Author

إلى بغداد

|

بدأت الرحلات التجارية بين المملكة والعراق، هذه العودة التي جاءت بعد ما يقارب ثلاثة عقود من التوقف الاضطراري الذي فرضته أحداث وأحوال المنطقة. حالة يجب أن نتعلم منها ونبدأ في مشروعنا العربي الجديد بالبحث عن نقاط التلاقي، حيث يقدم كل مكون ما يستطيع لدعم العلاقة وتقويتها.
البحث عن نقاط التلاقي هو ملخص النظرة الإيجابية التي يجب أن تسود العلاقة اليوم بين العالم العربي. لو لاحظنا كم الخلافات بين دول الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال، سنعلم أنه ليس هناك ما يمكن أن يمنع عالم مثل العالم العربي من التقارب والتفاهم بالبناء على المشتركات. ليس هناك ما يمكن أن نعتبره تطابقا تاما بين مفاهيم وتطلعات الدول، المهم هو أن يبحث الجميع عن الضوء الذي يجعلنا نسير في النفق على بينة.
بيننا وبين العراق مشتركات حصرها صعب، لكننا يمكن أن نعد أهمها وهي متطلبات إنسانية واجتماعية وثقافية مشتركة يحاول البعض أن يضفي عليها ضبابية تمنع إيجابيتها من البروز. إن لم نعط هؤلاء الظلاميين الفرصة لتفرقتنا، سنكون أقوى وأقدر على خدمة أوطاننا وتوجيه مستقبل شعوب المنطقة كلها نحو مزيد من التقدم والحضارة والبناء بدل الهدم الذي يمارسه أعداؤنا وهم يعدون الخلافات التي بيننا ويضخمونها ويبتزوننا من خلال التخوين والتأزيم والتشكيك والتخويف الذي أبعدنا سنين طويلة عن بعضنا، ودفعنا نحو حالة فوضى خسر فيها عالمنا العربي كثيرا.
الحكماء اكتشفوا هذه المخططات وسيكون المستقبل أكثر إضاءة وإشراقا، والبداية بين المملكة والعرق ستكون مثالا يحتذى، حيث نكتشف جميعا أهمية كل واحد منا لمستقبل الآخر، واعتماد كل منا على نجاح وتقدم وتفوق الجار الذي يمثل العمق الاستراتيجي الذي يحمي مصالح الأوطان والشعوب.
ما شاهدناه في الأسبوعين الماضيين يدعو للفخر والأمل أن يكون المستقبل باهرا وليس أدل على ذلك من قول خادم الحرمين الشريفين "ما بيننا وبين العراق أكبر من الجوار والمصالح المشتركة.. نحن ندعم وحدته واستقراره" وهو يبارك الخطوات الجديدة. هذا لا يعني أن هناك من سيحاولون العمل على إعادة التأزيم لهذه العلاقة المتطورة، وهو ما يجب أن نكشفه بالتعاون فيما بيننا ونتخلص منه.

إنشرها