مستثمرو الزيت الصخري مستاؤون من عائد استثماراتهم

مستثمرو الزيت الصخري مستاؤون من عائد استثماراتهم

في عرض توضيحي في بورصة نيويورك، شرح دوج ساتلز، الرئيس التنفيذي لشركة إنكانا، الواقع الجديد لشركات إنتاج النفط والغاز في أمريكا الشمالية. وقال إن الصناعة انتقلت من "استخراج الموارد" إلى "تعظيم القيمة". هذا تغير عميق. فمنذ بدء ثورة النفط الصخري في أواخر العقد الأول من الألفية، ركزت فرق الإدارة في الأغلب على النمو بأي ثمن، وكان المستثمرون في الأغلب على استعداد لدعمهم.
لكن هذا العام، مشاعر المستثمرين تحولت. المساهمون الآن أقل انبهارا بإثارة طفرة الزيت الصخري، وأكثر اهتماما بالمقاييس التقليدية للنجاح، بما في ذلك العوائد على رأس المال وتوليد السيولة. بالنسبة لشركة إنكانا التي تنتج الغاز والنفط في الولايات المتحدة وكندا، أدى التحول إلى جهود لتغيير ثقافة الشركة. قال ساتلز في عرضه الأسبوع الماضي: " الحوار نفسه الذي نجريه مع مستثمرينا، عن إيجاد قيمة من خلال تقديم عوائد شركات ذات قيمة، هو الحوار الذي نجريه باستمرار داخل الشركة". ويجري دفع صناعة الزيت الصخري بالكامل في الاتجاه نفسه. إذا فشلت الشركات في تحسين عوائد المساهمين، كما يقول ستيفن تراوبر، الرئيس العالمي للطاقة في "سيتي"، "سيبدأ المستثمرون بالتساؤل عما تفعله الإدارة". على مدى الأعوام الثمانية الماضية أنفقت صناعة التنقيب والإنتاج الأمريكية كثيرا من تدفقاتها النقدية في تكاليف الحفر، الأمر الذي تطلب تدفقات داخلة مستمرة من التمويل بالسندات والأسهم من أجل الاستمرار. لكن الصناعة منحت المساهمين مبالغ قليلة جدا في المقابل.
حتى أكبر قصص نجاح الصناعة، "إي أو جي ريسورسيس" و"بيونير ناتشورال ريسورسيس،"، حققت أداء ضعيفا دون المؤشر خلال الأعوام الخمسة الماضية، بإجمالي عوائد مساهمين 74 في المائة و35 في المائة، على التوالي، مقارنة بعائد بلغ 95 في المائة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500. وهناك شركات تنقيب وإنتاج بارزة أخرى تركت المستثمرين يعانون الخسائر، إذ أبلغت "كونتيننتال ريسورسيس" عن خسارة لمدة خمسة أعوام للمساهمين بنسبة 7 في المائة، بينما أبلغت "ماراثون أويل" عن خسارة وصلت إلى 51 في المائة.
بالنظر إلى تلك الأرقام من غير المستغرب أن يتراجع اهتمام المستثمرين. ففي عام 2016 جمعت شركات التنقيب والإنتاج الأمريكية 34.3 مليار دولار من مبيعات الأسهم، ما جعله عاما قياسيا، لكنها وفقا لشركة ديلوجيك، لم تجمع سوى 5.7 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2017. كيفين هولت، من "إنفيسكو"، واحد من مديري الصناديق الذين يجادلون بأن الصناعة يجب أن تغير المسار. وقد ذهب بالفعل إلى مجالس إدارة عدد من شركات التنقيب والإنتاج، لحثها على استهداف تحقيق معدلات نمو أقل والتركيز على رفع معدلات العوائد والتدفق النقدي الحر، وفي الوقت نفسه تخفيض إصدار السندات والأسهم.
وهو يجادل بأنها إن لم تفعل ذلك، فإنها ستواصل الاستثمار المفرط والإنتاج المفرط، ما يعمل على تراجع أسعار النفط والغاز والاستمرار في خسارة المال. يقول: "الأمر مثل فيلم جورج كلوني، (العاصفة المثالية). تدرك أن الأمر سينتهي بشكل سيئ إذا واصلت العمل على هذا النحو".
هناك علامة أخرى على الموقف الأكثر تطلبا بين المستثمرين هي عودة المساهمين الناشطين. هذه ليست ظاهرة جديدة - كانت هناك معارك بين المستثمرين والإدارة في "تشيزابيكي إنيرجي" و"هيس"، من بين شركات أخرى - لكنها تعود الآن مع تحدي المساهمين للإدارة في "إي كيو تي" و"إنيرجن". ويتحدث المستشارون عن شركات أخرى بدأ المستثمرون فيها ممارسة الضغط خلف الكواليس.
يقول ديفيد روزووتر، رئيس الدفاع عن نشاط المساهمين في مورجان ستانلي: "النشطاء يستهدفون القطاع لأنه فقد الحظوة ويرون مكاسب محتملة". ويضيف: "نحن نرى أن هذا الاتجاه سيستمر إلى أن تتمكن شركات الزيت الصخري من تحسين عوائدها وإظهار نمو الإنتاج أثناء العيش في التدفق النقدي". وكان هناك تحرك كبير الشهر الماضي من "أناداركو بتروليوم"، التي أعلنت أنها ستعيد شراء ما قيمته 2.5 مليار دولار من الأسهم. وقد كافأت الأسواق الشركة برفع سعر سهمها 7 في المائة، ما أضاف نحو 1.8 مليار دولار إلى القيمة السوقية للشركة. ويرى هولت أن الترحيب الحار بإعادة الشركة النقود إلى المساهمين أرسل إشارة من المرجح أن تتبعها شركات أخرى.
الضغط من المستثمرين من أجل مزيد من الانضباط - كلمة استخدمتها "إنكانا" 17 مرة في عرضها التوضيحي - يبدو أنه يحقق أثرا منذ الآن. عدد الحفارات النشطة في الولايات المتحدة التي تحفر الآبار الأفقية المستخدمة لإنتاج النفط الصخري كان في حالة تراجع منذ بداية آب (أغسطس).
بال كيبسجور، الرئيس التنفيذي لـ "شلومبيرجر"، أكبر مجموعة لخدمات حقول النفط في العالم، أخبر المحللين الأسبوع الماضي أن نمو النشاط في أمريكا الشمالية آخذ في التباطؤ، لأن "السعي السابق لنمو الإنتاج يجري موازنته الآن مع تركيز مساو على تحقيق عوائد مالية قوية والعمل ضمن التدفق النقدي". جمال دردار، المحلل في "تيودور بيكيرنج هولت"، يقول قبل ستة أشهر كان ليتوقع أن شركات إنتاج النفط والغاز الأمريكية سوف تفرط في إنفاق تدفقاتها النقدية حتى العام المقبل على الأقل. وهو يتوقع الآن أن شركات التنقيب والإنتاج الكبرى بالإجمال سوف تحصل في 2018 على تدفق نقدي حر إيجابي، بعد الإنفاق الرأسمالي، لكن قبل مدفوعات أرباح الأسهم.
وكثير من الشركات الكبيرة، بما في ذلك "أناداركو"، و"أباشي"، و"نوبل إنيرجي"، تستفيد من حقيقة أنها تملك أقساما دولية لا تتطلب الحفر المستمر، اللازم للزيت الصخري.
يقول دردار: "تقول الشركات: ’نحن نحتاج في الواقع إلى أن نعيش ضمن إمكاناتنا‘. وهم يتلقون أسئلة كثيرة من المستثمرين الذين يقولون: ’هل تستطيعون أن تفعلوا مثلما فعلت أناداركو؟ نود أن نرى هذا عاجلا وليس آجلا‘".
ويضيف أن الشركات الصغيرة التي تجد أن من الصعب عليها توليد السيولة ربما ينتهي بها المطاف أن يتم الاستحواذ عليها، على اعتبار أن هبوط أسعار الأسهم يجعلها تبدو أهدافا أكثر جاذبية في أعين المجموعات الكبرى.
ولا يزال من المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الأمريكي في العام المقبل، جزئيا بسبب الجزء المتراكم والمتأخر من الآبار التي تم حفرها لكن لم توضع قيد الإنتاج بعد. وهو في سبيله إلى أن يحقق رقما قياسيا جديدا فوق عشرة ملايين برميل يوميا بحلول نهاية العام المقبل، وفقا لإدارة معلومات الطاقة. لكن الشركات التي لديها خطط نمو فخمة ربما تضطر إلى تخفيف طموحاتها.
يقول هولت: "نحن جميعا نحب النمو، لكن يجب أن يكون نموا مربحا. ربما تكون الشركات قادرة على النمو بمعدل 5 أو 10 في المائة سنويا، لكن ليس 20 في المائة".
وإذا انحنت الشركات تحت ضغط المستثمرين، فمن الممكن أن ينجح الأمر بشكل مرتب للغاية. فالنمو البطيء لإنتاج النفط الأمريكي من شأنه أن يساعد على دفع أسعار الخام إلى أعلى، بحيث يجعل من الممكن للصناعة أن تحقق العوائد التي يريدها المساهمون.
لكن تراوبر، من "سيتي"، يحذر من أن تاريخ صناعة النفط يبين أنها نادرا ما تحقق مثل هذه النتائج الجيدة. يقول: "لقد شهدنا هذا من قبل. في بعض الأحيان خلال السنوات الـ 30 الماضية كان المستثمرون يطالبون الصناعة بالانضباط. لكن بمجرد أن تنتعش أسعار النفط من جديد، يكون المساهمون قد نسوا كل شيء بهذا الخصوص وتجد أن الصناعة تتدافع من جديد نحو النمو". ستيفين لاندسبورج، من جامعة روتشستر، لاحظ أن معظم الاقتصاد يمكن اختصاره في أربع كلمات: "يستجيب الناس إلى الحوافز". الطريقة الناجحة في صناعة النفط الأمريكية هي أن الرؤساء التنفيذيين يستجيبون إلى خطط الحوافز التي تكافئهم على نمو الإنتاج.
مع ذلك، هناك علامات على أن خطط الحوافز المذكورة تتغير. هولت، من إنفيسكو، كتب إلى بعض مجالس إدارة شركات الإنتاج يحثهم على وضع الحوافز لفرق الإدارة لتحقيق العوائد التي يريدها المساهمون. وكتب بول سانكي، المحلل في "وولف ريسيرش"، في مذكرة حديثة، أن أفضل شركات التنقيب والإنتاج الأمريكية "تدخل الآن نهضة من حيث حوكمة الشركات، والربحية، وعوائد المساهمين". لإثارة ذلك، أضاف أن الخطوة الأولى هي "جعل الأجور والرواتب مناسبة".

الأكثر قراءة