FINANCIAL TIMES

تحدي تشي: التوليف بين حكم الفرد واقتصاد سوق اشتراكي

تحدي تشي: التوليف بين حكم الفرد واقتصاد سوق اشتراكي

تشي جين بينج هو أكثر حذرا بكثير. ولكن ادعاءاته جريئة أيضا. قال السكرتير العام للحزب الشيوعي الصيني في مؤتمره الوطني الـ 19 الأسبوع الماضي إن "الاشتراكية ذات الخصائص الصينية اجتازت العتبة إلى عهد جديد. وهي توفر خيارا جديدا للبلدان والأمم الأخرى التي تريد تسريع تنميتها مع الحفاظ على استقلالها". النظام السياسي اللينيني ليس في مزبلة التاريخ. بل يطفو من جديد على المستوى الدولي كنموذج ناجح قابل للتطبيق والاستيحاء.
يبدو ادعاء خروتشوف سخيفا الآن، على أنه لم يكن يبدو كذلك في ذلك الحين. لقد ساعد تصنيع الاتحاد السوفيتي، بلا شك، على إلحاق الهزيمة بالجيوش النازية.
ويشير إطلاق القمر الصناعي سبوتنيك في عام 1957 إلى أنه أصبح منافسا تكنولوجيا للولايات المتحدة.
الآن، بعد 35 عاما من تفاخر خروتشوف، انهار اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، والحزب الشيوعي السوفياتي واقتصاده. ولا يزال هذا هو أعجب الأحداث السياسية منذ الحرب العالمية الثانية. وفي الوقت نفسه، فإن الحدث الاقتصادي الأبرز هو صعود الصين من الفقر إلى وضع الدخل المتوسط. وهذا هو السبب في أن تشي قادر على الحديث عن الصين كنموذج.
على أن السؤال هو: كيف استطاع هذا النظام الذي فشل في موسكو أن ينجح في بكين؟ يكمن الفرق الكبير بين النتيجتين في الخيارات الرائعة التي اتخذها دينج تشياو بينج.
لقد حافظ الزعيم البارز الصيني الذي تولى بعد ماو تسي تونج على النظام السياسي اللينيني، فقبل كل شيء، حافظ على الدور المهيمن للحزب الشيوعي – مع تحرير الاقتصاد في الوقت نفسه.
وقد اتضح تصميمه على الحفاظ على سيطرة الحزب من خلال قراراته خلال ما وصفه الصينيون بـ "حادث 4 حزيران (يونيو)" ويصفه الغربيون بأنه "مجزرة ساحة تيان آن مين" في 1989. إلا أن عزمه على مواصلة الإصلاح الاقتصادي لم يتعثر أبدا. وكانت النتائج مذهلة.
ما إذا كان بمقدور للاتحاد السوفياتي أن يتبع مثل هذا الطريق، من قبل، هذا أمر مفتوح للنقاش. على كل حال، لم يفعل ذلك. ونتيجة لذلك، فإن روسيا اليوم لا تعرف كيف تحتفل بثورة أكتوبر التي حدثت قبل قرن من الزمان: يظل الرئيس فلاديمير بوتين حاكماً مستبداً، على الرغم من اختفاء النظام الشيوعي.
تشي هو أيضا مستبد. كانت هيمنته على الحزب والبلد واضحة للعيان في مؤتمر الحزب. لقد كان أيضا وريثاً للتقليد اللينيني. إن شرعيته تقوم على شرعية الحزب.
ما نتائج الزواج الصيني بين اللينينية والسوق. بالتأكيد تعلمت الصين جوانب اقتصادية من الغرب، لكنها ترفض السياسة الغربية الحديثة. وفي ظل تشي، أصبحت الصين أكثر استبدادية وغير ليبرالية بشكل متزايد.
في الحزب الشيوعي، الصين لديها قالب حديث ظاهريا لنظامها القديم من السيادة الإمبراطورية والبيروقراطية القائمة على الجدارة.
أما الحزب الآن فهو الإمبراطور. لذلك، كل من يسيطر على الحزب يسيطر على كل شيء. وينبغي للمرء أن يضيف أن التحولات في الاتجاه الاستبدادي قد وقعت في مكان آخر، خصوصا في روسيا.
والذين يعتقدون أن سقوط الاتحاد السوفياتي بشر بانتصار دائم للديمقراطية الليبرالية كانوا على خطأ.
هل سيواصل هذا المزيج من النظرية السياسة اللينينية مع اقتصاد السوق العمل في الوقت الذي تتطور فيه الصين؟ يجب أن يكون الجواب: نحن لا نعرف.
قد تكون الإجابة الإيجابية هي أن هذا النظام ليس فقط يتناسب مع التقاليد الصينية، بل إن البيروقراطيين أيضا متمكنون بشكل استثنائي منه. نجح النظام بشكل مذهل حتى الآن. غير أن هناك أيضا أجوبة سلبية. الأول هو أن الحزب هو دائما فوق القانون.
وهذا يجعل السلطة في نهاية المطاف بلا قانون.
الآخر هو أن الفساد الذي يهاجمه تشي متأصل في نظم تفتقر إلى عمليات ضبط من الأدنى. وهناك أمر آخر هو أن هذا الواقع سيؤدي، على المدى الطويل، إلى استنزاف الدينامية الاقتصادية.
وهناك أمر آخر إضافة إلى ما سبق، وهو أنه مع تقدم الاقتصاد ومستوى التعليم، تصبح الرغبة في أن يكون للناس رأي في السياسة رغبة ساحقة. على المدى الطويل، لن يصمد حكم رجل واحد على الحزب وحكم حزب واحد على الصين.
كل هذا هو على المدى الطويل. والموقف الفوري واضح تماما. تظهر الصين كقوة عظمى اقتصادية تحت حكم استبدادي لينيني يسيطر عليه رجل واحد.
بقية العالم ليس أمامه خيار سوى التعاون السلمي مع هذه القوة الصاعدة. وعلينا معا أن نهتم بكوكبنا، وأن نحافظ على السلام، وأن نعزز التنمية، وأن نحافظ على الاستقرار الاقتصادي.
وفي الوقت نفسه، يجب على الذين يؤمنون بالديمقراطية الليبرالية - القيمة الدائمة لسيادة القانون والحرية الفردية وحقوق الجميع للمشاركة في الحياة العامة - أن يعترفوا بأن الصين ليست منافسا أيديولوجيا كبيرا فحسب، بل هي ترى نفسها كذلك، بصدق.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES