Author

«نيوم» .. مشروع اقتصادي عالمي بملامح كونية

|
في مؤتمر مستقبل الاستثمار الذي عقد في العاصمة الرياض في الأسبوع الماضي، أطلق الأمير محمد بن سلمان مشروع "نيوم"، وهو مشروع اقتصادي سياسي اجتماعي ضخم، هدفه موارد جديدة للدولة عن طريق جودة الحياة ونشر ثقافة التسامح. والمشروع سيقام في منطقة فسيحة تقع شمال غرب المملكة، وتهدف إلى أن تكون مكانا تجتمع فيه أفضل العقول البشرية والشركات الذكية كي تكون مركزا اقتصاديا تنافسيا فريدا يستقطب الموارد البشرية والاقتصادية من كل أنحاء العالم. ويقع مشروع "نيوم" الطموح في ثلاث دول عربية هي السعودية، ومصر، والأردن، على مساحة إجمالية تقدر بـ 26.500 كيلو متر مربع، وسيتم الانتهاء من المرحلة الأولى للمشروع بحلول عام 2025، وسيستخدم المشروع تكنولوجيا المعلومات على نطاق واسع، وسيسعى إلى استقطاب أندر المواهب الإنسانية، وسيعيش فيه السعوديون والوافدون سواء بسواء. والهدف في النهاية هو الارتقاء بجودة الحياة ونشر السعادة بكل جوانبها الترفيهية والرياضية والاقتصادية والثقافية، إضافة إلى ذلك ستكون خدمات حكومة "نيوم" مؤتمتة بشكل كامل وسهلة الاستخدام، مع توفير خدمات رقمية سريعة ومجانية للناس أجمعين، وتدخل معها خدمة الإنترنت في جميع الأماكن تعزيزا لنشر المعرفة والتعليم وتسهيلا للتواصل بين الناس من أجل نشر التسامح وجودة الحياة. ومن خلال مشروع "نيوم" تسعى المملكة إلى اقتناص كل الفرص الاقتصادية المتاحة ذات البعد المحلي والدولي والدخول فيها بثقة وقوة من أجل تنويع موارد الاقتصاد الوطني السعودي، وسيكون الإنسان بمواهبه وقدراته هو اللاعب الرئيسي في المشروع، إذ إن المشروع يقوم على الابتكار والحلول غير التقليدية بغية النهوض بالحياة وتجميل إيقاعاتها بعيدا عن تعقيدات الحكومات التقليدية، ويسجل للإنسان أنه هو صاحب الريادة وصاحب الكلمة العليا في تحقيق التقدم وبناء الحضارات، بمعنى أن الإنسان هو حجر الزاوية في تحقيق نهضة الأمم، ونلاحظ أنه كلما بزغت نجومية القيادة ــ كما يحدث حاليا في مملكتنا المزدهرة ــ استعادت الدولة ألقها وبريقها وازدهارها. وقد روعي في مشروع "نيوم" الذي طرحه الأمير محمد بن سلمان في مؤتمر "مستقبل الاستثمار" أن يقوم في منطقة قريبة من الأسواق العالمية وعلى تخوم مسارات التجارة الدولية، كذلك يتميز المشروع بتضاريسه الجاذبة للنفس البشرية، كالشواطئ البكر التي تمتد على مساحة تتجاوز 460 كيلو مترا من ساحل البحر الأحمر وعديد من الجزر ذات الطبيعة الخلابة، ثم تمتشق أمامها الجبال التي تطل على خليج العقبة والبحر الأحمر، وتلحفها الثلوج في فصول الشتاء بالصحراء المبدعة التي تضفي على أفق المكان مزيدا من الجمال والروعة. إن مشروع "نيوم" سيوفر للمنطقة فرصا جاذبة للمستثمرين الكبار، من أهمها الوصول إلى السوق السعودية بشكل مباشر، كذلك تكون الفائدة أعم باعتبار أن المنطقة بمنزلة مركز استراتيجي بين ثلاث قارات، فضلا عن البيئة التنظيمية التي تتيح للمستثمرين المشاركة في صياغة الأنظمة والتشريعات، كما سيحظى المستثمرون وأصحاب الأعمال بدعم تمويلي لإقامة المشاريع التي تخدم أهداف مشروع "نيوم"، مع تأكيد أن حكومة السعودية "الحزم والعزم" ستولي هذا المشروع اهتماما بالغا ودعما كبيرا على جميع المستويات. ومن أجل ضمان تنفيذ المشروع بمهنية عالية قامت السعودية بإنشاء هيئة خاصة للإشراف على تنفيذ وإدارة المشروع، يرأسها الأمير محمد بن سلمان، الذي أشار في كلمته التي ألقاها بالنيابة عنه الدكتور ماجد القصبي، إلى أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي سيدعم مشروع "نيوم" باستثمارات تبلغ قيمتها نحو 500 مليار دولار، وسيفتح المجال أمام مستثمرين محليين وعالميين بالمساهمة في المشروع، بمعنى أن مشروع "نيوم" مشروع مكتمل التجهيزات، وينتظر أن تتدفق عليه الاستثمارات لتحقيق خطوات موفقة على طريق الإنجاز والتنفيذ. وتستهدف المملكة من المشروع اقتناص الفرص الاقتصادية الهائلة والاستثمار فيها بثقة وقوة من أجل تنويع مصادر إيرادات الدولة، وفي الوقت نفسه سيستمر الدعم الحكومي لميزانية الدولة كي تستمر عمليات بناء البنى التحتية في جميع أنحاء مدن السعودية، وإضافة إلى ذلك فإن تطوير وبناء مشروع "نيوم" يوفر فرصة استثنائية للحد من تسرب الناتج المحلي الإجمالي، وذلك من خلال إتاحة فرص الاستثمار داخل المملكة لكل من يستثمر أمواله في الخارج، وبالتالي الاتجاه نحو تقليل معدلات التسرب المالي مع توفير الجذب المحلي. وبقراءة فاحصة لمشروع "نيوم" يتضح أن المشروع قدمه الأمير محمد بن سلمان للسوقين العالمية والمحلية وهو مكتمل الأركان مع جميع هياكله الإدارية والمالية والتنظيمية، حيث شكل له هيئة عامة برئاسته، وستكون له هيئة قضائية لحل النزاعات ضمن الإطار التنظيمي الخاص بالمشروع، كما أشار الأمير محمد بن سلمان إلى أن منطقة المشروع ستخضع لأنظمة وتشريعات مستقلة وفق أفضل التطبيقات العالمية، بمعنى أن المشروع سيكون مستقلا عن قوانين الاستثمار في السعودية، وستشرع الهيئة كل الأنظمة والتشريعات المتعلقة بالمشروع. وبذلك يكون مشروع "نيوم" من المشاريع الاقتصادية الفريدة في نوعها ليس على المستوى المحلي فقط، إنما على المستوى الدولي بالضرورة.
إنشرها