أخبار اقتصادية- عالمية

آبي "المنتصر" يواجه تحديات إنعاش الاقتصاد الياباني والتهديدات الكورية

آبي "المنتصر" يواجه تحديات إنعاش الاقتصاد الياباني والتهديدات الكورية

حقق رئيس الوزراء الياباني المحافظ شينزو آبي أمس فوزا كبيرا في الانتخابات التشريعية المبكرة، ليشغل المنصب لولاية جديدة على رأس ثالث اقتصاد في العالم على خلفية تهديدات كوريا الشمالية.
وبذلك، يكسب رئيس الحكومة القومي رهانه ويبقى في السلطة حتى 2021 متجاوزا الرقم القياسي الذي سجله رئيس وزراء ياباني في البقاء في السلطة وكان نحو ثماني سنوات.
وبحسب "الفرنسية"، فإنه قبل هذه الانتخابات كان لتحالف آبي الحكومي 318 مقعدا في البرلمان لكن فضائح متكررة أثرت في صورته مع خشية من خسارته الانتخابات التشريعية المقررة أصلا بعد عام، ما دفعه الشهر الفائت إلى الدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة.
وبعد حملة قصيرة استمرت 12 يوما وتركزت على كوريا الشمالية والقضايا الاقتصادية، جرت عمليات الاقتراع أمس تحت أمطار غزيرة مع اقتراب اعصار قوي.
وإذا كانت الأحوال المناخية السيئة لم تؤثر في الجانب اللوجستي للانتخابات فإنها قد تكون أسهمت في زيادة عدم المشاركة علما بأن اليابانيين يستطيعون الاقتراع قبل أيام عدة من موعد الاستحقاق، وقدر عدد الذين صوتوا بـ 21.4 مليون ياباني من أصل 100 مليون ما يشكل رقما قياسيا.
وفي مواجهة شيخوخة السكان وانكماش يضر بالاقتصاد منذ عامين ونمو متعثر، يشدد آبي على ما حققته سياسته الاقتصادية من زيادة في الميزانية وسياسة نقدية ثابتة في مد السوق بالسيولة.
ورغم أن اليابان تعد ثالث قوة اقتصادية في العالم، لكن الأرخبيل يواجه تحديات كبيرة جيوسياسية وديموغرافية واقتصادية، فالأزمة مع كوريا الشمالية ليست جديدة، لكنها اتخذت أبعادا غير مسبوقة في الأشهر الأخيرة من خلال الإطلاق المتكرر للصواريخ حلق اثنان منها فوق اليابان في أقل من ثلاثة أسابيع وإجراء سادس تجربة نووية.
وتدعو حكومة شينزو آبي إلى تعزيز الضغوط على نظام بيونج يانج الذي يتمسك بمواقفه ويواصل تطوير أسلحته، متحديا كل قرارات الأمم المتحدة.
وتعاني اليابان من ظاهرة الشيخوخة المتسارعة الناجمة عن ازدياد طول العمر - واحد من الأطول في العالم - مضافا إليه تراجع معدل الولادات، وقد ولد أقل من مليون طفل في البلاد، وهذا ما لم يحصل من قبل، منذ وجدت الإحصاءات.
في المقابل، ثمة أكثر من 60 ألف شخص بلغوا سن المائة عام في البلاد، ويشكل الذين فاقت أعمارهم 65 عاما، 27.7 في المائة حتى الآن من عدد السكان، ومن المتوقع أن تناهز 40 في المائة في 2050، وتراجع اليد العاملة وهشاشة الحماية الاجتماعية هما الخطران الأكبران للمستقبل.
وتواجه اليابان صعوبة على صعيد العولمة، فمفاوضات اتفاقات التبادل الحر شاقة، وقد آبي نجح بعد أكثر من أربعة أعوام لإبرام الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي الذي لم تتحدد تفاصيله، في إبرام معاهدة عبر المحيط الهادئ مع 11 بلدا في منطقة آسيا - المحيط الهادئ، لكن الولايات المتحدة التي دفعته إلى ذلك في عهد باراك أوباما، انسحبت من الاتفاق في نهاية المطاف بناء على قرار من دونالد ترمب.
وتواجه المؤسسات اليابانية أيضا صعوبة في التصدي للتنامي الكبير للمجموعات الآسيوية، ولا سيما الصينية والكورية الجنوبية منها، وشركات أمريكية في مجالات كانت مع ذلك تسيطر عليها (المعلوماتية والتجهيزات الإلكترونية والسمعية –البصرية ...)، بسبب عدم تكييف طريقة عملها.
ومقارنة بمنافساتها الأجنبية، فهي تفتقر إلى التنشيط في بيئة تغيرت كثيرا بسبب التسارع الناجم عن الإنترنت، وتنسف فضائح متكررة أيضا صورتها لدى المستثمرين والمستهلكين.
ولم تتوصل اليابان إلى التخلص لمدة طويلة من الانكماش الذي يكبح منذ عقدين نشاط الأفراد والمؤسسات، على الرغم من تطبيق سياسة نقدية متساهلة وخطط لإنعاش الموازنة يفترض أن تشجع الإنفاق المنزلي واستثمارات المؤسسات.
وما زال المواطنون والمؤسسات اليابانية الذين خيبتهم الأزمات السابقة، يميلون إلى الادخار وتأجيل النفقات غير الضرورية إلى وقت لاحق، ولم يجد رئيس الوزراء بعد الطريقة المثلى لإعادة الثقة إلى نفوسهم.
واعترف آبي أخيرا بأن حجم الموازنة السنوية للإدارات العامة (بمعزل عن خدمة الدين) لن تستعيد توازنها في 2020 كما كان متوقعا، ويبرر هذا التأجيل الجديد بضرورة القيام بمزيد من الخطوات للأطفال (مجانية قسم من التعليم).
في الوقت نفسه، يؤكد آبي أنه لن يؤخر مرة أخرى الزيادة الجديدة في رسوم الاستهلاك، التي سترتفع من 8 في المائة حاليا إلى 10 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر) 2019.
وتحذر كل المنظمات الدولية، بدءا بصندوق النقد الدولي، وأعضاء في فريقه من الدين العام الهائل للبلاد - أكثر من 200 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي - ومن الخطر الذي يشكله ذلك.
من خلال سياسته الانعاشية التي أطلقها أواخر 2012 لدى عودته إلى الحكم، وعد آبي بعدد من الإصلاحات البنيوية (رفع القيود وإعادة النظر في قوانين العمل وتعزيز وضع المرأة وإصلاحات زراعية)، لكن قليلا منها أحرز تقدما، ويعتبر المحللون أن البلاد لن تتوصل من دون هذه الإصلاحات الأساسية إلى التخلص من مشاكلها.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية