FINANCIAL TIMES

مصارف اليابان الإقليمية تشكل تحديا صارخا لإصلاحات آبي

مصارف اليابان الإقليمية تشكل تحديا صارخا لإصلاحات آبي

عقب خروجه منتشيا من الانتصار فوق التوقعات خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة في اليابان، رزح رئيس الوزراء شينزو آبي في اليوم التالي تحت ضغط متزايد من الأسواق المالية للإجابة عن سؤال مباشر: "ماذا سيحدث الآن بالنسبة إلى برنامج الإصلاح الاقتصادي"؟
بالطبع لم يكن من المرجح في صباح يوم الإثنين أن يُعير شينزو آبي كثيرا من التفكير للعلاقة المحرمة بين الراكون والدب الأزرق – وهما تعويذتان لاثنين من المصارف الإقليمية الممنوعة من الاندماج.
على أن ولايته التالية كرئيس وزراء قد تجبره على الاهتمام بذلك، خاصة إذا تطورت إلى شيء يُثير قلق مؤشر توبيكس.
الشيء الذي كان يحاول جذب الانتباه في ضجة ما بعد الانتخابات هو تقرير النظام المالي الأخير من بنك اليابان المركزي – وهو تقييم رصين يُجرى مرتين سنوياً، في هذه المناسبة، كان ينتقد بشكل صريح القطاع المصرفي الإقليمي، وربحيته المنخفضة "بشكل مذهل" عند المقارنة بما يجري على الصعيد الدولي، والخطر الكامن في أنه يُمكن تقويض استقراره.
في الواقع، لا يتطلب الأمر تحليل البنك المركزي للاستنتاج من أن المؤسسات المالية الإقليمية التي يبلغ عددها نحو الـ 100 في اليابان، تتمتع بفائض في عدد العاملين وتفتقر إلى الكفاءة، وتحتفظ فوق ذلك بعدد كبير فوق الحد من الفروع، وتخدم الأسواق التي تجعلك تدرك حين تذهب للنزهة في أي شارع تسوق إقليمي أنك في تراجع.
صحيح أنه كان هناك بعض التوطيد وتصويب الأوضاع خلال الأعوام القليلة الماضية، على أنه لم يكن بما فيه الكفاية لجعل القطاع يشعر أنه متماسك ولو من بعيد.
تقرير بنك اليابان أضاف ثقلا رسمياً للمخاوف من أن كل هذه الخدمات المصرفية المفرطة قد أوجدت سباقاً تنافسياً نحو الحضيض، وبالنسبة إلى كثير من المؤسسات الأصغر، جعلت الربحية المستدامة بمنزلة احتمال بعيد.
الرقم الذي كان يوضح هذا هو 4833 - عدد فروع المصارف اليابانية لكل عشرة آلاف كيلو متر مربع من المناطق الصالحة للسكن - وهي أعلى نسبة كثافة في الاقتصادات المتقدمة.
إذا استمرت المصارف الإقليمية بمواجهة "الضغوط الشائعة والمزمنة" بدون تنويع مصادر الربح وتعديل مُدخلات الموارد بالنسبة إلى الطلب، كما يُحذر بنك اليابان، "فإن كثيرا من المؤسسات المالية ستخسر في وقت واحد قدرتها على استيعاب الخسائر على المدى المتوسط إلى الطويل، وهذا يُمكن أن يتطور إلى مخاطر تهدد سلامة النظام المالي بأكمله".
بعد يومين أطلقت وكالة الخدمات المالية تحذيراً، ركّز أيضاً على كون المصارف الإقليمية مُعرّضة لخطر تقلص السكان والهجرة الريفية إلى المدن الكبيرة. وقالت الوكالة "إنه في معظم المصارف الإقليمية، فإن الأرباح من عمليات الخدمات للزبائن تنخفض بشكل أسرع من التقديرات التي أُجريت في عام 2015".
بالطبع، توقيت أزمة مصرفية إقليمية قد يكون بعيداً لكن التحذير المزدوج يضع آبي في موقف صعب: جزء كبير من برنامجه للقيادة ينطوي على دفع سياسات "الإحياء الإقليمي" (التي تُكسِب الأصوات) إلا أن الفكرة الأساسية الطبيعية من تحذيرات كل من بنك اليابان ووكالة الخدمات المالية هي أن القطاع بحاجة إلى دَفعة قوية من الأعلى نحو الاندماج وإغلاق الفروع وخفض الوظائف.
من الواضح أن تفضيل وكالة الخدمات المالية هو الاندماج، لكن محاولات هندسة ذلك تواجه مشكلتين: الأولى هي كبرياء كثير من رؤساء المصارف الإقليمية الذين لا يريدون ضياع العلامات التجارية المرموقة أثناء فترة ولايتهم.
المشكلة الثانية الشائكة هي موقف لجنة التجارة الحرة اليابانية، التي تقف حالياً في طريق اثنتين من عمليات الدمج المقترحة رسمياً التي إجراءاتها، كما يقول مصرفيو عمليات الدمج والاستحواذ، فقد سبق أن أغلقت المحادثات في عمليتين أخريين على الأقل.
الأكثر صخباً من اعتراضات لجنة التجارة الحرة اليابانية كان الاعتراض على عملية دمج مقررة بين مجموعة فوكوكا المالية "التي تعويذتها هي الدب الأزرق" وبنك إيتينث "الراكون".
قلق الجهاز التنظيمي هو أن الكيان المندمج سيُسيطر على 70 في المائة من القروض في محافظة ناجازاكي، ما يقوّض المنافسة ذاتها التي يُحددها بنك اليابان ووكالة الخدمات المالية بأنها مشكلة مزمنة تقف في وجه ربحية القطاع.
من الناحية النظرية، وكالة الخدمات المالية - وفي نهاية المطاف إدارة آبي - أعطت الانطباع أنها على استعداد لاتخاذ نهج أكثر صرامة. وكالة موديز تصف وكالة الخدمات المالية بأنها "أكثر استعداداً لجعل المصارف الصغيرة ... تفشل أو تُحل بدون استخدام الأموال العامة".
على أنه ليس هناك أي اختبار فعلي لذلك حتى الآن، والآثار السياسية المترتبة على فشل أي مصرف إقليمي ستكون بشعة.
خطوات آبي التالية ستكون موضع اهتمام حاد من الأسواق التي تراقب الآن ما إذا كان لا يزال أهلاً للميزة التي لا يستهان بها، والتي تم احتسابها في الأسواق اليابانية نتيجة صورته كمصلح جذري للاقتصاد الغارق في الركود طوال ثلاثة عقود.
لا يزال "السهم الثالث" ضمن برنامج آبي الاقتصادي وهو الإصلاح الهيكلي، نافذا، إلا أن الأمر يتوقف على احتفاظ آبي بمظهر شخص قوي بما فيه الكفاية لإنفاذ العلاج المؤلم واللازم معاً، وها هي المصارف الإقليمية تعطي الأسواق دليلا قابلا للقياس على ذلك.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES