Author

«نيوم» ترسم ملامح مدن المستقبل في المملكة

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
مفاجأة ملتقى مبادرة مستقبل الاستثمار إعلان ولي العهد عن مدينة من مدن المستقبل اسمها "نيوم" NEOM في شمال غرب المملكة TD منطقة تبوك ليكون في منطقة هي تقريبا ملتقى للقارات الثلاث تشارك فيه ثلاث دول عربية لديها الطموح لتكون نموذجا فريدا للمدن المتقدمة في العالم التي تتمتع بنموذج فريد وعال لمستوى المعيشة في العالم، ومنتدى مبادرة مستقبل الاستثمار انعقد أخيرا في مدينة الرياض بحضور مجموعة كبيرة من القيادات السياسية والاستثمارية والخبراء من مختلف دول العالم. مدينة "نيوم" تقع في منطقة تبوك على مساحة تقارب 27 ألف متر مربع في منطقة متميزة بجغرافيتها وموقعها الاستراتيجي حول العالم وقريبة من مشروع البحر الأحمر، وقد تم الإعلان عن الرئيس التنفيذي للمشروع، ويركز المشروع على تسعة قطاعات "وهي مستقبل الطاقة والمياه، ومستقبل التنقل، ومستقبل التقنيات الحيوية، ومستقبل الغذاء، ومستقبل العلوم التقنية والرقمية، ومستقبل التصنيع المتطور، ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي، ومستقبل الترفيه، ومستقبل المعيشة الذي يمثل الركيزة الأساسية لباقي القطاعات"، كما أن المشروع سيضخ فيه صندوق الاستثمارات العامة مبلغ 500 مليار دولار خلال فترة تنفيذه، وقد بدأت مجموعة من الصناديق فعليا الإعلان عن الرغبة في الاستثمار في المشروع باعتباره مشروعا طموحا وفريدا ويحظى بدعم حكومي، وهذه الركائز الثلاث تجعله مشروعا جاذبا للاستثمارات. المشروع بلا شك مشروع طموح وليس من السهولة بمكان اكتمال المشروع خلال فترة وجيزة فهو عبارة عن عمل تراكمي يسعى لأن يحقق للمجتمع في المملكة والمنطقة ظروفا معيشية متميزة في ظل المنافسة في العالم على استقطاب الاستثمارات والسعي إلى بناء مراكز جذب عالمية للاستثمارات فكما جاء في إعلان ولي العهد أن المرحلة الأولى ستكتمل في عام 2025 وبعد ذلك التاريخ ستكون هذه المدينة موقعا لافتا للعالم. يتميز هذا المشروع بمجموعة من الأمور لعل المقال يركز على بعضها، حيث إن العالم اليوم يتنافس على الفرص الاستثمارية وهناك مجموعة من دول العالم تعمل على جذب مزيد من الاستثمارات لما في ذلك من أثر اقتصادي كبير يحقق لتلك الدول الرفاهية والاستقرار وجودة في ظروف المعيشة، واليوم ومع هذه المنافسة لم تعد الصناعات التقليدية هدفا لكثير من الدول المتقدمة باعتبار أنها أصبحت اليوم تصدرها إلى الدول الفقيرة والأقل تكلفة في أجور العاملين باعتبار أن ذلك لا يحقق عوائد مجدية في تلك البلدان التي تتمتع بقوى عاملة ذات كفاءة عالية، ونظرا لأن المملكة لديها مجموعة من الشباب الذين يتمتعون بفرص تعليمية مميزة سواء من خلال برامج الابتعاث أو من خلال الارتقاء بمستوى التعليم الذي تشهده المملكة حاليا أصبح اليوم هذا الجيل يبحث عن فرص العمل النوعي ويتطلع إلى برامج حكومية تحقق له هذا الطموح الذي يعتبر نتاجا لهذا الحراك التعليمي والمعرفي، فمعدل الرواتب في القطاعين الحكومي والخاص حاليا لا يتناسب مع الصناعات التقليدية، ولذلك من المهم توفير فرص العمل النوعي الذي يمكن المواطن من استدامة تحقيق دخل مناسب في المستقبل، كما أنه يرتقي بالمستوى العام للصناعة في المملكة التي تتطلع إلى الانفكاك من مسألة الاعتماد على النفط في الدخل بإيجاد مصادر متنوعة مع الاستغلال الأمثل للموارد. يتميز المشروع بأن فيه استغلالا للموقع الجغرافي للمملكة، حيث يتميز هذا الموقع بمرور 10 في المائة من التجارة في العالم وأنه يعتبر ملتقى قريبا من القارات الثلاث كما أنه ملتقى لثلاث دول عربية وهي المملكة والأردن ومصر، وهذا المشروع يوحي بالعمل على تحقيق تنمية شاملة على مستوى المنطقة ولا يختص بالمملكة وحدها وهذا هدف استراتيجي مهم، حيث إن تفاعل مجموعة من الدول العربية في المشروع سيحقق له التكامل والاستدامة باعتبار العلاقة الوثيقة لتلك الدول بهذه المنطقة بسبب قرب الأردن وقناة السويس التي تمثل أحد أهم المنافذ للنقل البحري في العالم. فالخلاصة أن مشروع مدينة نيوم يعتبر مشروعا عملاقا طموحا يتسق مع "رؤية المملكة" في تحقيق تحول للمملكة بعيدا عن الاعتماد على النفط، كما أنه يتميز بنوع من الاستثمارات التي ستكون نوعية متقدمة تتناسب مع طموح المواطن في استدامة فرص تحسين ظروف المعيشة له التي لا يمكن للصناعات التقليدية أن تحققه له، كما أنه يعزز من إمكانية تحقيق تنمية شاملة لدول المنطقة خصوصا مصر والأردن، فمشاركتهما تزيد من فرص تميز المشروع من خلال تحقيق التكامل.
إنشرها