير متميزين وكانوا من المختصين في الاقتصاد".
وعلى الرغم من أن باول سيتولى مهامه عندما يكون مدار الأحاديث هو المزيد من رفع أسعار الفائدة، فإن رد الاحتياطي الفيدرالي عندما تنتهي أخيرا دورة الأعمال الحالية التي تتسم بكثرة الشياب فيها، فإن هذا سيساعد أيضا في تحديد سمعته رئيسا للاحتياطي الفيدرالي.
ويلاحظ ريتشارد كلاريدا، المستشار الاستراتيجي العالمي لشركة بيمكو: "بالنسبة لعام 2019 وما بعده، سيتعين على باول بوصفه رئيسا للاحتياطي الفيدرالي أن يقرر متى وكيف ينهي دورة التشديد الحالية - وهي مسألة حاسمة لم تحل من قبل الاحتياطي الفيدرالي تحت رئاسة ييلين".
وإذا بدأت بوادر الركود في الظهور في مرحلة ما، فإن رد فعل باول غير مؤكد. ويشير جون بيلوز، وهو مدير صندوق في شركة ويسترن لإدارة الأصول، إلى أنه بصفته غير اقتصادي ربما يكون أقل ميلا نحو التجريب في إجراءات السياسة النقدية التي اتسمت بها مرحلة ما بعد الأزمة. ومع ذلك، ولأن أسعار الفائدة متدنية الآن، من المرجح أن يكون نطاق التخفيف النقدي التقليدي محدودا.
ويقول: "الشخص الذي هو غير مختص بالاقتصاد ربما يكون عمليا أكثر من غيره ولكن أقل استعدادا للتجريب. في هذه البيئة هذا أمر لا بأس به، غير أن الأمر الذي يحوطه المزيد من اللبس هو ما الذي سيفعله إذا ضعف الاقتصاد".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES