Author

ازدحام وتلوث مدينة الرياض .. والتنافس مع المدن الجديدة

|

تعتزم المملكة بناء صروح عالمية ومدن على مستوى عال من التقنية والتقدم والتطور، تلك المدن التي تم الإعلان عنها مثل مدينة "نيوم" أو المشاريع العملاقة المتميزة مثل مشروع القدية، تشعر المواطن حقا بالفخر.
ومدينة الرياض، تلك المدينة الجميلة عاصمة المملكة والقلب النابض للعمل والحياة في حاجة لوقفة جادة في مجال البيئة والازدحام المروري، حيث لا يمكننا المنافسة في أن نصبح مدينة عالمية وذات تصنيف دولي عال، دون الأخذ بعين الاعتبار التحديات البيئية التي تعانيها المدينة، وعقبات الازدحام، وما يخلفه كلا العنصرين من توتر عصبي، وخسارة مادية ومعنوية، علاوة على أمراض في بعض حالات التلوث التي تؤثر سلبا في المواطنين، والتي قد توجد مع الأسف في بعض الأحياء دون أحياء أخرى ما يوحي بعدم اهتمام ببعض الأحياء.
تقوم وزارة الشؤون البلدية والقروية، بعمل جيد، لكن عملها في حاجة إلى مزيد من العمل بحكم الزيادة السكانية والتغيرات الاقتصادية والتوسعات العمرانية، وبحاجة مع ذلك إلى تكاتف، من قبل بقية الفاعلين، مثل التعليم والقطاع الخاص في الدخول في مبادرات بيئية لدعم المدينة.
تحتاج مدينة الرياض إلى الروح والعقليات التي تبني مدننا الحديثة للعمل على قضيتين تؤرقان سكان مدينة الرياض، وتأتي قضية البيئة والتلوث لاسيما تلوث الهواء وأيضا التلوث الضوضائي في مدينة الرياض كأحد أهم العناصر التي تدمر المدينة وتطورها. ولعل أحد أبرز الأمثلة على تلوث الهواء على سبيل الذكر لا الحصر هو حرق النفايات بجانب إسكان طريق الخرج، بشكل أسبوعي، وتلك الأدخنة التي تدخل على البيوت والمنازل وتسبب الأمراض لسكان مناطق جنوبي الرياض، هي من أسوأ أسباب التلوث، التي تؤدي إلى تفاقم أمراض الصدر، علاوة على الشعور بعدم الراحة والمشاكل التنفسية.
يستغرب أن التقنيات الخاصة بإعادة التدوير متاحة للشركات ويمكن استقطابها بل الكسب منها، وأن يتم -في حالة الطموح المبرر- بعد ذلك توزيع أرباح على السكان الذين يقومون بالفرز الخاص بالنفايات.
من المحزن عندما تستيقظ صباحا في العاصمة السعودية، أن ترى وأنت تدخل على طرقاتها وتنظر إلى سحابة دخانية تغطي سماءها الصافية، ولذا فمن المهم البدء بخطة إنقاذ لهذه المدينة التي يتخطى سكانها ثمانية ملايين نسمة، لاسيما في أحياء جنوبي الرياض التي تعاني حرق النفايات ووجود بعض المصانع التي تسبب تلوث للمدينة.
الخطوة الثانية هي تكثيف الزراعات النافعة في الشوارع لاسيما الأشجار التي تعتبر من منقيات الهواء، ودعم المبادرات الأهلية للتشجير، ودعم مبادرات تشجير الأسطح وتوفير الشتلات وأنظمة الري بشكل مجاني والقيام بتوزيعها عبر المدارس بعد عمل حملات عن أهمية الزراعة في الأسطح أو الأماكن القابلة للزراعة، علاوة على إصدار نشرات يومية بمعدلات التلوث في كل مناطق المدينة، والعمل على خفضها، وإلغاء حرق النفايات تماما والبدء باستراتيجية شراء النفايات والمخلفات من المواطنين والبدء في معالجتها وتصنيعها وإعادة تدويرها من خلال تمكين الشركات الوطنية، والدخول مع المواطنين والجهات الحكومية ذات العلاقة بالتحول لشركات في مجال التدوير بكل أشكاله، مع خطط تثقيفية على مستوى المدارس والجامعات.
يحزن ساكن مدينة الرياض عند الذهاب للمنتزهات كميات المخلفات التي ترمى، ولذا يجب العمل على منظومة لوائح، تمنع تماما الأكياس البلاستيكية، واستبدالها بأكياس ورقية سريعة التحلل ومن مواد عضوية.
ومن البيئة في مدينة الرياض ننتقل إلى مسألة الازدحام المروري، الذي يطول الحديث عنه ويشكل كذلك أحد الأمور التي تؤرق سكان هذه المدينة، حيث تستغرق الرحلة من جنوب الرياض إلى شمالها وقت الذروة نحو ساعة ونصف الساعة، وتنخفض أو تزداد قليلا عند عكس الرحلة، وتقارب الرحلة من غرب الرياض إلى شرقها الساعة كذلك في أوقات الذروة وربما تزيد. تعتبر مدينة الرياض من أكبر العواصم على مستوى الوطن العربي، ولذا فإن الحاجة ملحة لإدارة تنظيم السير.
يزداد الوضع سوءا فيما يتعلق بالمرور مع الشاحنات التي لا تسبب الاختناقات في الأوقات قبيل وبعيد السماح لها بالوجود في المدينة، وإنما في طرق التجاوز والتخطي الفجة التي تسبب الحوادث، ومزيدا من الاختناقات، هذا وتتوجه كذلك إعداد السيارات للزيادة مع السماح للسيدات بقيادة السيارات ولذا يجب حماية المواطنين والمواطنات من خطر الشاحنات حتى لا تقع كوارث لا تحمد عقباها. فتخصص إدارة الطرق وإدارة أوقات الذروة مهم جدا. وبالله التوفيق.

إنشرها