Author

«النكبة»

|

درس معي زميل، لم تبق مسابقة داخل المملكة أو خارجها إلا شارك فيها. سواء كانت رياضية أو علمية أو ثقافية. لا يهمه إن كانت عبر صحيفة أو هاتف أو تلفزيون. يوجد في كل مسابقة قد تخطر على بالك. تمتلئ غرفته بقصاصات الصحف والقسائم التي يجمعها من كل مكان.
لا أستغرب أبدا لو فتحت أي إذاعة وصافحت صوته من بين المشاركين. فقد أصبحت مشاركته في المنافسات المختلفة جزءا من شخصيته وأسلوبه.
المثير في الموضوع أنه لم يفز بأي مسابقة اشترك فيها ـ على حد علمي ــ لكنه ظل مخلصا لهذه الهواية على الرغم من كل الخسائر والفواتير، والتهكم الذي يحاصره.
أطلق عليه أحد زملائنا لقب "النكبة" من جراء ارتباطه بالخسارة على الرغم من كل مشاركاته وحماسه.
ما زلت أتذكر جيدا عندما تراجع كل الزملاء عن السفر معا في رحلة جماعية خططنا لها خلال إحدى الإجازات، خشية أن نتعرض لـ "نكبة" جماعية بسبب وجوده معنا.
الكل يراه أيقونة للحظ العاثر وفأل خسران على كل شيء يشارك أو يوجد فيه.
كبرنا جميعا وفرقتنا الحياة، والتأمنا مجددا قبل فترة في مناسبة لأحد الأصدقاء.
المفاجأة أننا اكتشفنا أن "النكبة" صار أفضلنا حالا. لديه سلسلة متاجر ناجحة لم أعرف أنها له قبل اللقاء الأخير، فضلا عن شبكة العلاقات التي يتمتع بها بفضل نجاحاته وتفوقه على الصعيدين العملي والاجتماعي.
لقد رسّخ لي هذا الموقف قناعة كبيرة تتملكني أن التوفيق بيد رب العالمين، فإذا لم ننجح مرات، سيأتي اليوم الذي نظفر فيه بنجاح كبير يعادل كل إخفاقاتنا السابقة مجتمعة ويزيد. فالنجاح حليف كل من يضحي من أجله. فكلما خسرنا أكثر كسبنا أكثر. الأشياء الغالية تنهكك قبل الحصول عليها.
الخسارة تجعلنا أكثر استعدادا وإقبالا على الفوز. لم يضر زميلنا التهكم وعدم الفوز بمسابقات مختلفة. فهو من فاز في النهاية وترك التعليقات الساخرة والثرثرة لغيره.
إذا كنت تعتقد يا صديقي أنك غير محظوظ فأنت مخطئ، فغيرك عانى أكثر منك وانتصر. المهم ألا يتلبسك هذا الشعور وتكف عن المحاولة، وتقلع عن الأمل. فهذا الشوك الذي يعترض طريقك سيكافئك لاحقا بورد.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها