default Author

ميزان المخاطر المؤثرة في النمو

|

لا تزال الكفة السلبية هي الأرجح في ميزان المخاطر المؤثرة في النمو في المدى المتوسط، وهو ما يعزى إلى عدة مخاطر محتملة:
تشديد الأوضاع المالية العالمية بدرجة أسرع وأكبر: قد يأتي ذلك في شكل ارتفاع في أسعار الفائدة طويلة الأجل في الولايات المتحدة وبلدان أخرى بسبب استعادة السياسة النقدية العادية بوتيرة أسرع من المتوقع أو اتساع فروق العائد على الاستثمار طويل الأجل، ما يتسبب في تداعيات سلبية بالنسبة للاقتصادات الضعيفة. وإذا اقتضت الضرورة تشديد السياسة النقدية في منطقة اليورو، بينما لا يزال تعافي الأسعار والنمو متأخرين في البلدان الأعضاء المثقلة بالديون، فقد تتعرض هذه البلدان للمخاطر ما لم تكن قد نفذت إجراءات التصحيح المالي والإصلاحات الهيكلية اللازمة لزيادة العرض الممكن. وقد يؤدي تشديد الأوضاع المالية العالمية أيضا إلى تراجع حاد في الإقبال العالمي على المخاطرة مقارنة بمستوياته القوية الحالية، ما يمكن أن يؤثر سلبا في النشاط الاقتصادي الكلي من خلال إضعاف الثقة وتخفيض تقييمات الأصول وارتفاع علاوات المخاطر.
الاضطرابات المالية في اقتصادات الأسواق الصاعدة: يرجع رفع تنبؤات النمو في الصين إلى تباطؤ استعادة توازن النشاط في اتجاه الخدمات والاستهلاك، وارتفاع مسار الدين المتوقع، وتقلص الحيز المالي. وما لم تواجه السلطات الصينية المخاطر المصاحبة من خلال تسريع الجهود المشجعة التي بدأتها أخيرا بغرض الحد من التوسع الائتماني، فقد تؤدي هذه العوامل إلى رفع احتمالات التباطؤ الحاد في نمو الصين، مع ما ينجم عن ذلك من انعكاسات دولية سلبية. وعقب مرحلة العرض الائتماني الوفير، يمكن أن يؤدي التشديد المفاجئ للأوضاع المالية العالمية (مقترنا بارتفاع قيمة الدولار الأمريكي) إلى كشف مواطن الهشاشة المالية في بعض الأسواق الصاعدة، ما يفرض ضغوطا على الاقتصادات التي تربط عملاتها بالدولار الأمريكي ولديها نسب عالية من الرفع المالي وتعاني عدم الاتساق في ميزانياتها العمومية.
التضخم المنخفض بصورة مزمنة في الاقتصادات المتقدمة: إذا ما تعثر الطلب المحلي، قد يفضي ذلك إلى انخفاض توقعات التضخم على المدى المتوسط، ما يزيد من ضعف التضخم ويطيل استمراريته. ويؤدي انخفاض التضخم وأسعار الفائدة الاسمية بدوره إلى الحد من قدرة البنوك المركزية على خفض أسعار الفائدة الحقيقية لاستعادة التوظيف الكامل في فترات الهبوط الاقتصادي.
التراجع واسع النطاق عما أحرز من تحسينات في تنظيم ومراقبة القطاع المالي منذ الأزمة المالية العالمية: قد يؤدي مثل هذا التراجع إلى انخفاض احتياطيات رأس المال والسيولة أو إضعاف فعالية الرقابة، مع ما يسببه ذلك من انعكاسات سلبية على الاستقرار المالي العالمي.
التحول إلى السياسات الانغلاقية: فمن شأن التحول إلى الحمائية أن يؤدي إلى تراجع تدفقات التجارة والاستثمارات عبر الحدود، ما يلحق الضرر بالنمو العالمي.
العوامل غير الاقتصادية: تتضمن هذه العوامل التوترات الجغرافية ـــ السياسية، والنزاعات السياسية المحلية، والمخاطر الناجمة عن ضعف الحوكمة والفساد، والأحداث الجوية المتطرفة، ومخاوف الإرهاب والأوضاع الأمنية، وجميعها يمكن أن ينحرف بالنمو عن مساره الصحيح.
وهناك ترابط وثيق بين هذه المخاطر ويمكن أن يدعم كل منها الآخر. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يقترن التحول إلى السياسات الانغلاقية بزيادة التوترات الجغرافية ـــ السياسية إضافة إلى تزايد العزوف عن المخاطر على مستوى العالم؛ ويمكن أن تفرض الصدمات غير الاقتصادية عبئا مباشرا يعوق النشاط الاقتصادي ويزعزع الثقة والمشاعر السائدة في السوق؛ كما يمكن أن يؤدي تشديد الأوضاع المالية العالمية بسرعة أكبر من المتوقع أو التحول إلى الحمائية في الاقتصادات المتقدمة إلى تفاقم الضغوط الدافعة لخروج التدفقات الرأسمالية من الأسواق الصاعدة.

إنشرها